عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سمير الحجاوى يكتب :الصراع على مصر

بوابة الوفد الإلكترونية

يمكن اعتبار عمليات الشد والجذب بين ميدان التحرير وشرعيته الرئاسية وجنرالات المجلس العسكري صراعا على مصر، فالجنرالات غير راغبين بالخروج من المشهد السياسي، وميدان التحرير الذي انتخب الدكتور محمد مرسي رئيسا مُصِرّ على إعادة مصر إلى  شرعية الإرادة الشعبية كاملة غير منقوصة من خلال إعادة صلاحيات الرئيس الذي عمل الجنرالات على "تشليحه" إياها قبل انتخابه.

قرار الرئيس مرسي بإعادة البرلمان المنتخب شعبيا يعبر عن الحقيقة الثورية لنصف الشعب المصري على الأقل، فالبرلمان يمثل الشرعية الثورية والشعبية الجماهيرية، ويعبر عن الإرادة المصرية المتواصلة بالتغيير، وعلاوة على ذلك فإن هذا البرلمان المنتخب يمثل الآلية الفعلية التي ستساعد الرئيس محمد مرسي على أداء عمله، والقيام بواجباته كرئيس منتخب من خلال سن التشريعات والتواصل مع القواعد الشعبية مباشرة، وبدون هذا البرلمان فإن الرئيس مرسي يتسلم رئاسة "مشلولة" يكون فيها رئيسا صوريا لا أكثر.
أخطر ما في الصراع على مصر بين الإرادة الشعبية التي يمثلها الدكتور مرسي، وجنرالات المجلس العسكري هو دخول المحكمة الدستورية على الخط  ضد الإرادة الشعبية، وانحيازها إلى العسكر ضد الإرادة الشعبية وهو ما لا يقبله المصريون.
بالسؤال عن الشرعيات التي يحق لها أن تحكم مصر، تعلو الشرعية الشعبية الثورية كل سلطة مهما كانت، فالشعب هو مصدر السلطات، وهو الذي يحق له أن يقبل أو يرفض، وبالتالي فإن المحكمة الدستورية أو مؤسسة الرئاسة أو المؤسسة العسكرية ليسوا أكثر من موظفين لتنفيذ الإرادة الشعبية وليس الالتفاف عليها، ومن هنا فإن "ألعاب الخفة القانونية" التي يقوم بها الجنرالات ومعهم المحكمة الدستورية، لا قيمة لها أمام شرعية الإرادة الشعبية والقرارالجماهيري ومرجعية ميادين التحرير، ولهذا يخطئ الجنرالات إذا اعتقدوا أنهم يستطيعون الالتفاف على إرادة الشعب المصري، وتفكيكها من خلال "الألعاب القانونية" التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، وهم يخوضون معركة خاسرة في مواجهة الثورة المصرية.
إذا عدنا إلى مبدأ الأشياء فإن وجود تسليم السلطة إلى جنرالات المجلس العسكري ليس دستوريا ولا شرعيا على الإطلاق، وبالتالي فإن كل ما صدر عن العسكر غير شرعي وغير دستوري بالضرورة، وهنا يبرز السؤال: أين كانت المحكمة الدستورية عندما أدار جنرالات المجلس العسكري السلطة بطريقة غير شرعية؟
يدرك العسكر أن عقارب الزمن لن تعود إلى الوراء، وأنهم لن يستطيعوا تنفيذ انقلاب عسكري مباشر ضد الإرادة الشعبية المصرية، ولذلك يحاولون تنفيذ "انقلاب مبتكر وعصري" لا يأخذ شكل الانقلابات العادية بالسيطرة

على قصر الرئاسة ونشر الدبابات في الشوارع وإعلان الأحكام العرفية وإصدار البيان رقم واحد، بل تنفيذ انقلاب "تحتي" إذا صحت التسمية، لا يكون واضحا أو مباشرا أو صداميا، عبر السيطرة على الصلاحيات وإصدار القرارات وتقييد سلطة الرئيس وصلاحياته وحل البرلمان وإصدار الإعلانات الدستورية والوثائق فوق الدستورية، وتحويل المؤسسة العسكرية إلى دولة داخل الدولة، وجعل الجيش مؤسسة مستقلة ماليا وإداريا وكأن لا علاقة للرئيس والبرلمان المنتخب "أي الشعب" بها.
من المؤكد أن جنرالات المجلس العسكري ومن خلفهم أعضاء المحكمة الدستورية سيرضخون، ولو بعد حين، لإرادة الشعب المصري، وسينتبهون إلى أنهم ليسوا أكثر من موظفين لدى الشعب لحراسته من الأعداء، سيكتشفون أن وظيفة العسكري، حتى لو كان جنرالا، هو أن يكون "حارسا وغفيرا" للشعب والوطن ، وليس حاكما ومتسلطا.
مشكلة العسكر في العالم العربي أنهم نسوا أنفسهم ونسوا وظيفتهم الأصلية، واستهوتهم لعبة الانقلابات والاستيلاء على السلطة، والهيمنة على الإرادة الشعبية، وهم في مصر ما زالوا غير مصدقين لما يجري، ومذهولين من قوة الشعب الذي انتخب رئيسا وبرلمانا ليحكم نفسه بنفسه، ولهذا يبدون أشكالا من "المقاومة والممانعة" للعودة إلى وظيفتهم الأصلية، ويستخدمون أدوات كثيرة في هذه الممانعة، ومنها بالطبع المحكمة الدستورية.
الصراع على مصر لن يضع أوزاره إلا عندما تتغلب شرعية الإرادة الشعبية على ما سواها، وعندما تفرض قوتها وسطوتها ومرجعيتها القانونية والتشريعية البرلمانية والتنفيذية الرئاسية، وبعد تفكيك مؤسسات الفساد التي بناها أو اعتمد عليها نظام مبارك المخلوع، وغير ذلك فإن "الطبخة " في مصر تكون مسمومة، والإرادة الشعبية منقوصة وملتف عليها
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية