عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عبدالرحمن الراشد يكتب:رأي هيكل في الشعب السوري

عبدالرحمن الراشد
عبدالرحمن الراشد

لست من المصدومين من أقوال الأستاذ محمد حسنين هيكل، الكاتب والصحافي المخضرم. فأنا لم أتفق مع معظم ما كان يطرحه ويرويه منذ زمن قديم، لكن للأستاذ مدرسته وأتباعه. الآن، حتى تلامذته في مصر يهاجمونه بضراوة بسبب ما نشر على لسانه في صحيفة «الأهرام»، وغيرها من أحاديث له سبقت لحظة الانتخابات. ينتقدونه على مواقفه حيال الثورة والمرشحين للرئاسة.

الجانب الأكثر أذى وإيلاما استهزاؤه بما يحدث للناس في سوريا. يقول «أعرف أن شركة بلاك ووتر الشهيرة بتاريخها الخفي والدامي لبيع خدمات السلاح موجودة وإن باسم جديد حول سوريا وفي داخلها أيضا، وأن هناك قرابة ستة آلاف فرد يتبعون لها يوجدون على الساحة في الداخل والخارج». ذكرني بخزعبلاته القديمة حيث كان يقول إن من هدم برجي التجارة في نيويورك هم صرب يوغوسلافيا!
«بلاك ووتر»! يا لها من كذبة رديئة، حتى شريف شحادة ممثل النظام السوري إعلاميا لم يشطح بمثل هذا القول! وعلى عادته يستخدم هيكل كلمة «أعرف» ونحن نعرف أنه لا يعرف كثيرا مما يدعي أنه يعرفه. نحن من يعرف أن في سوريا قتل أكثر من عشرة آلاف إنسان، لهم أسماء وعوائل، ظلما وعدوانا، في حرب لم يشهد العرب مثل بشاعتها في تاريخهم لنصف قرن. كلهم قتلوا بنيران قوات النظام، وغالبهم كانوا عزلا مسالمين، وبينهم من قتل وهو يتظاهر. وبعضهم قتل وهو في بيته بقصف عشوائي في سياسة عقاب الأهالي وترويع الشعب السوري. قلة قتلت وهي تحمل سلاحا كانت تدافع به عن أحيائها، أو انتفضت ضد النظام بعد أشهر طويلة من الذبح والخطف والترويع الممنهج. هل هؤلاء الأطفال والنسوة وكبار السن هم أعضاء في «بلاك ووتر» الذي اخترعه هيكل؟ هيكل يعرف أنه لو كان هناك جيش من «بلاك ووتر» أو «سي آي إيه» لما صمد النظام كل هذه الخمسة عشر شهرا.
وهيكل يزعم أنها مؤامرة من الأطلسي، ولو كان نصف هذه الكذبة صحيحا لدخل الثوار الصيف الماضي قصر الشعب في دمشق وأسقطوا الأسد وحكمه. نظام الأسد مستأسد على شعبه لأنه أعزل وممنوع دوليا من التسلح، ومحروم حتى من حق الهروب عبر الحدود. الحقيقة إذا كانت هناك مؤامرة فهي مؤامرة لإبقاء النظام واقفا على قدميه وليس العكس. لم يمنع المجتمع الدولي طيرانه رغم قصفه للمدنيين، وتركه يستخدم أربعة آلاف دبابة لتقطيع أوصال المدن، ويتمتع

ببترول مجاني من العراق يمول نشاط قواته، وشحنات الأسلحة الحديثة تصله من روسيا وإيران، ويقاتل إلى جانبه «بلاك ووتر» إيرانية، أعني ميليشيات حزب الله اللبناني وقوات من الحرس الثوري.
والأسوأ أن هيكل قرر من عنده أن «هناك أغلبية واسعة في الداخل السوري لها تصوراتها.. وأول المطالب أنها لا تريد أن يحدث في سوريا مثلما حدث في ليبيا، ثم إنها لا تريد ربيعا من صنع حلف الأطلسي». تخيلوا ثمانمائة مظاهرة سلمية في أنحاء سوريا تظهر في يوم واحد، في الأسبوع الماضي، ومع هذا يدعي هيكل أن الأغلبية السورية لا تريد تغيير النظام!
ثم لم يرق لهيكل أن يوجد من يتعاطف مع شعب عربي مذبوح، فيقول، «أسمع مرات وزير خارجية السعودية يتكلم وأغمض عيني، فيخيل إلي أن الصوت.. لرمز الثورة العالمية أرنستو جيفارا». أليس التعاطف أقل ما يمكن أن يفعله المرء أمام هذا المشهد المبكي، الموقف نفسه ضد مذابح البوسنة وكوسوفو أو غزة أو بيروت؟
وهو يخلط في كلامه بين سوريا البلد والشعب وسوريا نظام الأسد، نريده أن يسمي الأشياء بأسمائها. يقول «هناك حملة على سوريا» في حين أن الحملة دفاعا عن سوريا وضد ما يفعله نظام الأسد من قتل وإبادة.
وهنا أستعير تعليقا لأحد الكتاب المصريين الحانقين، «هيكل لا يعرف كل ذلك ولا يتابعه ولا يفهمه؛ لأنه مغيب عن حقيقة عن مجريات الأحداث وخبرات الدول والشعوب الآن بعد الربيع العربي وحتى قبله، بل إن هيكل على مستوى الوعي السياسي.. ما زال أسير معادلات الستينيات والحقبة الناصرية».
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط