عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سمير عطاالله يكتب:خرز أزرق

سمير عطا الله
سمير عطا الله

كنت كلما كتبت عن دبي في الماضي دعوت إلى وضع ألف خرزة زرقاء على مدخلها. أرجو رفع العدد إلى ألفين. فقد صمدت وتجاوزت الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم.

وعادت تثبت ما حاولت تأكيده منذ زمن، وهو أن المجتهد يكبو لكن لا يخسر. ودبي صيغة قائمة على الإنتاج لا على اللغو. وعلى سبيل المثال فيها الآن نحو خمسة آلاف صحافي، منهم نحو 1500 في مجموعة MBC وحدها. وفي لبنان حيث صدرت أول جريدة منذ قرنين وأول مطبعة في الشرق لا تزال نقابة المحررين لم تنتخب خلفا للراحل ملحم كرم الذي أمضى نصف قرن في كرسيه. وقامت إحدى المؤسسات بصرف 300 محرر مرة واحدة. وخفضت الموازنات الإعلامية نحو 60 في المائة في العقد الأخير.
خفضت الدولة اللبنانية قبل أسبوعين عدد الأرغفة في ربطة الخبز، الزاد الأهم للفقير، فيما ارتفعت أصوات السياسيين وشتائمهم وسبّهم. لا أصوات مرتفعة في دبي. وفيها - نسبة إلى عدد السكان- أكبر طبقة متوسطة. وليس فيها سياسيون بل مديرون وخبراء وممثلون عن شركات العالم.
ويأتي إليها ويمرّ بها ملايين الزوار، وليس فيها نهر ولا جبل ولا نسمة مجانية مثل بلاد الأرز، ولا فيها نيل أو أقصر. دبي صيغة مناقضة للعالم العربي. تعمل وتعيش ولا تثرثر. وتجري معاملاتها مع الدولة عبر الإنترنت وليس في الميادين والعباسية. وفيها حريات كثيرة ليس بينها حرية الاعتداء على أملاك الناس وأوطانهم وأعمارهم.
تستقبل دبي الهاربين من أوطانهم، عمالا أو رجال أعمال. لحظة دخولهم المطار يدركون أنه ممنوع عليهم مخالفة أي قانون، خصوصا قانون النظافة

ورمي القاذورات من شبابيك البيوت أو نوافذ السيارات. من يوسِّخ يرحل إلى حيث يطيب الوسخ والتلوث وازدراء البيئة.
طالما أُسأل، لماذا تكتب دائما عن دبي؟ لأن هناك ما يكتب عنه. تأمل قضايا العرب فعمن تكتب؟ تأمل السفسطة والمطالب البدائية ومظاهر السجون والمعتقلات وأطفال الشوارع والنصب على الفقير برغيف خبز، فعمن تكتب؟ تأمل كيف تعامل الأنظمة شعوبها وأبناءها وأطفالها، فعمن تكتب؟ أتأمل العمال القادمين إلى لبنان فأرى أنهم في الثانية عشرة من العمر، فعمن أكتب؟ عن النجاح الاقتصادي الذي حققته أنظمة القمع والقسوة؟ عن الذين مهروا في ضبط الأنفاس ولم يحققوا أي شيء آخر؟ عن الدولة التي تخطف رغيفا من خبز الفقراء والمساكين؟
رجاء، أضيفوا ألف خرزة ثالثة وألفا أخرى. خمسة آلاف صحافي يعملون هنا. ولا من يشتم أو يسبّ أو يبتز. أناس من أنحاء الأرض، يعملون ويحيون ولا يرفعون يافطة واحدة. وفي منطقة واحدة 90 في المائة من العاملين جاءوا من درعا، عاصمة حوران، التي كانت ذات زمن غلال المشرق.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط