عبد الرحمن الراشد يكتب :ترويض الصحافيين المصريين
لأن الرئيس المصري محمد مرسي في شهر العسل، لم تظهر له الصحافة المصرية بعد أنيابها، بل معظمها تدلّله وتعامله برفق. علاقة المجاملة هذه متوقعة فهي بداية رئاسته، ولا يلام على تركة حكم ثلاثين سنة ورثها عن سلفه حسني مبارك. إنما أذهلنا عندما جر إسلام عفيفي، رئيس تحرير جريدة «الدستور»، للمحكمة بتهمة إهانة الرئيس والتحريض عليه بسبب خبر كتب قبل أن يصبح مرسي رئيسا!
الجميع ينتظر؛ فالمحكمة تصدر حكمها نهاية الشهر، فإن أمرت بحبسه.. سنتفرج على معركة إعلامية حامية الوطيس، لأن الإعلاميين في مصر أكثر شراسة من العسكر، ومهما استخدم من سلطاته لملاحقة ناقديه سيكتشف في النهاية ما اكتشفه من قبله مبارك، سكت على مضض لأنه فشل في تكميم الإعلاميين. وقد جرب وسائل، ليس بينها السجن إلا مرة واحدة، حيث دفع مكافآت ضخمة لمن استمالهم من المعسكر الآخر ونقلهم للعمل في مؤسسة الدولة الإعلامية الرسمية، وحتى هذه لم تفلح في إسكاتهم.
مرسي، ومن معه في القيادة، اعتادوا الجلوس في كراسي المعارضة ولم يعتادوا على أسوأ ما في الحكم؛ نقد الصحافة.
والإعلام المصري اشتهر بصوته العالي. وهو اليوم، ومنذ ثورة 25 يناير العام الماضي، يحتكر السوق، وكل المراتب الأولى الإعلامية أصبحت مصرية، بعد أن كانت مختلطة، والسر هو في سقف الحرية المرتفع بعد إزاحة نظام مبارك، فكيف سيعيد مرسي الجني إلى القمقم؟ كيف للرئيس الجديد أن يروض الإعلام المصري الذي صار رقما مهما في العملية السياسية والاجتماعية؟ مرسي، أو حزبه، أفلح ووظف الموالين له في وسائل الإعلام القومية، أي الحكومية، وهي نحو خمسين صحيفة ومجلة، لكن في مصر نحو مائة وعشرين وسيلة مستقلة أخرى مرخص لها، وهناك سبعة آلاف صحافي مسجلون في النقابة. ثم كيف ينوي إسكات الجيش الكبير من المنخرطين في الإعلام الاجتماعي، نحو عشرة ملايين مصري يتعاطون النقاش في «فيس بوك» و«تويتر»
هذا كان مبارك، أما مرسي يفترض به أن يتذكر أن الشرعية التي جاءت به رئيسا مبنية على الحرية والتعددية، فهل يعقل أن يكون أول قرارات في عهده حبس صحافي وإغلاق محطة تلفزيون؟
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط