رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حسام عينانى يكتب :خطاب نصرالله: خطران

بوابة الوفد الإلكترونية

خطران كبيران حملهما خطاب السيد حسن نصرالله أمس الأول: صدوره من خارج سياق الراهن العربي. ومحاولته اخراج جزء كبير من اللبنانيين من نسيجهم الاجتماعي التاريخي.

جاء الكلام المتوتر والانفعالي من مكان يبعد كثيراً عن الهموم العربية الحالية. لقد تجاهل الاستبداد والقهر والديكتاتوريات العسكرية وفشل التنمية في العالم العربي بأسره والبطالة والهجرة، أي مجمل الأسباب التي فجرت الثورات من تونس الى اليمن والبحرين. وانكفأ الى تفسير ثنائي للعالم المنقسم بحسبه بين خير وشر، وبين غرب (يضم اسرائيل والانظمة العربية) وشرق مجهول العناصر، وبين شتامين ومصفقين، بين مقاومين وخونة، من دون ان يكلف صاحب الكلام نفسه عناء التدقيق في التعقيدات الشديدة للمجتمعات العربية التي تتجاوز أزماتها الصراع مع اسرائيل او الاستلاب للغرب.
وتنطوي الرؤية هذه على إهانة للشعوب العربية المتطلعة الى غد افضل والتواقة الى كسر كل انواع القيود المكبلة لها، ومن بينها قيود الاحتلال الاسرائيلي والتبعية لأميركا. فالشعوب العربية في حساب نصرالله تقاد بواسطة الألاعيب الاميركية والاسرائيلية وليس من عاقل واحد من بين هذه الملايين التي نزلت الى الشوارع في القاهرة وتونس وبنغازي وتعز وصنعاء وحمص ودمشق، ينتبه الى ما يقول السيد عن المؤامرة الاميركية المسماة «الربيع العربي».
إن اعتقاداً كهذا يبخس أيما تبخيس وعي الشعوب العربية وقدرتها على تحديد مصالحها ورسم مستقبلها ويردها الى سوية القطيع المنتظر للقائد الملهم والمستبد العادل الآتي من وراء الحجب (أو على متن الدبابات «الممانعة»، لا فارق)، ليقود الشعوب التائهة الى جنة الانتصارات ضد العدو الاسرائيلي. والانتصارات هذه لا تُصنع إلا على أيدي «قادة» من صنف آصف شوكت وحسن توركماني وداود راجحة. فهل يتوقع ممن اعتُقلوا وعُذبوا واهينت كراماتهم من لبنانيين وسوريين وفلسطينيين على ايدي عسس هؤلاء وجنودهم ومن هم من طينتهم، ان يصدقوا هذا الكلام؟ أي استخفاف بالعقول ابعد من هذا؟
الخطر الثاني في كلام نصرالله، هو سعيه الى رفع سور يحيط بالجماعة التي يقود ويدعوها الى الانخراط في صراع أبدي مع «الغرب»

واسرائيل والانظمة العربية. صراع لا تفسير له في عالم السياسات والمصالح والعلاقات الدولية والاجتماع سوى نزعة الشر المحض التي تحرك قوى هذا العالم الذئبي المتوحش وتدفعها الى الهيمنة على بلادنا وثرواتنا ومقدساتنا. وعلى الجميع الثقة بـ «قيادة المقاومة» المرشدة لنا في زمن الانتصارات هذا، من دون اعتبار لما يقرره اصحاب القضية، الفلسطينيون، وخياراتهم وما يمكن ان يطرأ من تعديلات على اولوياتهم.
يظهر هنا الوجه الصريح بل الفج للخطاب الطائفي. وجه اللاعقلانية وأسطرة التاريخ والسياسة واحالتهما الى أقدار يرسمها الغيب. ولا خلاص للمؤمن فيها ومنها إلا بالاحتماء بعباءة الجماعة وسلاحها. ومما يدل على ذلك، تلك الفكرة الغريبة عن «ميثاق شرف» تتولى فيه كل طائفة إسكات الصحافيين او الكتّاب او المحرضين من ابنائها الذين يسيئون الى الطوائف الأخرى. بكلمات ثانية، لا مكان للتعبير عن الرأي ولا للحرية الفردية اذا خالفت قوانين الانتظام الطائفي. وبداهة، لا يحق التساؤل عمن يضع هذه القوانين ومن يستفيد منها ومن يدير العلاقات مع الطوائف الأخرى وكيف.
ومؤسف جداً هذا الانحياز الى جانب الطغاة العرب، ومؤلم ذاك الاستسلام لرؤية ضيقة قرر أصحابها مواجهة التاريخ وشعوب المنطقة بأجساد جماعاتهم التي قد تتشارك في خسائرها مع باقي ابناء المنطقة، إذا لم تُعد النظر في المسارات التي تُدفع اليها دفعاً.
نقلا عن صحيفة الحياة