رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عدنان سليم أبو هليل يكتب :نجاحات الإخوان.. الدلالات والمستفادات

عدنان سليم أبوهليل
عدنان سليم أبوهليل

أن يعين الرئيس "مرسي" أربعة مساعدين وسبعة عشر مستشارا وكان من قبل عين نائبا له وأنهى سطوة المجلس العسكري على القرار السيادي.. ذلك كله إنجازات ثورية للشعب المصري تتحقق على أرض الواقع.

وقد صارت إدارة مصر منذ اليوم شعبية جماعية كما لم تعد الرئاسة محتكرة أو مقصورة على شخص الرئيس مهما ادعى أنه وحيد دهره وفريد عصره الذي ضنت بمثله الأعصار وطنت بذكره الأمصار.. ومنذ اليوم لم يعد في مصر من يدعي ملك الصواب المطلق أو من يطمع في تحريك التسعين مليون مصري بضغطة زر كما أراده عبد الناصر، ولا من يتفاجأ أقرب المقربين منه بقرار ذهابه في زيارة مصالحة للعدوة " إسرائيل " ثم يوقع اتفاقية عار مثل " كامب ديفيد " التي انتقصت مصر وسيادتها كما فعل السادات، ولا من يرى مصر بمالها وناسها وتاريخها وراثة حصرية فيه وفي ابنه وعائلته كحسني الساقط.. وأقول :
هذا الذي تحقق في مصر لم يكن ليتحقق بالرئيس وحده، ولا بالإخوان وحدهم، ولا بالشعب المصري وحده، أما الرئيس فبدون الثورة لم يكن أكثر من رجل له آراء سياسية وفكرية معارضة وله في الشعب المصري بهذا المعنى أمثال وأشباه بالآلاف إن لم يكن بالملايين وهذا لا يقلل مما عليه السيد " مرسي " من مميزات شخصية وفكرية ومما للرئاسة من قيمة اعتبارية تجعل أفكار الرجال قرارات وسياسات ينهض بها البلد كله.. وأما جماعة " الإخوان المسلمين " فلم تكن وحدها ومع كل مصداقيتها ووضوح فكرتها واتساع رقعتها واقتدارها على التحرك والتحريك.. لم تكن قادرة على فعل مؤثر وهي المتهمة والمظلومة قبل الثورة ولم تكن أكثر من جماعة إسلامية راديكالية متطرفة ومحظورة في نظر الكثيرين.. والشعب المصري أيضا لم يكن لوحده قادرا على فعل شيء مع ما في هذا الشعب من طاقات وإمكانات بشرية وعلمية وعسكرية وروحية وحزبية وقد مر عليه سنون طويلة كان خاضعا فيها للطواغيت المتفرعنين عليه بضعفه أو بخوفه من الطاغية وأولاده وأهل بيته والحفنة من أنصاره الذين أفسدوا ذات بينه وسخروه في نزواتهم..
الثورة انطلقت وها هي تحصد إنجازاتها وانتصاراتها وها هو شمل الرئيس المميز يجتمع بالحزب المميز ليجتمعا معا بالشعب وإمكاناته وها هو كل مقوم من هذه الثلاثة يعطي للآخر بقدر ما يأخذ منه.. ما يجب نظره وتفسيره بموضوعية هو وجود " الإخوان المسلمين " في هذه التوليفة والدور الهائل الذي يؤدونه الآن.. البعض قد يجادلون في دور الإخوان ونجاحاتهم أو في مركزية أهميتهم وهؤلاء نسألهم : ألم يفز الإخوان المسلمون في الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية؟ فلماذا فازوا على كل الاتجاهات من إسلاميين وليبراليين ويساريين وفلول ومستقلين وأحزاب قديمة وحديثة؟ والسؤال الأهم : كيف استطاعت هذه الجماعة بناء كل هذه الثقة مع الشعب المصري الذي نشأ فيه أكثر من ثلاثة أجيال بعد انقلاب عبد الناصر كلها لا ترى في الإخوان إلا جماعة محظورة ولا تسمع عنهم إلا كمتطرفين وإرهابيين ومطاريد؟ الشيء نفسه حدث في تونس وفلسطين وتركيا والمغرب وها هو يحدث في طول بلاد المسلمين وعرضها.. أليس لافتا أن يحقق الإخوان كل هذا الإنجاز مع أنهم لم يغيروا منذ انطلقت دعوتهم قبل ثمانين سنة شيئا من رؤيتهم ولم يتنازلوا عن شيء من مقاصدهم وغاياتهم أو عن شيء من معاني ومضامين الإسلام البعيدة أو القريبة.. ومعلوم أن كل ما كتبه الشهيد " حسن البنا " مؤسس الجماعة ومرشدها الأول آنذاك لا يزال يدرس في كتاتيبها ويلقى في مواعظها وتدور حوله مناشطها وحياتها..
على المصلحين والثوار والتغييريين والإسلاميين منهم على الخصوص أن يضعوا تجربة " الإخوان المسلمين " الناجحة في عين اهتمامهم، وأن يعيدوا حساباتهم على ضوء ذلك في غاياتهم ووسائلهم ومحدداتهم وخطابهم واهتماماتهم ؛ فكثير من التباعدات والحزازات بينهم وبين " الإخوان " كان أصلها سوء الظن أو اختلاف النظر لجدوى الخيارات السياسية؟!
هذا لا أقوله شماتة ولا تعييرا لأحد ولكن من قبيل الحرص على جمع مكونات التكامل الإسلامي بين جماعات الإسلام وأحزابه وأشخاصه.. فتجربة " الإخوان المسلمين " فيها يتمثل الإسلام بشموليته دون تنازل عن قيمة أو خلق أو موقف منه، وقد نجحت في الوصول إلى الجماهير رغم كل ما ووجهت به من التعويق وأسباب المنع ومكر الليل والنهار، ولكن أقوله وعيني على " الإخوان " الذين أحترمهم وأحترم تجربتهم ونجاحاتهم أن لا يأخذهم الغرور لما أخذ

إليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في " حنين " إذ أعجبتهم كثرتهم فلم تغن عنهم شيئا وضاقت عليهم الأرض بما رحبت ثم ولّوا مدبرين.. وأقوله وعيني على إسلاميين آخرين طالما اتهموا " الإخوان " بالتلكؤ في مسألة " الجهاد " وبعدم الجدية في مواجهة الخصوم ؛ فاختطوا لأنفسهم غير خطهم ثم قاموا يصنعون جهادا ويسطرون فيه دماء لها علاقة بضيق أفقهم وبسارة فهمهم وليس لها علاقة بالإسلام ولا بالواقع فأساؤوا من حيث أرادوا الإصلاح وعزلوا أنفسهم ثم ها هم يفشلون ولا يصلون إلى شيء.. وأقوله وعيني على بعض الإسلاميين الذين ظنوا أن منافسة الخصوم ومدافعة الجاهلية تورطهم في اللاسلامة واللاأمن وتعيق الدعوة فإذا بهم ينتقصون من الإسلام باب الجهاد، وباب المحاججة، وباب الحكم، وباب الاقتصاد.. واخترعوا لأنفسهم جهادا هو أقرب للتصوف القديم في برودته وانعزاله واكتفائه من الدين بأشكال وقشور لا روح فيها وتسلوا بها عن العزائم وعن القضايا الكبيرة للأمة.. وأقول هذا وعيني على إسلاميين ارتضوا من الإسلام بالبيان وارتكنوا على التقرب من السلطان ليمهد لهم الناس ويوطئ لهم الرقاب فصاروا عالة عليه وتحت رحمته بقدر ما ابتعدوا عن الناس وفقدوا لغة الحوار والوصال.. أخيرا أقول هذا وعيني على فئة أخرى من الإسلاميين انتهجوا التنظير الجدلي لأفكارهم واعتبروه غاية الجهد والجهاد ومنتهى المطاف فانعزلوا عن التربية والتقويم وأرادوا أن " يتأستذوا " على الناس بجدليات لا عواطف ولا نوازع فيها متوهمين أن هدم الجدار الفكري في إنسان لم يفهم الإسلام يصيره فورا وبالتلقائية إنسانا صالحا ومسلما كاملا ومؤمنا مجاهدا وحول ذلك ظلوا يدندنون واستمروا يدورون فتراخت عليهم عشرات السنين فيما الأحداث تجاوزتهم والناس تكاد تنساهم..
لقد كشفت التغييرات في مصر عن دور ووزن الإسلام السياسي، ثم عن دور ووزن " الإخوان المسلمين " كأكثر جهة إسلامية وإصلاحية نالت ثقة الجماهير والنخب المؤثرة، كما أكدت أن النصر الحقيقي هو في الالتحام بالشعوب وتوظيف ثقلها لا بمعاندتها ولا باستفزازها ولا باستهدافها ولا بتكفيرها والخروج عليها، وأكدت أنه يتحقق باجتماع العامل ( أو الحامل ) البشري مع المناهج الصافية ما لا يتحقق بالسلاح وحده، وأن الجهاد الحقيقي هو في التزام الإسلام بكليته وليس بالتنازل عنه أو عن أجزاء منه ولا بالاكتفاء بشكل أو بمظهر منه مهما رآه المكتفي به أساسيا.. ودللت التغييرات على أن النصر إنما يتحقق بالارتكان على النفس وعلى أصحاب الدعوة الحقيقيين وبالعمل الدؤوب والدخول إلى كل تفاصيل المواجهة مع الباطل وأهله وأعوانه وليس بالارتكان على الآخرين ولا بالارتكاز على المناظرات الذهنية الثقيلة والمجادلات العقيمة الجامدة..
آخر القول : تجربة " الإخوان المسلمين " كجماعة تعيش ظروفا استثنائية من المنع والتعويق.. هي تجربة تستحق وبالأخص بعد نجاحها وما تحققه اليوم لذاتها وشعبها وأمتها.. تستحق إعادة النظر فيها وإعادة تقويمها وتحليلها.. وإعادة البحث عن كيفية ومواضع الاستفادة منها..
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية