عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جهاد الخازن يكتب:(يُقتلون والعالم «المتحضر» يغمض العيون)

جهاد الخازن
جهاد الخازن

الخبر السوري، بما فيه من قتل يومي، في حرب أهلية تهدد بأن تفيض عن حدود سورية الى الجيران، يحظى بتغطية يومية كثيفة في وسائل الإعلام العالمية، إلا أنني لاحظت وأنا أرصد أهم الأخبار الأسبوع الماضي أن خبرين آخرين نافسا الوضع السوري.

هما منح حكومة إكوادور جوليان اسانج، مؤسس ويكيليكس، اللجوء السياسي بعد لجوئه الى سفارتها في لندن، وصدور حكم بالسجن على ثلاث شابات من فرقة «بنك روك» روسية اسمها «بوسي رايوت،» أختار للقراء أسماءهنّ الأولى يكاترينا (30 سنة) وماريا (24 سنة) وناديجديا (22 سنة).
الانطباع العام أن مشكلة اسانج هي في ظاهرها مع السويد، حيث اتهمته شابتان بالاعتداء الجنسي عليهما، إلا أنني أراها مع الإدارة الاميركية والكونغرس قبل أي طرف آخر.
موقع ويكيليكس كشف فضائح فساد رسمي في كينيا، ونفايات سامة في غرب افريقيا، ووثائق طائفة «ساينتولوجي»، ومليوني رسالة الكترونية سورية، إلا أن لا أحد يطالب به في أي من هذه القضايا أو غيرها.
كل مشكلته هو أنه في نيسان (ابريل) 2010 نشر 250 ألف رسالة ديبلوماسية اميركية شملت مئة بلد تلقاها من برادلي ماننغ، وهو خبير معلومات في الجيش معتقل منذ 800 يوم ويواجه السجن 52 سنة إذا دانته المحاكم.
السويد لم تتهم اسانج بشيء بعد، وإنما تريد التحقيق معه في التهم التي وجهتها الشابتان إليه، وقد لاحظت أن هذه التهم لم تُنشر إلا قرب نهاية 2010 وبعد صعود شهرة ويكيليكس، وليس عندما وقع الاعتداء المزعوم.
أهم من ذلك أن رسميين اميركيين وصفوا اسانج بأنه «إرهابي تكنولوجيا»، ومجلس الشيوخ يريد محاكمته بموجب قانون التجسس، والحكومة الاميركية تحث السويد كل يوم على المطالبة به، والأرجح أنها ستطلبه من السويد إذا وصل اليها. وأزيد أن اسانج قَبِلَ أن تحقق معه السويد في بريطانيا، أو في سفارة إكوادور في لندن، ورفضت السلطات السويدية.
هو يدرك أن مشكلته مع اميركا، التي تريد أن تعاقبه بعد أن فضح مؤامرات الادارة، وبعد أن وزع موقع ويكيليكس فيديو لهجوم طائرة هليكوبتر اميركية على مدنيين عراقيين في أحد شوارع بغداد وقتْلهم. ولاحظت أنه عندما خاطب اسانج العالم من على شرفة سفارة إكوادور، وجَّه كلامه الى الولايات المتحدة قبل غيرها، حتى والسويد تطالب به وبريطانيا تهدد باعتقاله إذا غادر السفارة.
الإدارات الاميركية المتعاقبة تتحدث عن غياب الديموقراطية في

بلادنا، وهذا صحيح، وتدعو الى إطلاق الحريات، بما فيها حرية الكلام، والصحافة تحديداً، إلا أنها لا تريد أن تكون الصحافة حرة في كشف أسرار حروبها وعدوانها على العرب والمسلمين.
قضية أسانج وويكيليكس مهمة من نواحٍ عدة، وتبدو قضية «بوسي رايوت» بالمقابل خبراً اجتماعياً، إلا أن الميديا الغربية اختارت أن تنافس بها كل خبر آخر، بما في ذلك الخبر السوري.
القضية هي أن أعضاء الفرقة الثلاث غنين ضد الرئيس فلاديمير بوتين ورقصن في أهم كاتدرائية في موسكو.
شخصياً أؤيدهن في انتقاد بوتين، إلا أنني لا أفهم اختيار كاتدرائية أرثوذكسية للرقص والغناء سوى أن البنات طالبات شهرة، وارتدَّت المحاولة عليهن، فالكنيسة الأرثوذكسية الروسية ذات قاعدة شعبية هائلة، وقد ثار الكهنة جميعاً ومعهم الناس على المغنيات الثلاث، وهن انتهين أمام محكمة أصدرت على كل منهن حكماً بالسجن سنتين.
أساس الحكم ليس انتقاد بوتين، وإنما الغناء والرقص في كاتدرائية، ويمكن أن نتصور حجم ردود الفعل لو أن مجموعة مماثلة انتهكت حرمة مسجد أو كنيس أو معبد بوذي.
الصحافة الغربية تجاوزت الكاتدرائية لتركز على دكتاتورية بوتين، وأصبحت تنشر للمغنيات آراء سياسية عن ثورة قادمة. وكانت هناك تظاهرات أمام معظم السفارات الروسية حول العالم، ونُظمت مؤتمرات ومهرجانات لنصرة المغنيات الثلاث، مع تعتيم متعمَّد على الخطأ الفاحش في انتهاك حرمة الكاتدرائية واستفزاز ملايين الروس.
كل يوم هناك خبر جديد عن اسانج و «بوسي رايوت»، فيما السوريون يُقتلون والعالم الغربي «المتحضر» يغمض العيون عن مأساتهم المستمرة، فلا يساعدهم بأكثر من الكلام وفرك الأيدي.
نقلا عن صحيفة الحياة