رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

احمد فودة يكتب :تفكيك دولة البلطجة في مصر

بوابة الوفد الإلكترونية

بعد أن استطاع الرئيس محمد مرسي القضاء على قيادة الثورة المضادة في مصر من خلال الإطاحة بقيادات المؤسسة العسكرية في 12 أغسطس الماضي، كان لا بد من التوجه مباشرة إلى المفاصل الأمنية لهذه الثورة والمتمثلة في الأجهزة الأمنية خاصة تلك التابعة لوزارة الداخلية، وكذلك ميلشيات البلطجة التي تعد بمثابة دولة داخل الدولة، لها رئيسها وجيشها الذي يتعدى النصف مليون بلطجي، حسب الأرقام الرسمية المسجلة لدى وزارة الداخلية وعدد من الأجهزة السيادية، التي كانت تستخدم هذا الجيش الجرار في القيام بالمهام القذرة للنظام السابق، من قبيل تزوير الانتخابات وتأديب المعارضين ونهب ثروات الوطن.

وقد استطاع الرئيس توجيه ضربة قاصمة لدولة البلطجة تلك من خلال القبض على رئيسها المدعو صبري نخنوخ مع عدد من البلطجية وكميات كبيرة من الأسلحة. وذلك قبل يوم واحد من المظاهرات التي دعا لها معارضون للرئيس أشهرهم عضو مجلس الشعب السابق محمد أبو حامد.
وبمجرد القبض على رئيس دولة البلطجية، بدأت تتكشف الكثير من خفاياها وعلاقاتها المتشعبة سواء الداخلية والخارجية. فعلى المستوى الداخلي بدأت تظهر العلاقات الوثيقة بين دولة البلطجة تلك وبين أركان النظام السابق الذين استخدموا هؤلاء البلطجية في مواجهة الشعب المصري خلال ثورة يناير، وكانوا مسؤولين عن قتل الشهداء وعن اقتحام السجون وإطلاق سراح  المجرمين لإشاعة الفوضى في البلاد وإجبار الثوار على التراجع أمام النظام.
واستمر الدور الذي تلعبه دولة البلطجية لصالح النظام السابق حتى بعد تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، وذلك بسبب استمرار السلطة في أيدي بقايا هذا النظام التي كانت تحاول إعادة إنتاج النظام مرة أخرى معتمدة على تخويف الناس من الفوضى والبلطجة التي انتشرت بشكل كبير عقب نجاح الثورة. وقد شاهدنا كيف قام هؤلاء البلطجية تحت رعاية وزارة الداخلية والشرطة العسكرية بقتل المتظاهرين في الأحداث التالية للثورة، خاصة في أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء والعباسية.
ولم تتوقف علاقات دولة البلطجية عند حدود النظام السياسي، بل تعدته إلى العديد من مؤسسات وفئات المجتمع الأخرى. حيث بدأت تظهر العلاقات التي تربطها بنخبة الفن والإعلام، وكذلك الأمر بالنسبة للكنيسة المصرية التي لعبت أدوارا سياسية غاية في الخطورة طوال العقود الثلاثة الماضية، سواء في تقديم الدعم للنظام السياسي أو في محاولتها لبناء دولة نصرانية في مصر عبر الاعتماد على الحصول على امتيازات طائفية غير مسبوقة من النظام السياسي جعلها دولة فوق الدولة المصرية، مستندة في ذلك إلى القوة المفرطة التي تحصل عليها ابن الكنيسة صبري نخنوخ رئيس دولة

البلطجية.
وتتشابك علاقات دولة البلطجة الداخلية والخارجية، فنرى من خلال المعلومات التي بدأت تتكشف تلك العلاقة التي تربط نخنوخ بقادة مسيحيين في لبنان، سهلوا له مهمة التواجد في بيروت لشهور طويلة بعد الثورة، فضلا عن العلاقة التي بدأت تظهر مع حزب الله اللبناني من خلال قيام بلطجية نخنوخ بتهريب أحد رجال الحزب المعتقلين والذي كان متهما في قضية الخلية الإرهابية التي تم القبض عليها في سيناء منذ عام 2009.
ثم تظهر أيضا في العلاقة التي ربطت بين رئيس حزب القوات اللبنانية المسيحية سمير جعجع وبين بعض السياسيين المصريين وفي مقدمتهم محمد أبو حامد الذي تلقى منه تمويلا كبيرا للقيام بالدعوة إلى تظاهرات مليونية لإسقاط النظام الجديد الذي أتت به الثورة بقيادة جماعة الإخوان المسلمين. حيث كان من المفترض أن تلعب دولة البلطجة بقيادة نخنوخ دورا مهما من خلال نشر أكثر من أربعة آلاف بلطجي في المدن الكبرى، خاصة في القاهرة والإسكندرية، من أجل القيام بأعمال القتل والسرقة لإشاعة الفوضى وإظهار الرئيس مرسي وكأنه غير قادر على التحكم بالأمور، فيكون ذلك مقدمة لانقلاب عسكري كان يفترض أن يقوم به قادة الجيش الذين أطاح بهم مرسي قبل الأحداث بأيام قليلة، الذي اتجه بعد ذلك إلى تفكيك دولة البلطجية، من خلال توجيه فرقة تابعة للمخابرات الحربية مع بعض رجال وزارة الداخلية الموثوقين، للقبض على نخنوخ ورجاله لإجهاض المخطط.
ويبدو أن القبض على رئيس دولة البلطجية لن يؤدي إلى تفكيك أركان تلك الدولة فقط، بل سيكشف الكثير من أسرار العلاقات الوثيقة التي ربطتها بالعديد من النخب سواء داخل مصر أو خارجها.
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية