جيهان أبو زيد تكتب :في صباح يونيو: حكمت المحكمة بالعودة للميدان
بينما رأى الكثيرون من أهل القانون في مصر والعالم أن مبارك ينتظر حكماً بالإعدام هو وأعوانه. وأن أبناءه وكبار رجال نظامه لن يخرجوا من حبسهم إلا بعد عقود. فوجئ الجميع بحكم انقلبت له قاعة المحكمة وصمتت أفواه المصريين كمداً. فالجلسة التي عقدت صباح يوم السبت الأول من يونيو واستيقظ لمتابعتها كل مصري اصطدم يوماً بالفساد والتمييز أو تعرض للظلم والانتهاك أو لعق غضبه كمداً. تلك الجلسة بمنطوق حكمها أكدت على أن الفساد السياسي والمالي الذي استشرى في ظل النظام السابق لم يدرج كجريمة للرجل. وكيف يدرج والنظام القديم يحاكم ذاته بنفس القوانين التي صنعها سلفاً لحمايته!
لقد تمادت المحكمة في مدح ثورة 25 يناير وفي محاباة الثوار لفظياً. لكنها لم تجد سبباً لتحاكم النظام القديم على أسباب اندلاع الثورة التي تمدحها، ولا على سرقة موارد الوطن وإهدارها. إن النظام القديم يؤدي ضريبة كلامية ويكيف نفسه لفظياً لثورة 25 يناير، ولكنه لم يكيف قوانينه ولا سياساته ولا دستوره للثورة، جاء صباح المصريين ممزوجاً بالتفاؤل ممتلئاً بالأمل في سماع حكم يمسح عن أهالي الشهداء دموعهم ويسكن أرواح من ماتوا أو فقدوا بعضاً من أجسادهم. لكنه وفي الوقت الذي ابتهج فيه المصريون بوصف هيئة المحكمة لحقبة مبارك أنها كانت «ظلاماً دامساً». انهال سيل البراءات على المتهمين الست من مساعدي العادلي، وبرئ علاء وجمال مبارك. لينقطع هتاف الفرح والانتصار «الله أكبر» ويصاب المشاهدون بحالة من الهستيريا الشديدة، والتي جعلتهم يرددون: «مفيش لوم على شباب التحرير دلوقت. الدنيا حتولع تاني». أسبوعين فقط هما ما يفصلان بين النطق بالحكم على مبارك ووزير داخليته. والانتخابات الرئاسية في مرحلة الإعادة. فهل جاء إعلان الحكم في تلك اللحظة الفاصلة لتعزيز موقف مرشح النظام السابق أحمد شفيق. أم لمصلحة مرشح الإخوان المسلمين «محمد مرسي»؟ تتباين الآراء، ويستعرض كل فريق حجج متعددة لإثبات موقفه. فمن المؤكد أن النظام القديم وحلفاءه قد خسروا كثيراً عقب الإفراج عن مساعدي وزير الداخلية. وتبرئة أبناء مبارك. فالمصريون الذين صدقوا شفيق ونفوا عنه وصمة انتمائه للنظام السابق. سوف
نقلا عن صحيفة العرب القطرية