رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على ابراهيم يكتب: مصر: محاولة للفهم

بوابة الوفد الإلكترونية

عنون أحد كتاب مجلة «فورين بوليسي» الذي كان يعلق على النتائج الأولية للجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المصرية عنوان «دليل الحمقى إلى الانتخابات المصرية»، وذلك تهكما على الاستطلاعات التي دارت طوال أسابيع حول المرشحين ومدى تقدمهم، فجاءت النتائج مفاجئة له، كما فاجأت الكثير، ليس فقط من المتابعين الغربيين ولكن حتى النخبة السياسية والإعلامية المصرية، لتحدث صدمة ما زالت تتفاعل حتى الآن.

كانت كل التوقعات والتحليلات تتحدث طوال أسابيع عن معركة إعادة بين موسى وأبو الفتوح، فجاءت النتائج لتضع ثلاثة مرشحين غير متوقعين هم محمد مرسي مرشح الإخوان البديل للمرشح الأصلي (خيرت الشاطر)، وأحمد شفيق، وحمدين صباحي السياسي الناصري، في المقدمة، وبعدهم أبو الفتوح وموسى. وإذا كانت بعض التقديرات كانت تشير إلى أن الماكينة السياسية والانتخابية المنظمة للإخوان قد تدفع مرسي إلى مرحلة متقدمة، فإن المفاجأة الحقيقية كانت في شفيق رئيس الوزراء الذي لم يمض في منصبه نحو أسبوعين حينما اضطر الرئيس السابق مبارك إلى تعيين نائب رئيس هو عمر سليمان وشفيق في ضوء تصاعد المظاهرات الشعبية بعد 25 يناير، كما كان صباحي مفاجأة كبرى مماثلة في ضوء عدم وجود ماكينة سياسية وإعلامية وانتخابية تدعمه مثل الآخرين الرئيسيين.
ماذا حدث؟ ولماذا كانت القراءات والتحليلات كلها خاطئة، قبل الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة؟ وهل كانت النخبة السياسية بعيدة عما تفكر فيه جماهير الناخبين؟ وهل غير الناس رأيهم في الأسبوع الأخير، وهو أمر يحدث في كل الانتخابات؟.. أسئلة كثيرة يجب أن تطرح من قبل النخب والمتابعين حتى تكون هناك رؤية واقعية وتحليلات مبنية على وقائع وخريطة حقيقية لاتجاهات الرأي العام وتوجهاته.
وسط هذه الأسئلة هناك عدة ملاحظات قد تفسر بعضا من مفاجآت الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة المصرية، لعل أبرزها هو الوهم أو الانطباع الذي تعطيه متابعة حركة التعليقات وردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر» واعتبارها تشكل اتجاه الرأي العام، فهي في بعض الأحيان، مع عدم إنكار أهميتها والدور الذي تلعبه في التواصل بين الناشطين، كمن ينظر في المرآة إلى نفسه أو يتحدث مع نفسه، فبحكم طبيعة المشاركات في هذه المواقع فهي في بعض الأحيان حديث أصدقاء أو موالين لفكر أو تيار معين مع أنفسهم، وهم يفكرون بنفس التفكير ويقولون نفس الآراء، بينما قد يكون الجمهور الأكبر يتابعها أو يعلم بها لكنه لا يتفاعل،

أو يعكس رأيه عليها.
ثانيا، أن المرشحين الرئيسيين اللذين أعلن أنهما سيخوضان جولة الإعادة لديهما ماكينة سياسية وانتخابية قوية تدعمهما، بينما الآخرون أشبه بالمشاركين في مسابقات «ستار أكاديمي» الفنية يعتمدون على تصويت الجمهور من خلال الفضاء، خاصة الإعلامي، وهو ما قد يصلح في برامج تلفزيونية، لكن في عملية الانتخابات السياسية فإن من يملك الماكينة ويستطيع أن يكون له مندوبون في كل اللجان ويعمل في القرى والنجوع لديه السبق، وكل التجارب الديمقراطية العريقة تجري على أساس أحزاب لها ماكينات انتخابية قوية.
أيضا فإن نتيجة الجولة الأولى كما قرأ بعض المحللين والمتابعين، عكست واقعا سياسيا قائما في المجتمع بين كفتين كبيرتين دخلت وسطهما قوة جديدة صاعدة دفعت في اتجاه التغيير، وهي المتمثلة في شباب 25 يناير أو المتحالفين معها، لكنها تحتاج إلى وقت وعمل سياسي حقيقي لتصبح قوة سياسية حقيقية تستطيع أن تدخل انتخابات بممثلين حقيقيين منها وتفوز بها.
ومع تقدير حالة الإحباط التي انتابت «الثوار» الذين كانوا يأملون في صورة مختلفة للنتيجة تعكس واقع التغيير، فإن المحصلة في النهاية إيجابية، ولا يمكن إنكار أن هناك مصريين كثيرين شعروا بالسعادة من ممارسة حق التصويت لأول مرة بحرية في انتخابات لم يعرفوا نتيجتها مسبقا. وبصرف النظر عن شخصية الفائز في الجولة الثانية، فإنه لا أحد يستطيع مقاومة الاتجاه الغالب للرأي العام، وهو رفض أي محاولة لفرض الدولة الدينية، وكذلك رفض العودة إلى ممارسات النظام السابق، ومن يستطيع من المرشحين الاثنين أن يطمئن الناخبين بذلك، الأرجح أنه هو الذي سيفوز.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط