رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أسامة غريب يكتب: المُخ الكندوز

بوابة الوفد الإلكترونية

أختلف كثيراً مع القائلين بأن حسني مبارك كان شخصاً تافهاً يفتقد الى الكاريزما والوهج، وان شخصيته كانت باهتة بلا معالم،

وأنه كان معدوم التأثير فيمن حوله.على العكس من هؤلاء أنا أرى ان مبارك كان يمتلك شخصية ساحرة لم يفلت من أسرها أحد ممن اقتربوا منه.لا أقصد أفراد الحاشية فقط، وانما أقصد ان كل من التقى بالرجل ولو لدقائق معدودة قد خرج من اللقاء وقد أخذ ولو نتفة من روح حسني مبارك.هناك من خرج من عنده وقد تبلدت مشاعره فأطلق تصريحات شوهاء ضد الانسانية والعدالة، وهناك من تفلطحت جمجمته فصار يهذي بكلام فارغ لا قيمة له، وهناك من نسي ربه وصار يعبد العجل، غير من كره أهل مصر وأصبح من محاسيب نتانياهو، ومن خاصم الديموقراطية واتّبع تعاليم عمر سليمان، ومن فقد الاحساس كلية وأصبح يشاهد مسلسلات مكسيكي. المهم ان أحداً ممن زاروا الرجل ومكثوا في حضرته لم يفلت من أشعته الكونية اللاسعة!.في هذا الصدد لا نستطيع ان ننسى عضو مجلس الشعب عن الاخوان الذي كان ضمن وفد برلماني دعاه مبارك للافطار معه، وقد خرج الاخواني المعارض بعد اللقاء وأذاع على الناس أنه أكل أشياء طيبة على مائدة الرئيس كان من ضمنها حاجات محشية حاجات، ثم أعلن تأييده للوحش الكاسر الذي أفطره، وقال انه واثق ان مبارك سيحل كل مشاكل مصر!.
وأتصور ان السادة الذين ضن مبارك بدعوتهم أثناء لقاءاته بالمثقفين في معرض الكتاب وغيره قد كتبت لهم السلامة بعد ان أفلتوا من روح مبارك التي كانت ستطبع عليهم بعضاً من صفاته، ونجوا من العار الذي كان سيلاحقهم بعد ان يخرجوا من اللقاء ليثنوا على الجاهل البليد كما كان يفعل الكتاب والأدباء والصحافيون الذين أدمنوا حضور مثل هذه اللقاءات.
وقد يقول قائل ان النفاق الذي جُبل عليه هؤلاء الناس هو السبب في الظواهر السابقة وليس تأثير مبارك وشخصيته الطاغية، لكن هذا مردود عليه بأن مبارك لم يعد في السلطة الآن ومع هذا فان الممثل طلعت زكريا مازال يقدم مثالاً سيعد في المستقبل

من كلاسيكيات المرحلة، ليؤكد به ما يفعله مبارك في مخ من يقتربون منه.لقد كان طلعت زكريا قبل لقائه الشهير بحسني مبارك شخصاً عادياً تماماً مثل عوام الناس الذين نطالعهم في الأسواق وفي محلات الطرشي والأدوات الصحية، لكنه بعد ان جلس الى الرئيس المخلوع لمدة ساعتين لم يعد نفس الرجل أبداً.وقد فشلت محاولات العقلاء معه ليفهم ان هذا الرجل قد قتل وسرق ونهب وغش وخان ودمر مصر المحروسة، لكن تأثير اللقاء الملعون كان أقوى من العقل والمنطق والدين.
ولقد وجدت في قراءاتي تفسيراً لحالات مماثلة قال به عالم من بوروندي في أحدث أبحاثه عن «ظاهرة المخ الكندوز» تقول النظرية ان من كان يمتلك مخاً كندوزياً كبيراً فان تأثيرهذا المخ لا يقتصر على صاحبه، لكن يتعداه الى دائرة كبيرة تشمل من يجلسون معه أيضاً، ووقتها فان شعاع البصر يمر من فتحة الكوز، والجميع يكونون على خط واحد متعامد على قرص عسل نحل..و بعدها يبدأ المخ الكندوز في الانتقال بكل خلاياه وأليافه الى المخ الجديد، ثم يجد الزبون نفسه بعد ذلك يردد كل الترهات العالقة بدماغ صاحب المخ الأصلي فيقول باصرار عجيب ان الثوار كانوا يتعاطون المخدرات ويمارسون الجنس الجماعي في ميدان التحرير، غير مدرك بأنه قد استعار من صاحب الكاريزما والتأثير الطاغي أهم ما يميزه: المخ الكندوز!.
نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية