رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ممدوح طه يكتب : عدم الانحياز ائتلاف دولي رغم الاختلاف

بوابة الوفد الإلكترونية

أخيراً.. وصل قطار حركة عدم الانحياز في موعده إلى محطته السادسة عشرة في العاصمة الإيرانية طهران قادماً من المدينة المصرية شرم الشيخ، حيث تختتم اليوم قمة دول عدم الانحياز مؤتمرها في أكبر تجمع لها بإعلان قراراتها وبيان طهران، بمشاركة مائة وعشرين دولة مستقلة لم تنضم أي منها إلى حلف وارسو في الشرق أو حلف الأطلسي في الغرب، ولهذا مثلاً لم تشارك دولة إقليمية كبيرة مثل تركيا في هذه القمة لأنها عضو في حلف الأطلسي.

ويأتي انعقاد هذه القمة الدولية التي تمثل قارات العالم الخمس بمشاركة حشد من الرؤساء وأمناء المنظمات الدولية والإقليمية كمنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي، في مقدمتهم الرئيس المصري محمد مرسي الذي ترأست بلاده القمة السابقة لها، وذلك في أول زيارة لرئيس مصري لإيران منذ ثلاثين عاماً، وبان كي مون السكرتير العام للأمم المتحدة الذي أصر على المشاركة رغم المحاولات الصهيونية والأميركية المعارضة.
وسبقت القمة محاولات إسرائيلية لشحن الأجواء بنذر الخطر وذلك بألعاب إعلامية نارية بالتهديد بضرب المنشآت النووية الإيرانية، حيث ترى انعقاد المؤتمر الدولي الكبير بإيران كسراً لطوق العزلة عنها، بما يمثل انقلاباً دبلوماسياً إيرانياً على محاولات الحصار الغربي، كما شاركتها أميركا في الخط الموازي بحملة سياسية وإعلامية لتحذير قادة الدول غير المنحازة من أن التوجه إلى إيران وسط هذه الأجواء الدولية المشحونة يبدو رسالة غير ودية لواشنطن!
هذه القمة عقدت فعلاً في ظروف إقليمية ودولية غاية في التشابك والتوتر وسط صراعات سياسية بين محاور مختلفة، وفي منطقة حساسة ومتفجرة من العالم، وفي أجواء مشحونة بنذر المواجهة مالم يوقف العالم تداعياتها الخطرة، ما يضاعف أهمية هذا المؤتمر الدولي الكبير بملفاته الساخنة بالزمان والمكان بالمنطقة الحافلة بالصراعات المعقدة، وفي ظل نظام دولي غير متوازن وغير عادل بضغوطه وتدخلاته وعقوباته وتهديداته لدول مستقلة، ومن هنا أهمية خروج القمة بحلول سياسية جادة وواقعية وعادلة للأزمات المطروحة.
الأزمة السورية الدامية بتشابكاتها الدولية وبتداعياتها الإقليمية كانت من أبرز الملفات الملحة التي طرحت نفسها بقوة في هذا المؤتمر، ورغم أنها لم تكن بنداً على جدول أعماله للاختلاف في التوصيف والحل، إلا أنها عولجت في إطار المبادرتين الإيرانية والمصرية، فمحور يرى أنها ثورة شعبية ويرى الحل في عسكرة الثورة وفي التدخل العسكري الدولي خارج إطار مجلس الأمن الدولي لإسقاط النظام، وهو المحور الذي ترعاه أميركا والغرب دولياً وتركيا إقليمياً.
فيما ترى سوريا أنها مؤامرة دولية لتدمير الدولة السورية وليس لإسقاط النظام وذلك بالغزو من الداخل بواسطة عصابات مسلحة بدعم الخارج لإجبار سوريا على الخضوع للهيمنة الأميركية والصهيونية بالمخالفة للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة، وترى الحل سياسياً بالحوار الوطني وليس بالاقتتال الداخلي والتدخل الخارجي، بالمخالفة للنقاط الست لمهمة المبعوث

الأممي والعربي بقرار المنظمة الدولية، وهو المحور الذي ترعاه روسيا والصين دولياً وإيران إقليمياً.
من بين أهم الملفات التي بحثتها القمة، مسألة نزع السلاح النووي، وتحويل الشرق الأوسط بما فيه إسرائيل إلى منطقة خالية من الأسلحة النووية، مسألة إصلاح النظام الدولي وصولاً إلى نظام سياسي دولي ديمقراطي جديد يحفظ استقلال وسيادة ووحدة الدول غير المنحازة الرافضة للخضوع لهيمنة القطب الواحد، وإصلاح الخلل في العلاقات الاقتصادية الدولية بما يضمن تعاوناً دولياً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستقلة وصولاً إلى نظام اقتصادي عالمي جديد.
لم تكن رحلة الحركة الدولية الكبيرة لعدم الانحياز التي تضم الآن ثلثي أعضاء منظمة الأمم المتحدة، في أي محطة من محطاتها الست عشرة تسير في ظروف دولية سهلة ولا هينة بل كانت دائماً في قلب الأزمات الإقليمية والدولية، منذ تبلور فكرتها في باندونج الاندونيسية عام 1955، إلى إعلان دعوتها في مؤتمر بريوني عام 1960من الزعماء المؤسسين الثلاثة المصري جمال عبدالناصر، والهندي جواهر لال نهرو، واليوغسلافي تيتو، إلى انطلاق حركتها عام 1961 من محطتها الأولى في بلغراد ن ت اوا اد رارة وتفجراً ظل ارب اردة التي تحولت إلى ساخنة في ظل طر وب ارب اوو ن اطن ول أز اوار اروسية د او ار ا زو «و»..
مروراً بالقمة الثانية في القاهرة والثالثة في دلهي وسائر المحطات التالية وحتى آخر المحطات في طهران في الطريق إلى كاراكاس في دورتها المقبلة، بما يجعل الترويكا الراعية للدورة الحالية برئاسة الرؤساء الإيراني أحمدي نجاد، والمصري محمد مرسي، والفنزويلي هوغو شافيز، بما يعكس الائتلاف رغم الاختلاف، والتعاون بين القارات والأيديولوجيات والحضارات.
في النهاية.. عنما سئل الرئيس عبدالناصر لماذا دعوت إلى سياسة عدم الانحياز قال الرجل: "إننا مستقلين ولسنا تابعين، حتى لا نكون الشريك الأصغر لدولة كبرى".

نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية