رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أمينة خيري تكتب :تطهير» الفضائيات على يد «الإخوان»

بوابة الوفد الإلكترونية

انفلات إعلامي مصحوب بنظام لم تعتد رموزه فكرة العمل بالقانون في ظل فوضى مجتمعية عارمة يغذيها غموض معلوماتي وطوفان آراء قادرة على أن ترتدي قناعاً معلوماتياً محبوكاً يؤدي إلى مشهد ملتبس كذلك الذي يجد مصريون أنفسهم غارقين فيه.

فمنذ وصلت جماعة «الإخوان المسلمين» إلى «نصف» سدة الحكم في مصر (باعتبار أن النصف الآخر في يد المجلس العسكري)، والمجتمع المصري منقسم بين مهلل ومندد.
ولأن الإعلام المرئي جزء لا يتجزأ من أي مجتمع، يتسم بسماته، ويتلون بألوانه، ويتنفس باختلافاته، انعكس كل ذلك على القنوات المصرية حتى صار المشاهد واقعاً بين شقي رحى المجتمع والتلفزيون في فوضى وتناحر.
فبعد أشهر طويلة صالت فيها وجالت رموز الساحة السياسية المتناحرة على الحكم بين هذه القناة وتلك، وعلى متن هذا البرنامج وذاك، وصار كثر منهم وجوهاً إعلامية أكثر منها سياسية، إلا أن الوصول إلى المرحلة الأخيرة من تقسيم كعكة الحكم، أو بالأحرى التفرد بكعكة الحكم في مصر غيّر الأوضاع وقلب الأحوال. وكم من وجه تلفزيوني إخواني بارز تقلد مقعداً وزارياً، وكم من رمز إخواني نصّب نفسه متحدثاً باسم الرئاسة، وكم من متسلق لبلاط يحاول جاهداً أن يبقى اسمه متصلاً بالجماعة أملاً بأن ينال من الحظ جانباً، ويحظى بمنصب بارز، أو حتى بقضمة صغيرة من الكعكة الكبيرة في «زمن الإخوان».
لكن زمن «الإخوان» أسفر عن شكل جديد من أشكال الإعلام الذي أخذ جانب منه على عاتقه مهمة مهاجمة حكم «الإخوان»، ليس بالمحاورة وكشف الحقائق، بمقدار اعتماده على التحريض. أبرز وأوضح من يمثل هذا الاتجاه هو الإعلامي توفيق عكاشة الذي يمكن وصفه بالظاهرة الإعلامية، بدءاً من انفراده بلقب «مالك القناة المذيع الضيف» ومروراً بشعبيته الجارفة الواقفة على طرفي نقيض، أحدهما معجبوه ومصدقوه من البسطاء في القرى والنجوع والعشوائيات والآخر متابعوه من باب الفكاهة، وانتهاء بما يشاع من أنه موجه من أطراف متصلة بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة.

هجوم اعلامي
عكاشة الذي أطل على «الفراعين» على مدى شهور ليؤكد أن لديه مستندات بالصوت والصورة تدين هذا أو ذاك، من دون أن تثبت يوماً إدانة أيهما، صعد أسلوبه الهجومي هذه المرة ليصل إلى حد التأكيد أن جماعة «الإخوان المسلمين» وحركة «حماس» تقفان وراء استشهاد الجنود والضباط المصريين في مدينة رفح الحدودية!
واستطرد عكاشة إن جماعة «الإخوان المسلمين» تستعين بتنظيم تابع لجماعة «الجهاد» في سيناء كحليف لها، واصفاً دور «الإخوان المسلمين» في مقتل الجنود بـ «التورط الكامل». وكالعادة أكد عكاشة امتلاكه الأدلة والإثباتات المؤكدة على ذلك»!
لم يتوقف عكاشة عند هذا الحد، بل قال: «عندي أنصار يشيلوا الهرم ويولعوا الدنيا نار لو ما اتلميتوش يا مرسي، وأنا أهدرت دمك زي ما حللت دمي، يا أفندي يا اللي قاعد في القصر الجمهوري، ووجودك غير شرعي، وما أعرفشي قاعد على أساس إيه»!
ولأن الكثير مما يحدث هذه الأيام لا أساس له من المنطق أصلاً، ولأن ما دأب عكاشة على ترديده يتناسب ويتواءم وما يعتقده كثر من المصريين، فقد أدى ذلك إلى أزمة أخلاقية وإعلامية وسياسية طاحنة. فعقب التقارب الشديد بين الرئيس مرسي وحكومة «حماس» المقالة، وفتح المعابر والإعلان عن تزويد غزة بالكهرباء والمياه (الشحيحتين أصلاً في مصر هذا الصيف)، لم يكن هناك من يتمكن من توجيه أصابع الاتهام له في مجزرة «رفح» سوى عناصر آتية من «غزة». حتى أولئك الذين دأبوا على السخرية من عكاشة، وإصراره على توجيه الاتهامات من دون أن ينجح في تقديم أدلة حقيقية أمام محكمة أو في تحقيق رسمي، وجدوا أنفسهم في خندق واحد معه في شأن مجزرة «رفح»!
رد جماعة «الإخوان المسلمين» الأولي على اتهامات عكاشة - التي تطابقت والتفكير المنطقي لكثر من المصريين - قلل من قيمة ما قيل، ووصفته قيادات إخوانية بأنه «كلام تافه ولا يستحق الرد»!
لكن الرد جاء سريعاً، اذ أصدرت هيئة الاستثمار قراراً بإغلاق قناة «الفراعين» لمدة ثلاثة أسابيع، وعدم إعادة البث حتى تغير القناة سياستها الإعلامية التي دأبت على توجيه اتهامات من دون أدلة أو مستندات. يبدو القرار صائباً للوهلة الأولى، لكن التوقيت يثير علامات استفهام. فكم من مرة وجه فيها عكاشة اتهاماته إلى أشخاص وجهات، مؤكداً امتلاكه أدلة من دون أن يُثبت أياً منها أمام جهات رسمية، وذلك بدءاً من اتهام «الإخوان» بأنهم من قنصوا المتظاهرين وقتلوهم في ميدان التحرير في ثورة يناير، ومروراً بفوز الفريق أحمد شفيق في انتخابات الرئاسة، وانتهاء باتهام «الإخوان» بتدبير مجزرة «رفح». وفي كل هذه الاتهامات الموجهة على الهواء مباشرة، لم يوقف بث القناة أو يُوجه تحذير إلى عكاشة!

امام هذا الواقع، يتساءل بعضهم: هل عقد «الإخوان» العزم على الرد على من يعتبرونهم خصوماً إعلاميين لهم كخطوة أولى نحو فرض سيطرتهم الكاملة وإسكات الأصوات غير المتطابقة مع منهجهم وخطتهم الإخوانية؟
وعلى رغم أن إجابة السؤال لم تحسم بعد، إلا أن المؤشرات تتواتر. الإعلامي خالد صلاح والذي تعرض للاعتداء أثناء دخوله مدينة الإنتاج الإعلامي ليل الأربعاء الماضي، أكد أن المعتدين كانوا يرتدون «تي شيرتات» مطبوعاً عليها شعار «حزب الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، وهو ما يعني حشد الجماعة لأنصارها للتعامل بعنف مع المعارضين والمنتقدين، من دون ضلوع رسمي للحزب أو الجماعة (التي هي أصلاً غير رسمية) في الصورة!
وتكتمل الصورة بما قاله رئيس اللجنة القانونية لـ «حزب الحرية والعدالة» مختار العشري من أن «ادعاءات» خالد صلاح «إنما تدل على أنه يضع نفسه في خانة «عكاشة وأنصاره» من تبني عملية تشويه متعمدة عن الادعاءات الكاذبة والافتراءات في محاولة لتشويه الجماعة، إضافة إلى محاولة صنع بطولة لنفسه ولو على حساب الآخرين». وهدد العشري بأنه في حال استمرار صلاح في توجيه اتهامات كهذه، سيتقدم ببلاغ بتهمة «البلاغ الكاذب والقذف» ضده.
وبينما كان صلاح يتعرض لاعتداء متظاهرين رفعوا شعار «الشعب يريد تطهير الإعلام ياولاد ال...»، موجهين شتائمهم إلى الإعلاميين يوسف الحسيني وعمرو أديب (المعروفين بمعارضة «الإخوان»)، كان متظاهرون آخرون احتشدوا أمام قصر «الاتحادية» في حي مصر الجديدة للقيام بمهمة تطهير أخرى، ولكن من أجل إجلاء المتظاهرين أمام القصر من معارضي الرئيس مرسي.
عدد من منظمات حقوق الإنسان أصدرت بياناً وصف الاعتداء على إعلاميين بسبب آرائهم بأنه «بلطجة» غير مقبولة، ويجب ألا تمر من دون عقاب، مطالبة جماعة «الإخوان المسلمين» وحزبها السياسي بعدم ترك الأمر يمر مرور الكرام، معتبرة سكوتهما أقرب ما يكون إلى نظام مبارك في التنكيل بالمعارضين والمختلفين معه في الرأي.

«أخونة» الاعلام
عملية «أخونة الإعلام» التي تجرى على قدم وساق يتم نفيها رسمياً وتأكيدها فعلياً. الإعلاميون المعارضون يُضربون ويعتدى عليهم من أشخاص جاؤوا لتطهير الإعلام. وزير الإعلام الجديد صلاح عبدالمقصود يؤكد أنه مع إعلام يعبر عن الدولة والشعب بجميع أطيافه، لكي ننتقل من إعلام الحكومة إلى إعلام الشعب. إلا أن ما قد يعتبره المصريون معبراً عن الشعب والدولة قد يعتبره «الإخوان» معارضة غير مقبولة لهم. ويؤكد الوزير الجديد أن لا اتجاه لـ «أخونة الإعلام».
يذكر أن جريدة «الأخبار» صدرت قبل أيام من دون مقال الكاتبة عبلة الرويني لأنها اعترضت على حذف عبارة «أخونة الصحافة» من مقالها ورفضت نشره من دونها. ويشار كذلك إلى أن وزير الإعلام الجديد كان أحد مستشاري حملة الدكتور مرسي الانتخابية ويؤكد أنه فخور بانتمائه الى جماعة «الإخوان»، لافتاً الى أن ذلك سيجعله عادلاً مع الجميع وساعياً لأن يكون جهاز التلفزيون الرسمي معبراً عن كل الأطياف السياسية والفكرية». ويبدو أن المشكلة ستظل كامنة في أن الجهات التي ستقوم بـ «تطهير» الإعلام من الموبقات الخاصة بمعارضة «الإخوان» هي جهات غير رسمية، بل هي مجرد جماعة من «محبي» الجماعة و«مناصري» الرئيس مرسي.