رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يحيى الجمل يكتب:هل تريد أن تحرقني..؟!

يحيي الجمل
يحيي الجمل

بعد عودة الرئيس من جولته الأفريقية طلبني أحد العاملين في مكتبه وأخبرني بأن الرئيس يريد أن يراني في موعد حدده لي.

وتوجهت إلى قصر العروبة في الموعد، وبعد انتظار قليل قابلني السيد الرئيس وأخذ يتحدث عن رحلته الأفريقية وعن النجاحات التي حققها فيها، وأنا أستمع بغير تعليق. وأظن أن هذه الجولة لم تكن هي الجولة التي حدثت فيها محاولة الاعتداء عليه في أديس أبابا، عاصمة الحبشة، لأني لا أذكر أن جو الحديث كان متوترا أو أنه تطرق إلى هذا الأمر، ولو كان ذلك قد حدث لكان من الطبيعي أن يكون محل حديث مستفيض - كما هي العادة - من سيادته.
على كل حال بعد فترة قصيرة من المقابلة فوجئت بالرئيس يقول لي أنا قرأت الأسماء التي أعطيتها لي قبل سفري وأعدت التفكير في الموضوع - تصور أنه كان يفكر!! - وعدلت عن فكرة إنشاء حزب جديد وأنا أدعوك أن

تنضم أنت وأصدقاؤك من الناصريين ومن أعضاء حزب التجمع السابقين إلى الحزب الوطني.
ونزل علي الاقتراح كالصاعقة، وباندفاع وغير تحفظ قلت: هل سيادتك تريد أن تحرقني سياسيا؟ أنا آسف يا سيادة الرئيس.
وهممت بالوقوف.. ولكنه وبانفعال شديد أجاب: «أنا أريد أن أحرقك؟ أنا أفكر في مصلحتك وفي مصلحة مصر. على كل حال أنت حر تفعل ما تريد». قال ذلك بغضب واضح.
وانتهت المقابلة. وبدأت مرحلة جديدة في علاقتي به سادها الفتور والابتعاد من ناحيتي وعدم الاتصال من ناحيته، كما كان يفعل قبل ذلك.
وفي تلك الفترة كان الصديق العزيز أسامة الباز - شفاه الله وعافاه - هو أقرب المقربين إليه، وهو مستشاره وناصحه، وكان واضحا أن أسامة يريد لعلاقتي مع مبارك أن تستمر طيبة، فقد كان يظن أن ذلك قد يكون في صالح مصر وصالح الرئيس أيضا.. ذلك كان اعتقاد أسامة.
وفي تلك الفترة كان وزير الداخلية هو اللواء زكي بدر، وكانت تربطني صلة قرابة باللواء زكي بدر - حيث كان عمي متزوجا عمته - وكان شقيق عمري وصباي - سعد - أخا في الرضاعة مع زكي بدر وزير الداخلية القوي الذي كان حسني مبارك يقدره تقديرا شديدا، ويعتمد عليه في الحكم اعتمادا كاملا.
وأذكر أن أسامة قال لي في تلك الفترة: إن الرئيس يفكر في الاعتماد عليك وعلى فتحي سرور بحيث يتولى أحدكما رئاسة مجلس الشعب ويتولى الآخر منصب رئاسة الوزراء. وتعجبت من هذا الحديث الذي جمع فيه أسامة بيني وبين فتحي سرور.
على أي حال.. كان حلمي نمر رئيسا لجامعة القاهرة وكان شقيقه أمين نمر مديرا للمخابرات العامة، وكانت صلتي بالدكتور حلمي نمر صلة صداقة قوية وتقدير متبادل. ذلك فضلا عن صلة القرابة مع اللواء زكي بدر.
وفي غضون عام 1987 فوجئت بما يشبه الهجوم سواء من قبل اللواء زكي بدر أو من قبل الدكتور حلمي نمر - أو من أسامة في خفاء يتفق مع طباعه وحرصه - وكان هذا الهجوم يتمثل في أن ثلاثتهم فاجأوني بأن الرئيس يفكر جديا في أن يرشحني لرئاسة مجلس الشعب، الذي كنت آنذاك عضوا فيه، وكان ترشيح الرئيس يعني أمرا لغالبية أعضاء المجلس الذين ينتمون للحزب الوطني.
وقابلت الخبر بغير قليل من الدهشة والسعادة أيضا، وكان واضحا أنني موافق على ما اتجهت إليه نية السيد الرئيس.
وفي خضم الأحداث وتواليها اتصل بي الأستاذ سيد علي، المحرر بـ«الأهرام» آنذاك وحتى الآن، وطلب أن يجري معي حديثا لـ«الأهرام»، ورحبت بطبيعة الحال.
كان الحزب الوطني هو حزب الأغلبية الكاسحة في مجلس الشعب. جاءني سيد علي وأجرى معي ذلك الحديث الشهير الذي كانت له تداعيات خطيرة.
سألني سيد في ما سألني «ما رأيك في الحزب الوطني؟»، فأجبت ببساطة وعفوية: «هذا الحزب ما خير بين أمرين إلا واختار أسوأهما»، والحديث منشور في «الأهرام» في ذلك الوقت.
وكان سؤالا بين عدد من الأسئلة، ولكن المحرر جعل من إجابتي عن هذا السؤال عن الحزب الوطني العنوان الرئيسي لحديثي في «الأهرام»: «يحيى الجمل يقول الحزب الوطني ما خير بين أمرين إلا واختار أسوأهما».
ولم يوشك الحديث أن يظهر في «الأهرام» وبهذا العنوان حتى فوجئت باتصال غاضب من حسني مبارك يقول لي فيه: «ماذا أقول لهم وأنا أرشحك رئيسا لمجلس الشعب؟ هل أقول لهم هذا الذي قلته في (الأهرام)؟».
وبهدوء قلت له: يا سيدي الرئيس سيادتك الذي اقترحت هذا الترشيح وأنا لم أطلب شيئا ولست حريصا على شيء.
وأنهى الرئيس المكالمة.
وطبعا لم يتم ترشيحي لرئاسة مجلس الشعب، وأهم من ذلك أن هذا الحادث كان هو النهاية الحقيقية لعلاقتي بحسني مبارك حتى آخر عهده بالحكم. حين وجهت إليه عام 2008 خطابي الشهير على صفحات «المصري اليوم». الذي قد يكون محور الحلقة القادمة.
بعد عودة الرئيس من جولته الأفريقية طلبني أحد العاملين في مكتبه وأخبرني بأن الرئيس يريد أن يراني في موعد حدده لي.
وتوجهت إلى قصر العروبة في الموعد، وبعد انتظار قليل قابلني السيد الرئيس وأخذ يتحدث عن رحلته الأفريقية وعن النجاحات التي حققها فيها، وأنا أستمع بغير تعليق. وأظن أن هذه الجولة لم تكن هي الجولة التي حدثت فيها محاولة الاعتداء عليه في أديس أبابا، عاصمة الحبشة، لأني لا أذكر أن جو الحديث كان متوترا أو أنه تطرق إلى هذا الأمر، ولو كان ذلك قد حدث لكان من الطبيعي أن يكون محل حديث مستفيض - كما هي العادة - من سيادته.
على كل حال بعد فترة قصيرة من المقابلة فوجئت بالرئيس يقول لي أنا قرأت الأسماء التي أعطيتها لي قبل سفري وأعدت التفكير في الموضوع - تصور أنه كان يفكر!! - وعدلت عن فكرة إنشاء حزب جديد وأنا أدعوك أن
تنضم أنت وأصدقاؤك من الناصريين ومن أعضاء حزب التجمع السابقين إلى الحزب الوطني.
ونزل علي الاقتراح كالصاعقة، وباندفاع وغير تحفظ قلت: هل سيادتك تريد أن تحرقني سياسيا؟ أنا آسف يا سيادة الرئيس.
وهممت بالوقوف.. ولكنه وبانفعال شديد أجاب: «أنا أريد أن أحرقك؟ أنا أفكر في مصلحتك وفي مصلحة مصر. على كل حال أنت حر تفعل ما تريد». قال ذلك بغضب واضح.
وانتهت المقابلة. وبدأت مرحلة جديدة في علاقتي به سادها الفتور والابتعاد من ناحيتي وعدم الاتصال من ناحيته، كما كان يفعل قبل ذلك.
وفي تلك الفترة كان الصديق العزيز أسامة الباز - شفاه الله وعافاه - هو أقرب المقربين إليه، وهو مستشاره وناصحه، وكان واضحا أن أسامة يريد لعلاقتي مع مبارك أن تستمر طيبة، فقد كان يظن أن ذلك قد يكون في صالح مصر وصالح الرئيس أيضا.. ذلك كان اعتقاد أسامة.
وفي تلك الفترة كان وزير الداخلية هو اللواء زكي بدر، وكانت تربطني صلة قرابة باللواء زكي بدر - حيث كان عمي متزوجا عمته - وكان شقيق عمري وصباي - سعد - أخا في الرضاعة مع زكي بدر وزير الداخلية القوي الذي كان حسني مبارك يقدره تقديرا شديدا، ويعتمد عليه في الحكم اعتمادا كاملا.
وأذكر أن أسامة قال لي في تلك الفترة: إن الرئيس يفكر في الاعتماد عليك وعلى فتحي سرور بحيث يتولى أحدكما رئاسة مجلس الشعب ويتولى الآخر منصب رئاسة الوزراء. وتعجبت من هذا الحديث الذي جمع فيه أسامة بيني وبين فتحي سرور.
على أي حال.. كان حلمي نمر رئيسا لجامعة القاهرة وكان شقيقه أمين نمر مديرا للمخابرات العامة، وكانت صلتي بالدكتور حلمي نمر صلة صداقة قوية وتقدير متبادل. ذلك فضلا عن صلة القرابة مع اللواء زكي بدر.
وفي غضون عام 1987 فوجئت بما يشبه الهجوم سواء من قبل اللواء زكي بدر أو من قبل الدكتور حلمي نمر - أو من أسامة في خفاء يتفق مع طباعه وحرصه - وكان هذا الهجوم يتمثل في أن ثلاثتهم فاجأوني بأن الرئيس يفكر جديا في أن يرشحني لرئاسة مجلس الشعب، الذي كنت آنذاك عضوا فيه، وكان ترشيح الرئيس يعني أمرا لغالبية أعضاء المجلس الذين ينتمون للحزب الوطني.
وقابلت الخبر بغير قليل من الدهشة والسعادة أيضا، وكان واضحا أنني موافق على ما اتجهت إليه نية السيد الرئيس.
وفي خضم الأحداث وتواليها اتصل بي الأستاذ سيد علي، المحرر بـ«الأهرام» آنذاك وحتى الآن، وطلب أن يجري معي حديثا لـ«الأهرام»، ورحبت بطبيعة الحال.
كان الحزب الوطني هو حزب الأغلبية الكاسحة في مجلس الشعب. جاءني سيد علي وأجرى معي ذلك الحديث الشهير الذي كانت له تداعيات خطيرة.
سألني سيد في ما سألني «ما رأيك في الحزب الوطني؟»، فأجبت ببساطة وعفوية: «هذا الحزب ما خير بين أمرين إلا واختار أسوأهما»، والحديث منشور في «الأهرام» في ذلك الوقت.
وكان سؤالا بين عدد من الأسئلة، ولكن المحرر جعل من إجابتي عن هذا السؤال عن الحزب الوطني العنوان الرئيسي لحديثي في «الأهرام»: «يحيى الجمل يقول الحزب الوطني ما خير بين أمرين إلا واختار أسوأهما».
ولم يوشك الحديث أن يظهر في «الأهرام» وبهذا العنوان حتى فوجئت باتصال غاضب من حسني مبارك يقول لي فيه: «ماذا أقول لهم وأنا أرشحك رئيسا لمجلس الشعب؟ هل أقول لهم هذا الذي قلته في (الأهرام)؟».
وبهدوء قلت له: يا سيدي الرئيس سيادتك الذي اقترحت هذا الترشيح وأنا لم أطلب شيئا ولست حريصا على شيء.
وأنهى الرئيس المكالمة.
وطبعا لم يتم ترشيحي لرئاسة مجلس الشعب، وأهم من ذلك أن هذا الحادث كان هو النهاية الحقيقية لعلاقتي بحسني مبارك حتى آخر عهده بالحكم. حين وجهت إليه عام 2008 خطابي الشهير على صفحات «المصري اليوم». الذي قد يكون محور الحلقة القادمة.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط