رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

محمد صلاح يكتب:معركة الاغتيالات الرئاسية

محمد صلاح
محمد صلاح

لم تسلم غالبية مرشحي الرئاسة في مصر من حملات للتشويه والاغتيال المعنوي، وبدا السباق نحو المقعد الرئاسي محفزاً بشدة للنيل من السمعة وتحقير المرشحين، حتى أن المتابع لمواقع التواصل الاجتماعي لا يجد الوقت الكافي لملاحقة المشاهد والتسجيلات التي تدعي أن هذا المرشح «مجرم» وأن من يقترع لصالحه سيرتكب جرماً!

في أي سباق تنافسي يسعى المتنافسون دائماً إلى استخدام كل قدراتهم وكفاءتهم ومميزاتهم لتحقيق الفوز، وكذلك استغلال نقاط الضعف لدى باقي المتنافسين لمحاولة نزع أسباب الفوز عنهم. يجري هذا في كل انتخابات تنافسية بين المرشحين في ظل قوانين تمنع الاغتيال المعنوي بين المتنافسين، وتحاسب من يطلق اتهامات تمس الشرف أو السمعة أو الوضع الاجتماعي دون أدلة ثبوتية حقيقية. والمتابع لوقائع الانتخابات الرئاسية المصرية، التي بدأت بالفعل باقتراع المصريين المقيمين في الخارج منذ الجمعة الماضي وحتى الخميس المقبل وتبدأ داخل مصر يومي 23 و24 الجاري، يجد أن كل القوانين التي تضبط إيقاع تلك الانتخابات وتحدد ضوابطها «تضرب» في الصميم. فكان طبيعياً أن يصل الحال إلى حد ممارسة جرائم الاغتيال المعنوي من دون أن يعاقب القائم بالجريمة أو المحرض عليها أو المشجع لها. كان القانون حدد مواعيد للبدء في الحملات الترويجية للمرشحين لكنهم كلهم، حتى من استبعدوا منهم في وقت لاحق، كانوا مارسوا قبل موعد بدء الحملات الانتخابية الدعاية جهاراً نهاراً وتحدوا الضوابط والإجراءات والقرارات والقوانين المنظمة لتلك العملية. وبدت اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات عاجزة عن اتخاذ أي إجراء ضد أي مرشح لوقف الانفلات الدعائي، واكتفت بإحالة المخالفات على النيابة العامة التي لن تستطيع سوى تغريم المخالفين وتجبرهم على تسديد غرامات مالية لا تمثل بالنسبة لهم قيمة ملصق واحد من تلك التي انتشرت بأحجام كبيرة على الجسور والشوارع المهمة. حددت اللجنة القضائية أيضاً مبلغ عشرة ملايين جنيه يفترض ألا يتجاوزه أي مرشح كنفقات لحملته الانتخابية، بما فيها حتى الأموال التي يتبرع بها مناصروه، ولم يلتزم مرشح واحد بحد الانفاق. ويكفي السير ساعة واحدة ذهاباً وإياباً على جسر أكتوبر الذي يصل شرق القاهرة بغربها ومشاهدة الملصقات الإعلانية الضخمة على جانبيه، والواحد منها معروف أن كلفته لا تقل عن 200 ألف جنيه في الشهر الواحد لأدرك أن مبلغ العشرة ملايين جنيه أُنفقت فقط فوق ذلك الجسر بالنسبة لغالبية المرشحين، فما بالنا بباقي الملصقات الدعائية التي انتشرت في كل شوارع مصر وميادينها المهمة وغطت على إعلانات أفلام السينما والأجهزة الكهربائية ومستحضرات التجميل، ناهيك عن الإعلانات التلفزيونية سواء

التي سدد المرشح نفقاتها أو أهديت إليه من فضائيات مقابل مشاركة المرشح في عرض لمناظرة أو سهرة انتخابية! أما صور المرشحين على الجدران فحدث ولا حرج، إذ لوثت مصر بفعل الانتخابات الرئاسية حيث ألصقت صور المرشحين وبرامجهم على جدران البيوت والمساجد والكنائس والمصالح الحكومية وأعمدة الإنارة من دون أي اعتبار لمقاييس الذوق والنظافة. ولأن التنافس وصل حده فإن أعضاء حملات المرشحين لا يكتفون باللصق وإنما عمدوا إلى نزع ملصقات المرشحين المنافسين وعادة لا يستطيعون نزعها كلها وإنما أجزاء منها، فبدا القبح غالباً بفعل مرشحي الرئاسة الذين يعدون الناس بالرفاهية! كيف يثق الناس في وعود مرشحين ساهموا في تلويث بلدهم، أو كيف تمنح فئات الشعب أصواتها لمرشحين مارسوا القبح ونشروه؟ يرد بعض المرشحين على السؤال بأنهم وجهوا مناصريهم إلى ضرورة مراعاة القانون وعدم اختراقه والحفاظ على البلد وعدم تلويثها وأن التشويه يجري من دون علمهم. أنها الحجة نفسها التي يطلقها كل حاكم يتفشى الفساد في عهده، فيدعي أن «البطانة» كانت السبب. عموماً أفضى هذا المناخ إلى تفشي حملات الاغتيال المعنوي بين المرشحين من دون حساب أو عقاب. وبدا أن المرشحين اهتموا بتحقير بعضهم بعضاً أكثر بكثير من عرض برامجهم أو نياتهم للنهوض بالبلد وتقديم حلول لمعضلاتها وعلاج أمراض الماضي ووضع أسس لمستقبل أفضل لمصر والمصريين. وإذا كان الرئيس «المحتمل» يتعامل مع منافسيه مستخدماً أساليب مخالفة للقوانين والأعراف والأخلاق وهو مازال بعيداً من المقعد الرئاسي فكيف سيكون رد فعله تجاه معارضيه وهو يجلس على المقعد ويملك السلطة؟! سؤال طرحته فترة ما قبل الانتخابات دون إجابة مطمئنة للشعب الذي قام بثورة.
نقلا عن صحيفة الحياة