محمد صلاح يكتب:معركة الاغتيالات الرئاسية
لم تسلم غالبية مرشحي الرئاسة في مصر من حملات للتشويه والاغتيال المعنوي، وبدا السباق نحو المقعد الرئاسي محفزاً بشدة للنيل من السمعة وتحقير المرشحين، حتى أن المتابع لمواقع التواصل الاجتماعي لا يجد الوقت الكافي لملاحقة المشاهد والتسجيلات التي تدعي أن هذا المرشح «مجرم» وأن من يقترع لصالحه سيرتكب جرماً!
في أي سباق تنافسي يسعى المتنافسون دائماً إلى استخدام كل قدراتهم وكفاءتهم ومميزاتهم لتحقيق الفوز، وكذلك استغلال نقاط الضعف لدى باقي المتنافسين لمحاولة نزع أسباب الفوز عنهم. يجري هذا في كل انتخابات تنافسية بين المرشحين في ظل قوانين تمنع الاغتيال المعنوي بين المتنافسين، وتحاسب من يطلق اتهامات تمس الشرف أو السمعة أو الوضع الاجتماعي دون أدلة ثبوتية حقيقية. والمتابع لوقائع الانتخابات الرئاسية المصرية، التي بدأت بالفعل باقتراع المصريين المقيمين في الخارج منذ الجمعة الماضي وحتى الخميس المقبل وتبدأ داخل مصر يومي 23 و24 الجاري، يجد أن كل القوانين التي تضبط إيقاع تلك الانتخابات وتحدد ضوابطها «تضرب» في الصميم. فكان طبيعياً أن يصل الحال إلى حد ممارسة جرائم الاغتيال المعنوي من دون أن يعاقب القائم بالجريمة أو المحرض عليها أو المشجع لها. كان القانون حدد مواعيد للبدء في الحملات الترويجية للمرشحين لكنهم كلهم، حتى من استبعدوا منهم في وقت لاحق، كانوا مارسوا قبل موعد بدء الحملات الانتخابية الدعاية جهاراً نهاراً وتحدوا الضوابط والإجراءات والقرارات والقوانين المنظمة لتلك العملية. وبدت اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات عاجزة عن اتخاذ أي إجراء ضد أي مرشح لوقف الانفلات الدعائي، واكتفت بإحالة المخالفات على النيابة العامة التي لن تستطيع سوى تغريم المخالفين وتجبرهم على تسديد غرامات مالية لا تمثل بالنسبة لهم قيمة ملصق واحد من تلك التي انتشرت بأحجام كبيرة على الجسور والشوارع المهمة. حددت اللجنة القضائية أيضاً مبلغ عشرة ملايين جنيه يفترض ألا يتجاوزه أي مرشح كنفقات لحملته الانتخابية، بما فيها حتى الأموال التي يتبرع بها مناصروه، ولم يلتزم مرشح واحد بحد الانفاق. ويكفي السير ساعة واحدة ذهاباً وإياباً على جسر أكتوبر الذي يصل شرق القاهرة بغربها ومشاهدة الملصقات الإعلانية الضخمة على جانبيه، والواحد منها معروف أن كلفته لا تقل عن 200 ألف جنيه في الشهر الواحد لأدرك أن مبلغ العشرة ملايين جنيه أُنفقت فقط فوق ذلك الجسر بالنسبة لغالبية المرشحين، فما بالنا بباقي الملصقات الدعائية التي انتشرت في كل شوارع مصر وميادينها المهمة وغطت على إعلانات أفلام السينما والأجهزة الكهربائية ومستحضرات التجميل، ناهيك عن الإعلانات التلفزيونية سواء
نقلا عن صحيفة الحياة