رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خالد مخلوف يكتب:صمت الرئيس

خالد مخلوف
خالد مخلوف

بالقدر الذي صمت فيه الجميع بعد «فوران» دعائي لمرشحي الرئاسة في مصر، وذلك انتظارا للحظة الحسم ودخول ما يقارب من 50 مليون مصري إلى لجان الاقتراع للتصويت على اختيار رئيس الجمهورية الثانية.

كان التخوف من صمت آخر للرئيس المنتظر من المصريين بسبب اللحظات التاريخية التي تمر بها المحروسة بعد ثورة 25 يناير، والتدافع الكبير بين مرشحي الرئاسة ومن يقف خلفهم سواء من جماعات أو فلول، أو أنصار بالملايين خلف «على الأقل» ثلاثة من المرشحين الذين يتصدرون الساحة وفق «منطق الثورة» وهم بالطبع الدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة المعبر عن جماعة الإخوان المسلمين، والدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، وحمدين صباحي مفاجأة الانتخابات الرئاسية على الأقل وفق مؤشرات تصويت المصريين بالخارج رغم أنها لا تعبر بشكل كبير عن واقعية التصويت بالنسبة للمقيمين في الداخل، حيث إن القوة التصويتية في الخارج التي تقدر بحوالي نصف مليون مصري مسجلين في قوائم التصويت لا تقارن بأي حال بالقوة التصويتية للداخل التي تقدر بحوالي 50 مليون.
فترة الصمت الانتخابي قبل الاقتراع كانت دعوة للاسترخاء والتفكير بعد ماراثون إعلامي وشعبي كبير للدعاية لهذا أو ذاك، ورغم تجاوز فترة الصمت من البعض فإن كل المؤشرات تدل على أن العملية الانتخابية تتجه إلى الحسم والنهاية من دون عراقيل حقيقية أو أفخاخ محتملة وذلك بعد فترة من الملل والترقب من جميع ألوان الطيف لحسم قصة الرئيس.. والتخوف هنا من دخوله في «صمت» من نوع آخر على أشياء قد لا يستطيع حسمها في البداية، وهي تعتمد على شخصية الرئيس المنتظر ومدى قدرته على التأقلم والمواجهة مع الوضع على الأرض بعد إعلان النتيجة، كذلك مدى مساعدة المؤسسة العسكرية التي يقودها المجلس الأعلى للقوات المسلحة له على المضي قدما في تحقيق برنامجه، وتسليمه السلطة، وأيضاً مدى تعاون الجهاز التنفيذي الضخم معه خلال المرحلة القادمة خاصة أن هذا الجهاز يضم الآلاف من المنتمين إلى النظام السابق والمتربحين بشكل أو بآخر منه، والمضارين من سقوطه.
وسيطلع الرئيس القادم من دون شك على العديد من الملفات الحساسة، وأيضا التي تتعلق بالنظام السابق وهي عبارة عن ألغام كثيرة شديدة الانفجار. والسؤال هو: كيف سيتعامل معها وقد تطال رؤوسا صالت وجالت خلال عقود في دهاليز الحياة السياسية بل والدبلوماسية، وقد تتاح له ملفات تكفي لتفجير عشرات الثورات الأخرى، فكيف سيتعامل مع كل هذا.. وهل سيصمت الرئيس؟!
إن عالم السياسة مليء بالألغاز والأفخاخ.. وقد يكون فيه الصمت من «ذهب» إذا كان الكلام من فضة.. ولكن هل يتفق صمت الرئيس المتوقع مع الوعود التي قطعها الثلاثي (المتوقع نجاح أي منهم) على أنفسهم أمام الشعب بالمصارحة

والمكاشفة مهما كانت العواقب والتحديات والمبررات؟. وهل يتفق مع روح الثورة والآمال التي يعقدها الملايين على الرئيس القادم؟
الدخول إلى المطبخ الرئاسي بلا شك يختلف عن المتابعين للوضع عن بعد.. والشأن الداخلي المصري ليس فقط هو «هم» الرئيس القادم لمصر بل لا يقل عنه أهمية الدور الإقليمي الذي كان ولا يزال «قدرا» لمصر بسبب وضعها الجغرافي، وقيمتها التاريخية والحضارية التي يعرفها الجميع وهو ما جعل الولايات المتحدة الأميركية لا تكف عن إرسال المبعوثين ومنهم الرئيس الأسبق كارتر لمعايشة الوضع على الأرض، هذا بخلاف وفود الاتحاد الأوروبي، والعديد من المؤسسات الدولية والإقليمية التي تتوافد على القاهرة يوميا لمراقبة ومتابعة الانتخابات، وهي وفود تقدر بالآلاف، بالإضافة إلى التصريحات والتلميحات الإسرائيلية التي تطلق يوميا لتعرب عن تخوفها من الوضع في مصر بعد انتخاب الرئيس الجديد وما سيترتب عليه حتما مراجعة العلاقات المصرية الإسرائيلية التي كانت تسير لصالح طرف واحد فقط في عهد النظام السابق.
إن شخصية الرئيس القادم ومدى تقبل المجلس العسكري له، ومدى تقدير المجلس لحساسية الوضع في مصر.. وأن التغيير أمر لا مفر منه، ستحدد إلى حد كبير إمكانية الاستقرار في هذه اللحظات الفارقة في تاريخ مصر والأمة العربية كلها التي تنظر إلى هذا النموذج بالتحديد بعد ثورة شعبية أطاحت برأس السلطة وعدد من أتباعه، وتنتظر حصاد ثورتها بتغيير جذري في نظام قوض الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأكبر دولة عربية، وبالتأكيد فإن لعب أي من الأطراف الفاعلة بالنار في هذه المرحلة قد يشعل حريقا ستكون هي أول من يحترق به.. وسيعيد الوضع للمربع صفرا وهو خيار أعتقد أنه سيحظى بتفكير عميق ممن يتولون الأمر قبل إقدامهم على أي خطوة طائشة، أو حتى مخاطرة محسوبة!
نقلا عن صحيفة العرب القطرية