عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحمد فودة يكتب:مصر والعودة إلى المربع الأول

أحمد فودة
أحمد فودة

تعيش مصر هذه الأيام أخطر مراحل الفترة الانتقالية، حيث تتهددها مصاعب جمة تشي بإمكانية العودة إلى المربع الأول الذي أعقب ثورة يناير من حيث انهيار كافة مؤسسات الدولة السياسية وتصاعد الأزمات الحياتية، خاصة في مجالي الأمن والاقتصاد.

فمن ناحية هناك حكم المحكمة الإدارية العليا بوقف تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، وفشل كافة المحاولات الجارية بين القوى السياسية المختلفة من أجل التوافق حول الأسس والمعايير الجديدة الحاكمة لتشكيل اللجنة التأسيسية، حيث ما زالت قوى التيار العلماني تصر على الحصول على أنصبة متساوية من مقاعد اللجنة مع أنصبة التيار الإسلامي، رغم حصول هذا الأخير على الأغلبية في انتخابات البرلمان، المكلف باختيار أعضاء هذه اللجنة.
ثم هناك الأنباء التي تتردد بقوة الآن حول قرب صدور حكم مماثل من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون الانتخابات البرلمانية والذي يعني حل البرلمان، وبالتالي فقدان المؤسسة السياسية الوحيدة المنتخبة بحرية ونزاهة من الشعب بعد الثورة.
وهناك أيضا الأحداث المتصاعدة باتجاه تأجيل الانتخابات الرئاسية، بسبب الرفض الشعبي الواسع لقرارات اللجنة المشرفة على هذه الانتخابات المتعلقة باستبعاد بعض مرشحي التيار الإسلامي، الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل مرشح التيار السلفي وخيرت الشاطر مرشح الإخوان، مقابل الإبقاء على مرشح الفلول، اللواء أحمد شفيق، رغم صدور قانون من مجلس الشعب يمنع ترشح فلول النظام السابق في الانتخابات الرئاسية.
هذا الرفض الشعبي لقرارات اللجنة أخذ صورا جديدة في الأيام السابقة تمثل في التظاهرات المليونية في ميدان التحرير وباقي الميادين في المحافظات المصرية المختلفة، والاعتصام من قبل مؤيدي أبو إسماعيل في التحرير. ثم تطور الأمر إلى الزحف إلى مقر وزارة الدفاع المصرية حيث المجلس العسكري الحاكم، والإعلان عن الاعتصام حتى تنفيذ المطالب التي أصبحت تشمل: تنحي المجلس العسكري عن حكم مصر وحل اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، وتعديل المادة 28 من الإعلان الدستوري التي تحصن قرارات لجنة الانتخابات ضد الطعن والتي ظهرت عيوبها واضحة من خلال قرارات اللجنة الأخيرة.
ولم يعد يقتصر الاعتصام أمام مقر وزارة الدفاع على مؤيدي أبو إسماعيل فقط، بل أعلنت قوى وحركات سياسية متنوعة التوجهات الفكرية، عن المشاركة في هذا الاعتصام حتى تنفيذ المطالب، وهو ما يعني أن البلاد مقبلة على أزمة كبرى في حال الإصرار على تنفيذ هذه المطالب.
لأن حل اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية قبل أسابيع قليلة على إجراء الانتخابات يعني تأجيلها حتى يتم الاتفاق على تشكيل لجنة جديدة تحظى بالقبول الشعبي، فضلا عن الحاجة إلى وقت كاف لإعادة النظر في قرارات اللجنة السابقة. كذلك الأمر فيما يتعلق بتعديل المادة 28 من الإعلان الدستوري والتي تعد واحدة من المواد التي تم استفتاء الشعب عليها ولا يجوز تعديلها إلا باستفتاء مماثل، وهو أمر يصعب تنفيذه في الوقت المتبقي على إجراء الانتخابات، حيث يتطلب الأمر وقتا أكبر.
هذه الصعوبة تعني أن المجلس العسكري يمكن أن يلجأ إلى الأسلوب العنيف الذي استخدمه في أحداث محمد محمود التي سبقت انتخابات مجلس الشعب في مواجهة المعتصمين والذي سيترتب عليه سقوط شهداء، وبالتالي زيادة حدة السخط الشعبي ضده وهو أمر لا يريده الآن قبل أسابيع قليلة من موعد تسليمه السلطة للرئيس القادم، حتى يحتفظ بصورة ذهنية طيبة لدى المصريين في أواخر أيام حكمه الرسمي للبلاد.
كل هذه التطورات تعني أن مصر أصبحت على وشك العودة إلى المربع الأول مرة أخرى، حيث لا توجد مؤسسات سياسية تعبر عن إرادة الشعب، في ظل وجود سلطة غير منتخبة ومتصادمة مع تطلعات الشعب الثورية، وهو ما يعني إمكانية اندلاع ثورة جديدة ستكون هذه المرة ضد حكم المؤسسة العسكرية ممثلة في المجلس العسكري. وربما تكون التظاهرات والاعتصامات الجارية الآن أمام وزارة الدفاع هي البداية تماما مثلما كانت أحداث 25 يناير ثم جمعة الغضب في الثورة الأولى.

نقلا عن صحيفة الشرق القطرية