رؤية الأهلة
ما أحوجنا نحن الأمة الإسلامية من طنجة إلى جاكرتا إلى وحدة الصف والكلمة وإلى توحيد الأهداف والرؤى، فنحن اليوم نتشرذم ونتقزم والعالم من حولنا يتآلف ويتوحد، فما أحرانا والحالة هذه من أن نكون صفاً واحداً وأمة واحدة، فنتشارك في الآمال والآلام.
وأن من تلك الأسباب التي تجعلنا نحن الأمة الإسلامية أمة واحدة هو توحيد مناسباتنا الدينية وأعيادنا المقدسة - فنفرح جميعاً في يوم واحد، ولكني أرى أن الأمر غير ذلك، وإن السبب جعلنا لا نتوحد في مناسباتنا الدينية وأعيادنا هو اختلاف الأمة الإسلامية حول رؤية أهلة الأشهر القمرية التي فيها مناسبات دينية، إني في هذا الصدد أرى أن رؤية هلال الشهر القمري إذا شوهد في أي صقع من اصقاع المعمورة وقد هلّ فإن هذه المشاهدة والرؤية هي رؤية لجميع سكان الكرة الأرضي بقضها وقضيضها، ليس في صقع دون صقع ولا مكان دون مكان لأن الله تعالى في وحيه الطاهر يقول عن القمر: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب) نأخذ من الآية الكريمة أن عدد السنين والحساب ووقت دخول السنة وانقضائها في الزمان والمكان هو انقضاء واحد في جميع الأماكن على سطح الكرة الأرضية، فالسنة القمرية تبدأ وتنقضي في يوم محدد على جميع أصعدة الكرة الأرضية، فالسنة القمرية التي تبدأ مثلاً في دولة المغرب هي بدايتها في أندونيسيا، والسنة التي تنقضي في دولة نيوزلندا تنقضي في نفس الوقت في دولة البرازيل، إذاً والحالة هذه عدد السنين والحساب موحد على سطح الكرة الأرضية والذي يحدده دخول وخروج الأهلة في الأشهر القمرية، إن الآية السابقة حسمت كل جدال ونقاش، وكل نزاع حول رؤية هلال الشهر القمري، وأحب هنا في هذا الصدد أبين أنه قفز إلى ذهني شيء هام أثناء كتابة هذا المقال وهو أن الله تعالى قال في وحيه الطاهر: (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) إن ورود كلمة الحج في هذه الآية يتبين لنا عبرها أن تحديد زمن الحج هو تحديد عالمي من خلال رؤية هلال شهر ذي الحجة ليس رؤيته في السعودية فقط بل تلك الرؤية التي قد تحصل في أي مكان على سطح الكرة الأرضية، فدخول شهر ذي الحجة يتحدد في رؤية هلال شهر ذي الحجة في أي مكان، إذاً من هذا وذاك فرؤية هلال الشهر القمري في أي مكان هي رؤية لجميع الأماكن والأصقاع قولاً واحداً هذا ليس كلامي بل هو كلام الله تعالى في آية سورة يونس - إنه في عصر صدر الإسلام كان التواصل بين أقاليم الدولة الإسلامية آنذاك معدوماً لقلة وسائل المواصلات ونقل المعلومات بسرعة كما هو اليوم، ومن ثم يتعذر علم جميع بلدان العالم الإسلامي آنذاك برؤية هلال شهر رمضان أو رؤية هلال شهر شوال، ومن ثم فإنه إذا شوهد هلال رمضان في الشام ولم يعلم به أهل الحجاز فالشام حينئذ يصومون لتلك الرؤية وأهل الحجاز لم يصوموا لعدم رؤية الهلال عندهم، وعلى ضوء ذلك قالوا إن للقمر عدة مطالع!! ولكن اليوم لما تطورت وسائل نقل الأخبار فإن رؤية هلال شهر رمضان أو رؤية هلال شهر شوال بات اليوم معلوماً عند
نقلا عن صحيفة الرياض