رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحمد فودة يكتب :الثورة مستمرة حتى تعود المحكمة الدستورية إلى ثكناتها

بوابة الوفد الإلكترونية

حينما قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر ببطلان قانون الانتخابات الذي تمت على أساسه انتخابات مجلس الشعب في منتصف الشهر الماضي، قلت إن مبارك لم يخلق فقط نظاما فاسدا وإنما خلق مجتمعا من الفاسدين، وكنت أشير بذلك إلى أن كافة مؤسسات المجتمع أصبحت فاسدة، وفي المقدمة منها مؤسسة القضاء التي وصل الفساد فيها "للركب" كما يقول المثل المصري.

لكن رغم ذلك لم أتوقع أنا أو غيري أن تنزل هذه المحكمة التي تمثل قمة القضاء المصري، إلى درك أسفل من ذلك، حتى جاء قرار رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي بإعادة مجلس الشعب إلى ممارسة دوره التشريعي حتى كتابة الدستور الجديد وإجراء انتخابات جديدة في خلال ستين يوما، لتؤكد أن توقعاتنا كلها باءت بالفشل وأن المحكمة تمثل جزءًا أصيلاً من النظام السابق وهي التي يجب مواجهتها لتطهيرها أو القضاء عليها تماما واستبدالها بمؤسسة جديدة قادرة على المساهمة في بناء دولة القانون التي سعت إليها ثورة يناير المجيدة.
وقد دلت الخطوات والقرارات التي اتخذتها المحكمة منذ اللحظة الأولى لصدور قرار رئيس الجمهورية آنف الذكر، على أن المحكمة تستخدم من قبل المجلس العسكري من أجل حصار الرئيس ومنعه من ممارسة صلاحياته، حيث أعلنت المحكمة بعد لحظات من إعلان قرار الرئيس عن عقدها جلسة طارئة لجمعيتها العمومية التي انتهت إلى بيان يؤكد على أن أحكامها باتة ونافذة بقوة القانون وغير قابلة للنقض، وهي تقصد بذلك الحكم بطلان قانون انتخابات مجلس الشعب. وبعد يومين أصدرت قرارا جديدا يقضي بوقف قرار رئيس الجمهورية بل ويمنعه من القيام بأي محاولات أخرى لإعادة مجلس الشعب من قبيل إجراء استفتاء شعبي.
هذه القرارات والخطوات التي اتخذتها المحكمة الدستورية العليا تتناقض ليس فقط مع القانون الدستوري، بل تتناقض أيضا مع القانون الداخلي للمحكمة ذاتها. فضلا عن ممارسة المحكمة لألاعيب لا يجوز لمؤسسة قضائية عريقة مثلها أن تقوم بها من أجل التحايل وفرض حكمها على الجميع.
ذلك أنها قامت بإرسال الحكم الذي قضت من خلاله ببطلان قانون انتخابات مجلس الشعب، إلى الجريدة الرسمية لنشره قبل أربع ساعات كاملة من النطق بالحكم والاستماع للمرافعات. وهذا يعد تزويراً يجعل الحكم باطلاً ومنعدماً.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد من الألاعيب، بل جاء هذا الحكم بعد أقل من شهر ونصف فقط من رفع الدعوى أمام المحكمة، وهو الأمر الذي يخالف كافة التقاليد المتبعة لديها. إذ إن الأحكام الشبيهة تستمر ما بين خمس إلى عشر سنوات كما هو

الحال في أحكام بطلان البرلمانات السابقة.
أما فيما يتعلق بالحكم ذاته، فإن المحكمة تجاوزت الصلاحيات المنصوص عليها في المادة 49 من قانونها الداخلي الذي لا يعطيها الحق في تحديد الآثار المترتبة على أحكامها. وهو ما لم تلتزم به المحكمة التي وضعت في نص الحكم ما يفيد بأن بطلان قانون الانتخابات يترتب عليه اعتبار مجلس الشعب كله منعدما منذ لحظة انتخابه.
كما أن حيثيات الحكم تجاوزت منطوق الحكم، حيث إن المنطوق قال بعدم دستورية قانون الانتخابات الخاص بالثلث الفردي فقط، في حين ذهبت الحيثيات إلى إبطال المجلس كاملا، وهو ما يعد تجاوزا من المحكمة، خاصة أن قانون انتخابات القائمة لثلثي أعضاء المجلس محصن بإعلان دستوري، ولا يجوز إبطاله بأي حال من الأحوال.
في ظل هذه التجاوزات غير المسبوقة من المحكمة الدستورية العليا، والتي تأتي متسقة مع الحملة الشرسة التي شنها بعض القضاة المحسوبين على النظام السابق، والذين هددوا فيها رئيس الجمهورية باتخاذ خطوات تصعيدية في حال لم يتراجع عن موقفه ويتقدم باعتذار للقضاة، تؤكد أن المحكمة الدستورية ليست سوى طرف أصيل في الثورة المضادة التي يقودها النظام السابق من أجل إجهاض الثورة، مستخدمة القانون لتحقيق ذلك.
وهو ما يعني أن هذه المحكمة وغيرها من القضاة الفاسدين يمثلون قوة احتلال داخلي، مثلها في ذلك مثل المجلس العسكري، وهو ما يوجب على الشعب والثوار أن يعملوا على إعادة هذه المحكمة إلى ثكناتها، تماما كما الجيش، حتى يتمكنوا من بناء مصر الجديدة. ولتحقيق ذلك لا بديل عن تطهيرها وباقي مؤسسة القضاء بأساليب ثورية، لأن الأساليب القانونية لن تحقق الهدف مع من يتلاعبون بالقانون
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية