رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شريف عبدالغني يكتب :فرصة أمام «الزعيم» لمحو أميته!

شريف عبدالغني
شريف عبدالغني

«الفن ليس راقياً في مطلقه، ولا منحطاً في مجمله».. العبارة وردت على لسان ممثل وفنان (بحق وحقيق) اسمه خالد الصاوي. ليتها تعجب قارئا عزيزا جدا أقدره هو الأستاذ «عبدالله العنامنة». عندما يكتب تعليقا على مقال لي يترك كل ما ورد في سطوره ويعلق على عبارة فنية هنا أو هناك. لا تعجبه المشاهد السينمائية التي أحيانا أذكِّر بها القراء لتوصيل فكرة ما. يرى أن حال مصر تدهورت لما ارتضى «الدوبلير» أن ينضرب على «قفاه»، بينما البطل أبوعيون زرقاء حسين فهمي يقبل فاتنة عصرها وكل العصور سعاد حسني.

الفن، كما قال خالد الصاوي، مثل أي مهنة، يمكن أن يكون راقيا حسب مستوى العمل والهدف منه، ويمكن أن يكون مبتذلا. الشيخ الشعراوي -رحمه الله- كان له رأي مشابه في المهن بشكل عام: «لا توجد مهنة محترمة وأخرى حقيرة، يمكن للفرد أن يرتقي بمهنته ويمكنه أن يهبط بها إلى أسفل سافلين». هكذا الصحافة والقضاء والشرطة والطب والتدريس ومسح الأحذية والنظافة.
هل أم كلثوم مبتذلة.. وفيروز تحض على الرذيلة.. وكاظم الساهر يحارب القيم.. ومحمد منير يهبط بذوق الناس.. وماجدة الرومي تعادي الأخلاق؟
وهل شكري سرحان لا يستحق المشاهدة.. وأحمد زكي يستحق المقاطعة.. وعبلة كامل تستحق الحرق.. وكريمة مختار تستحق الرجم؟
ربما لا ينتبه كثيرون إلى أن أدباء وفناني مصر هم من جعلوا لهجتها على كل لسان عربي من أقاصي موريتانيا إلى آخر دروب سلطنة عمان لا يوجد من لا يفهم الألفاظ الدارجة المصرية حتى تلك التي لا ينطقها سوى الطبقة الشعبية في حواري وأزقة المحروسة. لا ينكر إلا كل جاحد أن الفن زاد من الزخم المصري في المنطقة.
مناسبة هذا الكلام هو الحكم الأخير بحبس عادل إمام 3 أشهر بتهمة «ازدراء الدين». رأيي في الرجل معروف ومنشور، لكنه وأشهد الحق لم يزدر الدين. غير أنه أسهم في تشويه صورة التيار الإسلامي. قد تكون مختلفا مع أفكار أعماله أو أفكاره الشخصية، غير أن هذا الاختلاف لا يمكن أن يكون وسيلة لـ «تلبيسه» قضية وحبسه.
السؤال الذي يجب طرحه هو: هل عادل إمام قدم أعمالا ترتقي بالفن أو تهبط به؟
الإجابة من وجهة نظري أن كماً من أعماله «هابط»، بينما البعض الآخر يتراوح بين الجيد والممتاز، ومن ذلك «الإنسان يعيش مرة واحدة» و «حب في الزنزانة» و «المنسى» و «الغول» و «الإرهاب والكباب» و «طيور الظلام» و «اللعب ع الكبار» و «أحلام الفتى الطائر» و «دموع في عيون وقحة». لكن السؤال الأهم في حالة عادل إمام: هل صان جميل الجماهير التي رفعته إلى عنان السماء، وهل كان على مستوى الزعامة التي خلعها الناس عليه في وقت من الأوقات وأصر هو على الاحتفاظ بها وأن يسبق اسمه ذلك اللقب الأثير «الزعيم» كأنه حاكم في إحدى دول عالمنا الثالث عشر؟
الإجابة: أبدا، فطوال مشواره لم يحفظ جميل الجمهور، لم يؤيده في وجه الطغاة. بل انحاز إلى جلاديه وتبنى وجهة نظرهم في معظم أعماله، حتى تلك التي تحمل «تاتش» معارضة، كانت تسير وفق اتجاه فريق من السلطة يرى ضرورة «التنفيس» عن الناس لاحتوائهم ولجم غضبهم. أما عن أفعاله فخذ عندك هذه الحكاية عمن يقدم نفسه على أنه المتحدث باسم الغلابة والمهمشين. أحدهم صدق كلامه لما رآه يتحدث في التلفزيون بأن بيته مفتوح لكل صاحب مشكلة

أو أزمة. جاء الرجل قليل الحيلة من أقاصي الصعيد لعرض مشكلته على «زعيمه». حرس الأخير تعامل بالفعل بما يليق مع الزعماء: «ممنوع الاقتراب أو اللمس». طلبوا الشرطة للرجل. لكن الحق يقال إن الزعيم كان رحيما، فلم يأمر الحرس مثلما فعل كبيره وقدوته وتاج رأسه «مبارك» في واقعة بورسعيد بتصفية مواطن كان يتقدم إليه بمظلمة!
كل هذا كوم وتصريحات الزعيم كوم آخر. فهي –ومعذرة على التعبير- تدفعك إلى «التقيؤ». لم يفوت فرصة إلا وهاجم كل منتقدي مبارك، واتهمهم بما ليس فيهم. حتى حركة «حماس» لم تسلم من سمّ لسانه. الجميع يتذكر كلامه المشين في أثناء قيام إسرائيل بمهاجمة لبنان في 2006 وبتسوية غزة بالأرض أواخر 2009. حمّل بقلب بارد وضمير ميت المقاومة اللبنانية والفلسطينية المسؤولية، ولم ينطق بحرف تجاه إسرائيل. هو هكذا دائما ضد الضحية وليس القاتل.
بمجرد خروج مصطلح «التوريث» راهن على جمال مبارك. أكد أنه يؤيده وراح يعدد مناقبه بأنه تربى في بيت سياسي وتشرب أصول الحكم على يد والده، ثم أطلق جملته الأثيرة: «جمال مبارك مش بتاع بطاطا». لم يكن غريبا إذن ألا يسمع أحد له حسا أيام ثورة 25 يناير حول قتل المتظاهرين وفقء عيونهم وسحل الفتيات فضلا عن إلقاء الجثث في القمامة.
أمام عادل إمام درسان سيفوته الكثير لو لم يتعلم منهما أصول الدور الحقيقي للفنان الحقيقي. الأول خالد الصاوي. مبدع إلى آخر الحدود منذ مسرحيته السياسية الرائعة التي كتبها وأخرجها وقام ببطولتها «اللعب في الدماغ». مواقفه متسقة مع ضمير حي مستيقظ تنحاز للناس لا للسلطة الغاشمة. مثقف. شاعر. يتكلم فتجد نفسك أمام مفكر صاحب رؤية، وحكاء لا تمل من سماعه.
أما الثاني فهو شاب يثبت أن مصر ولادّة. تستعجب أنه من وسط ركام مبارك وتجريفه للتربة المصرية خرج ذلك المطرب ليعيد إلى الأذهان بدايات الكبير محمد منير. كنت أحسد لبنان على مارسيل خليفة وجوليا بطرس. الآن أقول بقلب جامد عندنا «حمزة نمرة» الصغير سنا، الكبير فنا.
«حمزة» لا يجلب الفخر فقط بغنائه المختلف وصوته الشجي. لكن أفكاره وثقافته تؤكد أنه «أستاذ» يجب على «الزعيم» وأمثاله أن يجلسوا أمامه منصتين عسى أن يمحوا أميتهم على كبر!
نقلا عن صحيفة العرب القطرية