عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شريف عبدالغني يكتب:المرشح الإسلامي لرئاسة مصر قصقص ريش «الطاووس»!

شريف عبدالغني
شريف عبدالغني

كان المشهد غريبا علينا - نحن المصريين - طوال عقود لم نكن نسمع سوى صوت واحد، ثم حناجر تهتف مدفوعة بالخوف وبالتطبع وبالطلب. يليها أقلام وألسن مثبت فيها «عدادات» لحساب ثمن الكتابة والكلام تنافق وتشيد بـ «منبع الحكمة» و «بحر الحنكة» و «نهر العطاء» و «واحة العطاء» هكذا عشنا عصر مبارك.

إذن هذه أول مناظرة بين اثنين من بين 13 مرشحا يسعون لحكم المحروسة. عشنا وشفنا مناظرات «محلية» وليست مستوردة من واشنطن أو باريس. الواجب يقتضي أن نعيد ونستعيد القول إن السبب في هذا المشهد الحضاري الغريب على عالمنا «الثالث.. عشر»، هو شباب طاهر غض أطلقوا شرارة سقوط «الديكتاتور»، وما زالوا يواجهون «غشم» خلفائه وجبروتهم. سال منهم ما سال من الدماء وفقدوا ما فقدوا من أطراف ونور العيون لكنهم مستمرون في الثورة وسط حملة تشويه مدبرة وخسيسة تتهمهم بـ «العمالة»حينا و «البلطجة» حينا آخر، وبـ «إثارة الفوضى» في كل الأحيان.
المناظرة التي تابعها الملايين على امتداد مصر والعالم العربي، وجرت مساء الخميس الماضي، كانت في الحقيقة بين نموذجين.. الأول «مصر مبارك» الشائخة.. المرتبكة.. الديكتاتورية.. المرواغة.. الفاشلة.. العاجزة.. المريضة» ويمثلها «عمرو موسى»، والثانية «مصر الجديدة» الفتية.. الواثقة.. الديمقراطية.. الواضحة.. الناجحة.. القادرة.. العفية ويمثلها «د.عبدالمنعم أبوالفتوح» المحسوب على التيار الإسلامي.
لا أقصد أن كل صفات «مصر مبارك» تنطبق على شخص «موسى»، فله -كإنسان- كل الاحترام. ولا أعني كل صفات مصر التي نحلم بها متوافرة في «أبوالفتوح» صاحب التاريخ المشرف، لكني لمحت أطيافا من «مصر مبارك» في طلة عمرو موسى وحديثه وأفكاره ورؤاه وهروبه عندما يتطلب الأمر الثبات، ولمست ملامح «مصر الجديدة» من نبرات صوت عبدالمنعم أبوالفتوح وحضوره الذهني الواثق ولغته الواضحة وتعبيراته المعبرة وثقافته الواسعة.
الطبع يغلب التطبع في حالة «موسى». الرجل عاش عمره الوظيفي كله في كنف نظام طاغ مستبد لا يعترف بالآخر ولا يرى في الدنيا إلا نفسه.. يا أرض اتهدي ما عليكي أدي. تأثر غصبا عنه بثقافة النظام. يضاف إلى ذلك غرور كاذب اكتسبه من ضعف الحاشية التي كانت محيطة بمبارك وضحالة فكرها مثل «أعور» وسط مجموعة عميان. من هنا «نفش ريشه».. عاش دور الطاووس، عشق الكاميرات، انتشى بالعدسات وهام بالفلاشات. كان موظفا عند مبارك يأتمر بأمره وينتهي عن نواهيه. لكنه كان يداعب الخيال الشعبي بكلمتين هنا وهناك من عينات «الشجب» و «الاستنكار» ضد إسرائيل، لكن مجمل السياسات التي أشار بها مبارك ونفذها صاحبنا بحذافيرها كانت تصب في مصلحة إسرائيل التي وصفت الرئيس المخلوع بأنه «كنزها الاستراتيجى». لما قضى موسى 10 سنوات كاملة يشيد بحكمة وحنكة وكياسة «سيادة الرئيس» كافأه الأخير بالمنصب الأثير «أمين عام المكلمة العربية». كانت فرصة رائعة أمامه لنفش ريشه أمام قاعدة أكبر من المحيط إلى الخليج. لم يكن يعقد مؤتمرا صحافيا يمارس فيه هواياته الطاووسية إلا بحضور كل المندوبين في الجامعة العربية حتى مندوبي المطبوعات الأسبوعية والشهرية التي لم يكن يهمها الجانب الخبري في أنشطة الجامعة. كان النجم الوحيد.. المتحدث الأكبر.. المسيطر على الميكروفونات والمستحوذ على الأضواء. لا مانع أن يكون حوله مجموعة ممن يخدمون على هذه الصورة.. وزير من هنا.. أو سفير من هناك.
بهذه الروح حضر عمرو موسى المناظرة المنتظرة أوهمه عقله أنه سيكون كالعادة «السوبر ستار». ظن -وظنه كان إثما- أن الأنظار ستكون محتشدة شطره. من هنا كانت صدمته الواضحة منذ بداية المناظرة. تعود أن يتكلم أولا. وإذا تكلم ثانيا يكون كلام الأول مقدما له ومعددا مزاياه. القرعة جعلته ثانيا. من تحدث قبله لم يشد به، بل قدم نفسه للناس بلسان طليق وعبارات موجزة معبرة، وخطف الضوء أولا بتأكيده على دور الثورة وشبابها في وجوده بهذا المكان. حرم «موسى» من فرصة ركوب الثورة بالكلام أمام المشاهدين بعدما ادعى زورا وبهتانا عشرات المرات أنه من مؤيديها.
الصدمة بدت على وجه «الطاووس» فظهر شاحبا متعبا، ظل وقتا طويلا مرتبك العبارات. لم يدخل جو «المناظرة» إلا بعد وقت طويل كان نده خلاله قد مدّ سيطرته وأخذ زمام المبادرة.
مجمل المناظرة أثبتت لكل ذي بصيرة أن «موسى» هو امتداد وتطور طبيعي لنظام مبارك حتى لو ادعى طوال الوقت أنه كان على «خلاف واختلاف» مع الرئيس المخلوع. فشل الرجل لضعف منطقه أن يفسر للناس كيف يكون على «خلاف» مع أكبر رأس بالدولة ويبقي عليه هذا الأخير

في منصبه عقدا كاملا. لو صح كلامه فالمعنى المباشر أن مبارك كان أكثر ديمقراطية من كل رؤساء الولايات المتحدة من جورج واشنطن إلى بيل كلينتون، وأكثر شفافية من كل «حريم» كلينتون بداية من المتألقة جينيفر فلاورز وانتهاء بالمتأنقة مونيكا لوينسكي، ثم لو كان «المخلوع» غاضبا على «موسى» هل كان سيكافئه بالمنصب «العربي الكبير» الذي تحرص مصر على أن يكون مسجلا باسمها؟!
رفض الآخر والتعالي على رأيه الذي ميز عهد مبارك نضح وافتضح في استهانة عمرو موسى بتصويت «أبوالفتوح» بـ «نعم» على التعديلات الدستورية، بينما موسى وغيره من «الفاهمين» حسب تعبيره قالوا «لا»، لكن المنافس العتيد اتخذها «حجة» عليه؛ إذ كيف يدّعي الديمقراطية وهو لا يحترم رأي الآخرين الذين صوتوا بـ «نعم»، فما بالك أن هؤلاء هم الأغلبية ويمثلون %77 من إجمالي ممن حضروا الاستفتاء.

«أبوالفتوح» كسب نقطة مهمة
وكشف «مراوغة» ممثل «مصر مبارك» رفع الرجل أمام الكاميرا للمشاهدين كشف ذمته المالية وما تضمنه من أرقام، ثم كشف ذمته الصحية وما به من «ضغط» و «سكر»، وطلب الأمر نفسه من «موسى» فراح يزيد ويعيد دون أن يقدم رقما معينا لدخله أو يتحدث عن أي مرض يعاني منه، واكتفى بالقول إنه قدم كل شيء للجنة الانتخابات، كما ادعى أن علاقات مصر العربية والإفريقية كانت على خير ما يرام في عهده، مع أن القاصي والداني يعلم أن انهيار دور القاهرة الإقليمي كان واضحا أثناء توليه وزارة الخارجية، وأن الكارثة التي نعانيها حاليا في علاقتنا مع دول حوض النيل بدأت أيضا في فترته الميمونة، ولم يستطع خلالها أن يصحح لمبارك قراره الخاطئ بطلاق القارة السمراء بعد حادث «أديس أبابا» وكأن الأفارقة هم من دبروا محاولة اغتياله.
هذه هي «مصر القديمة العاجزة» التي مثلها عمرو موسى، وتلك «مصر الجديدة العفية» التي نأملها على يد عبدالمنعم أبوالفتوح الرجل الذي يدين بظهوره عصرا كاملا كان فيه اللصوص والأفاقون يتولون أعلى المناصب، بينما كفاءة إدارية وشخصية مسيسة مثله يكون مصيرها الاعتقال والمحاربة.
أبوالفتوح يدرك معاناة الناس وله سوابقه عبر لجنة الإغاثة باتحاد الأطباء العرب التي كان مسؤولا عنها. ساعدت اللجنة ودعمت المنكوبين والمشردين في مصر بفعل سياسات نظام مبارك ورموز نظامه ومنهم عمرو موسى، فضلا عن وصوله بالإغاثة إلى أهلنا في غزة التي كان «المخلوع» يشارك إسرائيل خنقهم بالحصار، وكذلك الصومال وغيرها من الدول الفقيرة التي لا يعرف «موسى» أين تقع على الخريطة أصلا، فقد كان شغوفا مثل رئيسه بالسفر إلى باريس وروما وبرلين وفيينا؛ حيث الماء والخضرة والوجه الأشقر الحسن بعيدا عن الصحاري ووجع القلب في محيطنا الطبيعي بالشرق الأوسط وإفريقيا.
بعد ابتعاد الرجل المحترم د.محمد البرادعي من السباق الرئاسي بإرادته، وإبعاد المهندس خيرت الشاطر «ظلما»، فإن أفضل المتاح على الساحة -حسب قناعاتي- هما الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح أو المرشح «الإخواني» العالم الجليل الدكتور محمد مرسي!
نقلا عن صحيفة العرب القطرية