رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سليمان جودة يكتب :ذنب لم يرتكبه مراد موافي

بوابة الوفد الإلكترونية

عندما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات، في يونيو (حزيران) الماضي، فوز الدكتور محمد مرسي، بمنصب الرئيس، شاع بين المصريين، أن أجهزة في الدولة، ليست مرتاحة بالقدر الكافي، إلى إعلان فوزه، وكان جهاز المخابرات المصرية، من بين الأجهزة السيادية التي قيل وقتها، إنه، كجهاز سيادي كبير، متحفظ إزاء إعلان فوز مرشح الإخوان بالرئاسة!

ومما قيل وقتها، وتداوله المصريون، فيما بينهم، إن تحفظ الجهاز على فوز الدكتور مرسي، ليس رفضا له، كشخص، ولا اعتراضا حتى على النتيجة التي انتهت إليها اللجنة العليا، وإنما لأنه، كجهاز، كان قد نشأ في مطلع الخمسينات من القرن الماضي، على يد زكريا محيي الدين، أحد أعضاء مجلس قيادة ثورة يوليو 1952 لم يتعود منذ نشأ، إلا على التعامل مع رئيس ذي خلفية عسكرية، بدءا بعبد الناصر، ومرورا بالسادات، وانتهاء بمبارك، وبما أن الرئيس الجديد، لا يملك هذه الخلفية، التي ينتمي إليها الجهاز ذاته، فقد كان هذا في تقديري، هو سبب تحفظه إزاء فوز الرئيس مرسي، هذا إذا كان التحفظ في الأصل، له ظل من حقيقة.
ويبدو أن قادة الجهاز بدءا باللواء مراد موافي، ووصولا إلى أصغر عنصر فيه، قد أدركوا بعد إعلان نتيجة الرئاسة، بأيام، أنه لا بد مما ليس منه بد، وأن الدكتور مرسي رئيس منتخب للبلاد، وأن عليهم بالتالي أن يتعاملوا معه، بشكل طبيعي، على نحو ما كان التعامل يجري مع رؤساء البلد الثلاثة السابقين.
وكان اللافت للانتباه أن اللواء موافي كان تقريبا المسؤول الوحيد الذي رافق الدكتور مرسي، في أول رحلتين خارجيتين قام بهما، وقد كانت إحداهما إلى المملكة العربية السعودية، وكانت الثانية إلى إثيوبيا.. كان هو المسؤول البارز الوحيد المرافق لرئيس الدولة، إذا استثنينا المسؤولين الذين تقتضي طبيعة الرحلة وجودهم، كوزير الخارجية، على سبيل المثال، في كلتيهما، أو وزير الري في الثانية.
ولم يكن وجود موافي في الرحلتين وجودا مخفيا، إذا جاز التعبير، كأن يجري الإعلان عنه، في خبر الرحلة، في الصحف، ثم لا يظهر، أو تظهر له صورة، كما كان يحدث من قبل مع مبارك وعمر سليمان، وإنما كان وجودا حاضرا، وكان يبدو في صور كثيرة إلى جانب الرئيس، ولم يكن أحد يعرف، وقتها، ما إذا كان ذلك قد تم عن قصد، من الرئيس، بهدف إذابة الجليد بينه وبين الجهاز، أم أن أمورا أخرى، هي التي اقتضت وجود الرجل إلى جوار رئيس الدولة، يرافقه كظله، في كل خطوة.
في كل الأحوال، مضت الرحلتان بسلام، وبدا وكأن الجهاز السيادي الكبير، قد بدأ يوطن نفسه على التعامل مع رئيس جديد للدولة، لا يجوز أن يكون بينهما، كطرفين، أي حاجز أو حجاب. وبعد الرحلتين، مضت أيام، لنجد أنفسنا أمام حادث رفح الشهير، وجها لوجه، وخرج اللواء موافي، في أعقاب الحادث، ليقول لوكالة «الأناضول» التركية، إنه كان قد توافرت عنده معلومات، عن العملية كلها، وإنه قد وضعها أمام «الجهات المعنية».. ثم أضاف ما معناه، أن جهاز المخابرات جهاز معلومات في المقام الأول والأخير، وأن دوره يتوقف عند الحصول على هذه المعلومات من مصادرها، وتحليلها، ثم وضعها أمام صاحب الشأن في الدولة، لينتهي دوره عند هذا الحد.
ولم تكد تمر ساعات، على هذا التصريح، على لسان رئيس الجهاز، حتى أقيل من منصبه، بقرار من الدكتور مرسي.. ومن يومها، إلى هذه اللحظة، لم يتطوع أحد ليصارح الرأي العام، بالسبب الحقيقي الذي خرج بسببه الرجل من منصبه الرفيع.
هل لأنه برأ نفسه، عندما أعلن أن المعلومات التي أتيحت له، عن عملية رفح، قد وضعها أمام «الجهات المعنية»؟! وهل كان وهو يبرئ نفسه، يدين آخرين، بما أدى إلى إقالته طيا للصفحة كلها، رغم أنه حسب كلامه، لا ذنب له في الموضوع، فهو قد أدى دوره كاملا، في حدود

المطلوب منه؟ ولذلك، فإذا كان هناك حساب يجب أن يخضع له أحد، عما جرى، فإنه، كرئيس مخابرات، ليس هذا الأحد، لا لشيء، إلا لأنه نهض بدوره، في حدوده، ولم يكن مطلوبا منه، منطقيا، أن يواصل السؤال عما فعلت «الجهات المعنية» بمعلوماته.
طبعا.. لم يشأ وهو يصرح للوكالة التركية أن يسمي تلك «الجهات المعنية» التي قصدها، ولهذا السبب فإن الذين تناولوا تصريحه بالتعليق في وسائل الإعلام، قد راحوا يجتهدون، ويخمنون، ويضربون أخماسا بأسداس، وربما يقرأون الفنجان، لعلهم يعرفون «الجهات المعنية» إياها، على وجه التحديد!.. وكان اجتهادهم كله، وتخمينهم كله، دون جدوى بطبيعة الحال!
لهذا إجمالا، لا يفهم أحد، إلى هذه الساعة، لماذا عوقب اللواء موافي، وعلى أي شيء بالضبط؟!
هل عوقب - مثلا - على ما كان قد قيل، وقت فوز الدكتور مرسي، عن تحفظ الجهاز إزاء فوزه؟!.. إذا كان هذا صحيحا، فنحن أمام عقاب لرجل، على ذنب لم يرتكبه، لأن الموضوع كما قلت، كان قد دار في إطار النميمة الاجتماعية التي ملأت الأحاديث بين المصريين، ولم تكن هناك معلومات مؤكدة عن مدى صحته أو عدم صحته، بالإضافة إلى أن اسم مراد موافي لم يأت في تلك الشائعات، وإنما كانت الحكاية تدور حول الجهاز كجهاز عموما، وليس عن شخص محدد فيه.
وهل عوقب - مثلا مرة أخرى - على ما قيل عن أنه تقصير منه، في عملية رفح؟!.. إذا كان صحيحا، فإن ما جاء على لسانه، للوكالة التركية، وهو ما لم ينفه أحد، يبرئ ساحته تماما، ويعلق التقصير في رقاب جهات أخرى، أشار إليها في تصريحه، ولم يشأ أن يسميها!
وهل - أخيرا- عوقب لأن الرئيس السابق حسني مبارك، هو الذي كان قد وضعه على رأس الجهاز، خلفا للواء عمر سليمان، في أثناء اشتعال ثورة 25 يناير؟!.. إذا كان هذا صحيحا، فإنه قد عوقب على ذنب لم يرتكبه للمرة الثالثة، لأنه، أولا، كان رئيسا للمخابرات المصرية، ذلك الجهاز العريق، ولم يكن بأي حال، رئيسا لمخابرات مبارك. ثم إنه، ثانيا، لم يطلب من الرئيس السابق، في حينه، أن يأتي به، من منصبه في ذلك الوقت، كمحافظ لشمال سيناء، ليكون على رأس هذا الجهاز الوطني الكبير، وإنما طلبوا منه، في تلك الأيام، أن يخدم بلده، في موقع آخر، فاستجاب وامتثل، ولم يكن له أن يسلك سلوكا آخر!
ماذا فعل، إذن، وعلى أي ذنب عوقب؟!.. لا أحد يعرف، غير أن الأيام وحدها سوف تتكفل بالإجابة عن السؤال!
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط