أسامة غريب يكتب :يالَهَوان الكتابة!
الشاعر الكبير سيد حجاب هو واحد من أبرز الشعراء في عصرنا وأكثرهم موهبة وتوقداً. ظهرت بواكير قصائده منذ الستينات، ودفع به احساسه العالي وقدرته على تطويع المعاني الى مقدمة الصفوف.
كما غنى كلماته الكثير من المطربين والمطربات.غير ان الجمهور الواسع لم يتعرف عليه من خلال دواوينه الشعرية مثل ديوان «صياد وجنيّة» ولا من خلال ندواته ولقاءاته الثقافية ولا حتى من خلال أغانيه المذاعة بالراديو، وانما اندلعت شهرته الواسعة وما صاحبها من حب الناس من خلال تترات المسلسلات التي كتب العشرات منها طيلة السنوات السابقة مثل «ليالي الحلمية» و«أرابيسك» و«العائلة» و«الأيام» و«المرسى والبحار» و«الوسية» و«بوابة الحلواني» و«أميرة في عابدين» و«الليل وآخره» وغيرها. وما ينطبق على سيد حجاب في هذا الشأن ينطبق أيضاً على شاعر كبير وأصيل هو عبدالرحمن الأبنودي الذي كتب أشعاراً ودواوين عديدة بداية من «الأرض والعيال» ثم «الرحمة» و«جوابات حراجي القط» و«أحمد إسماعيل» و«أنا والناس» و«سيرة بني هلال» و«المشروع والممنوع» وغيرها، كما كتب عشرات الأغاني لكبار المطربين، ومع ذلك فان الجمهور الواسع تعرف عليه بصورة أكبر من خلال المسلسلات التي تابعها الملايين على الشاشة والتي شكلت مقدماتها ونهاياتها الغنائية جزءاً أساسياً من دراما الأحداث، ومنها مسلسل أبو العلا البشري ومسألة مبدأ والنديم وذئاب الجبل وغيرها. واستطيع القول أنه من بين كبار الشعراء أصحاب الذيوع والتأثير يقف الشامخ أحمد فؤاد نجم منفرداً بحسبانه الشاعر الوحيد الذي طبقت شهرته الآفاق وعبرت الحدود دون ان يساعده التلفزيون أو الإذاعة عندما كان ممنوعاً من الاقتراب منهما أثناء المنع والحصار الحكومي له ولصاحبه الشيخ إمام.. ولكن هذه الحالة تعتبر استثناء ولا تنفي فضل التلفزيون على المبدعين في إيصال أصواتهم للناس أسرع من أي وسيلة توصيل أخرى.
ولا يقتصر التأثير الواسع للتلفزيون على الشعراء وكتاب الأغاني فقط، لكنه طال أديباً موهوباً بحجم أسامة أنور عكاشة بدأ حياته قاصاً وكاتباً للرواية لعدة سنوات كتب خلالها المجموعة القصصية «خارج الدنيا» عام 67 ورواية «أحلام في برج بابل» التي نشرت عام 1973 والمجموعة القصصية «مقاطع من أغنية قديمة»
وشخصياً يمكنني أن أشهد للتأثير الرهيب للتلفزيون في التعريف بالكتاب والشعراء في مجتمعاتنا التي تنخفض فيها نسبة القراءة الى درجة مخجلة بينما ترتفع نسبة المشاهدة الى عنان السماء. لقد كتبتُ القصيدة الشعرية والمقال الصحافي والرواية والقصة القصيرة، وكتبي بالمكتبات تحقق مبيعات عالية والحمد لله..ومع هذا ففي العادة حين يسلم الناس على في الشارع فانما يفعلون هذا معي باعتباري فلاناً الذي شاهدوه بالتلفزيون ضيفاً على برنامج كذا..فيالهوان الكتابة!.
نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية