رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

شريف عبدالغنى يكتب:حائر بين «البرادعي» الليبرالي و«الشاطر» الإخواني!

شريف عبدالغني
شريف عبدالغني

(بعد ابتعاد الرجل المحترم د.محمد البرادعي عن السباق الرئاسي بإرادته، وإبعاد المهندس خيرت الشاطر «ظلماً»، فإن أفضل المتاح على الساحة- حسب قناعاتي- هما الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح أو المرشح «الإخواني» العالم الجليل الدكتور محمد مرسي!).

هذه السطور التي اختتمت بها مقالي في عدد الاثنين الماضي»14 مايو» بـ»العرب»، التقطها أحد الزملاء وقال: إن لدي تشوشاً وتضارباً في الرؤية؛ إذ كيف-من وجهة نظره- بعد ابتعاد البرادعي»الليبرالي» عن السباق الرئاسي، يكون خياري هو النقيض لليبرالية ممثلاً في»الشاطر» القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، ثم وبعد إبعاد الأخير أفاضل بين «أبوالفتوح»- المنشق عن جماعة الإخوان – و» مرسي» مرشح الجماعة نفسها التي بينها وبين الدكتور»أبوالفتوح» ما صنع الحداد!
زميلي- وهو من مؤيدي مرشحي «فلول مبارك» عمرو موسى وأحمد شفيق- ظن أنه أمسك التايهة، وضبط ما يعتبره «عدم الفهم والوضوح» في المعسكر المضاد لـ»الفلول».
قد يندهش زميلي حينما أقول له هنا: إنني في انتخابات مجلس الشعب 2005، أعطيت صوتي لاثنين.. محام «إخواني» وطبيب يساري متشدد. لم أر أي ازدواجية ولا تناقض أن أجمع بين الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا!
أظن أنني نجوت من طوفان تأثير الإعلام الموجه الذي ربـانا عليه نظام مبارك، فلم يحسن تربيتنا. نجح هذا الإعلام بشكل كبير في إسقاط 3 أجيال مصرية أسرى لـ»الصورة الواحدة»، وأن يكون قبولهم لأي فصيل سياسي بـ»الجملة». فإما أن يكون كله «حسناً» ويستحق أن نرفعه عالياً، أو كله»رديئاً» ويستحق أن نرفعه عالياً ثم نلقي به إلى»القمامة»!
لم يعودنا الإعلام الساقط والتعليم الفاشل على إعمال العقل، والنظر للأمور بشكل ناقد، وللسياسيين-بمختلف اتجاهاتهم وانتماءاتهم- على أنهم بشر فيهم سلبيات، لكنهم لا يخلون من الإيجابيات. ثم إن العملية الديمقراطية تقتضي الاختيار بين ما هو متاح. إن لم أجد المرشح الذي يرضيني بشكل تام، فالمفروض أن أفاضل وأختار»أفضل الموجودين» أو حتى «أحسن الوحشين».
في الانتخابات البرلمانية 2005 كان -كالعادة- مرشح الحزب الوطني الحاكم هو سيد الموقف بالبلطجة والتزوير. طبيعي ألا أصوت له. أصبح وقتها أمامي عدة خيارات، وجدت أفضلها المحامي «الإخواني». الرجل «مسيـس» وصاحب سيرة نظيفة، فضلاً عن تعرضه لظلم فادح. كانت الأجهزة الأمنية تقف ضده ومنعت القرى والمناطق المؤيدة له من التصويت، وأغلقت أبواب اللجان الانتخابية خدمة لرجل الأعمال الفاسد مرشح حزب الحكومة. أما الثاني الذي نال صوتي فهو طبيب يساري مثقف له نشاط بارز في النضال ضد السلطة الغاشمة، وكان وإخوته ضيوفاً دائمين على سجون النظام.
نفس هذا الأمر أطبقه حالياً. فهل «الليبرالية» تعني معاداة كل صاحب توجه إسلامي. الدكتور محمد البرادعي «ملهم الثورة المصرية» أعطى النموذج لليبرالي الحقيقي المؤمن بحق الآخر في التواجد على الساحة. انفتح على كل التيارات بما فيها التيارات الإسلامية بمختلف توجهاتها، وأكد حقهم في التعبير عن آرائهم، ولم يرفض -مثل فرق النواح والولولة الحالية- حقهم المشروع في تولي الحكم عبر صناديق الانتخابات.
كتبت مراراً: إن مصر خسرت «البرادعي» رئيساً. يكفي أنه كان سيضعنا على الطريق الصحيح لبناء دولة المؤسسات. لكنه تعرض لحملة تشويه غير مسبوقة من الجميع..السلطة أيام مبارك وبعده، والمعارضين في عصر «المخلوع» وبعد تنحيه. لقد تعودوا- النظام والمعارضة الديكورية- على عقد «الصفقات»، لذا رفضوا من جاء بمفاهيم مختلفة وشفافة. تجمعوا عليه مثلما يتجمع الذباب على بقعة العسل، فابتعد الرجل عن هذه الجو الخانق، وبدأ الطريق من أوله بتأسيسه مؤخراً «حزب الدستور».
بعد ابتعاده عن السباق الرئاسي، ما البدائل المطروحة. هناك بقايا عصابة مبارك التي تحاول بشتى الطرق إعادة إنتاج نظامه، ليظلوا على عهدهم؛ يمصون دماء مصر والمصريين، وينهبون ثروات البلد. وعلى الجانب الآخر يوجد النقيض، شخصيات حاولت خدمة بلادها فلم تجد إلا كل تنكيل وتشريد واعتقال. من وجهة نظري كان «خيرت الشاطر» في مقدمة هؤلاء وأفضلهم. الرجل قيادي في جماعة «الإخوان

المسلمين» التي تتفق أو تختلف مع بعض أو كل توجهاتها، لكنك لا تملك إلا أن تحترمها كجماعة وطنية اتخذت منهجاً سلمياً، وتعرضت للإقصاء من كل الحكومات طوال عمرها. أما مؤسسها الإمام حسن البنا فسيأتي اليوم الذي يعرف فيه الجيل الجديد حقيقة سيرة ومسيرة هذا الشهيد -الذي رحل عن 42 سنة فقط– وفعل في سنوات قليلة ما جعل جماعته تمتد إلى 95 دولة في مختلف بقاع العالم. أي أن انتماء»الشاطر» لـ»الإخوان» هو قيمة إضافية تحسب له لا عليه. لا ينكر إلا كل جاحد أن الرجل تعرض لظلم فادح وفاضح أيام مبارك؛ دفع سنوات طوالاً من عمره في سجون الرئيس المخلوع، وصودرت أمواله. كل بناته تزوجن وهو قابع وراء القضبان، ورغم ذلك صوروه وكأنه «السوبر مان» والرجل الخارق للطبيعة الذي يسيطر ويدير من محبسه -حيث يعدون عليه أنفاسه- إمبراطورية مالية داخل وخارج الحدود.
من الإنصاف القول: إن «الشاطر» -الذي كان بعيداً تماماً عن الإعلام- حينما أطل على الناس، كانت صورته مبهرة «كاريزما» واضحة ولسان فصيح وثقافة ملحوظة، ودراية كاملة بما يدور في العالم، لدرجة إرسال ممثلين عن الجماعة إلى مختلف الدول صاحبة التجارب التنموية المميزة لدراستها والعمل على نقل ما يصلح منها للتطبيق في مصر. استطاع أن يجتذب مؤيدين من خارج «الإخوان»، وأزال تماماً الصورة المشوهة التي رسمها له إعلام السلطة. لو كانت الأمور سارت بشكل طبيعي فالمؤكد أن المنافسة كانت ستنحصر بين «الشاطر» وشاطر آخر اسمه حازم صلاح أبوإسماعيل تسلل بهدوء في فترة وجيزة إلى قطاعات كبيرة من المصريين. لكن «الأيدي الخفية» تخلصت منهما واستبعدتهما من السباق.
طبقاً للنظرية ذاتها التي أسير عليها، فإن المتاح الآن هما: الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح وتاريخه معروف في العمل الإنساني والإغاثي، والدكتور المهندس محمد مرسي، وهو عالم في مجاله، وسبق له التدريس في أكبر الجامعات الأميركية. لا يهمني أن الأول استقال من «الإخوان» بينما الثاني هو مرشحها ورئيس ذراعها السياسي «حزب الحرية والعدالة». ما يهم هو تاريخ كل منهما، وأن الأمة الناهضة هي التي يقودها العلماء والمفكرون والسياسيون، وليس العسكر و»الجهلاء» و»الفهلوية».
وقبل هذا وبعده لو كان المعروض أمامي «فلول مبارك» عمرو موسى وأحمد شفيق، ومعهم مرشحون يدعون الديمقراطية لكنهم ينتهجون نفس منهج «المخلوع» في نشر»فزاعة الإخوان»، ويطالبون الجماعة سحب مرشحها الرئاسي، وكأن الرئاسة حلال لهم حرام على «الإخوان»، فوقتها سأختار أي مرشح غيرهم حتى لو كان من أصدقاء «اللمبي» مثل «على علوكة» و»أشرف كخة»!
نقلا عن صحيفة العرب القطرية