رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أحمد عبده ناشر يكتب:مصر أمانة في أعناق رجالاتها

أحمد عبده ناشر
أحمد عبده ناشر

يوم أن قامت الثورة في 23 يوليو ودع محمد نجيب الملك فاروق في الإسكندرية وداعا رسميا وقال الملك لمحمد نجيب مصر أمانة في أعناقكم، وخرج فاروق ومصر دائنة لبريطانيا بمائة وخمسين مليون جنيه استرليني ذهبا.

وجاءت الثورة ولم يقبل أحد الآخر وتمت تصفيات ودخلت مصر في ظروف صعبة وديون وحروب وكان آخرها حرب 67 والنكسة وكان العرب على رأسهم المملكة العربية السعودية والملك الوطني حكيم العرب فيصل بن عبدالعزيز مد يده لمصر ودعمها وتجاوز عن كل شيء لصالح وحدة العرب وقوتهم وبذل رحمه الله كل ما في وسعه لإعادة الصف العربي ووحدته. ثم توفى عبدالناصر وجاء السادات وقام الملك فيصل بجهود حثيثة لمساعدة مصر ودعمها لإعادة اعتبارها وقوتها لتحرير أراضيها المحتلة فكان دعم حرب أكتوبر وقطع البترول والمواقف التاريخية للمملكة التي يفخر بها كل عربي مسلم مخلص. ثم إن السادات بعد ذلك خرج عن الصف العربي واتخذ قراره الانفرادي بزيارة القدس وأحرج الدول العربية بخطوة كانت لا تخص دولة واحدة وإنما قرارها جماعي لأنها قضية قومية وتعثرت الظروف وبقيت مصر في قلوب العرب جميعاً ثم كانت قمة بغداد وخروج مصر من الجامعة العربية ومضت الأمور إلى أن جاء حسني مبارك وبدأت العلاقات تعود لمجاريها ودعمت الدول العربية مصر وساعدتها تنموياً وفي مختلف المجالات لمكانة مصر ولدورها القيادي ولأهميتها الاستراتيجية ولأنها قوة عربية ودورها مهم.
وجاء الربيع العربي وتغير النظام ولكن لم تتغير المواقف لأن المحبة والأخوة لمصر كشعب كبلد وتاريخ وحضارة وليس لأفراد، فالأفراد ذاهبون ومصر باقية. وهبت النجدة العربية وساعدت الدول العربية مصر بعد الخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذه الظروف وكانت للمملكة العربية السعودية الصدارة في هذا الموقف النبيل النابع من ثوابتها العربية والإسلامية ولأن مصر هي دولة مواجهة وتلعب دوراً كبيراً في العالم العربي والإسلامي والدولي، وهي عمق عربي إسلامي في إفريقيا وفي قضية فلسطين وممر قناة السويس، ولا شك أن مصر قوة عربية لا يستهان بها.
وكان الناس ينتظرون أن يفكر إخواننا في مصر في مصلحة البلاد ووحدتها وقوتها وعودتها للدور التاريخي ويقدموا التنازلات للمصلحة العليا، وعجب الجميع من الخلافات والصراعات واستمرار الاحتقان وتراجع الاقتصاد، فإن ذلك ضعف لمصر وضعفها ضعف للعرب وقوة لأعداء الأمة، وكان الواجب على الجميع أن يعرف أن مصر للجميع بمختلف أطيافهم، يجب على الجميع السير وفق التفاهم والشراكة الجماعية لأنه لا يمكن لأحد أن ينفرد بالأمر، كان الواجب عدم الصراع على تقسيم المناصب والصراع على المكاسب وتوزيع المقاعد ولكن كان الناس ينتظرون أن يسير الجميع وفق الدستور والقانون ويوحدوا كلمتهم للخروج من الأزمة ويبدأوا بتحقيق أهداف الشعب المصري في تنمية اقتصادية ومساعدة الفقراء وتقديم الخدمات الطبية والبنية التحتية وحل مشاكل الشباب وغيرها ولتقوم مصر بمسؤوليتها العربية ودورها الذي حملت مسؤوليته تجاه إفريقيا العمق الاستراتيجي للعرب ولدعم الشعب الفلسطيني وعودة الحق المسلوب الذي تتصدره مصر مع أشقائها، وهي مقر الجامعة العربية، بيت العرب.
ولذا، فإن الخلافات والصراعات والمهاترات والاحتقان وتعطل البلاد تترك مجالا لأعداء الوطن واختلال الأمن وظهور عصابات تخل بالأمن ولها أجندة تخدم جهات تريد تدمير مصر وإبعادها عن دورها القومي العربي.
لقد آن الأوان أن يغلق الجميع أبواب الفتن التي إذا استمرت سوف تضر بمصلحة البلاد وتقودها للهاوية وتدمر الاقتصاد وتبعد مصر عن دورها القومي والريادي. لذا يجب أن يتفاهم الجميع على تقوية البلاد وعدم التفريط بالأمن وسيادة الدولة ورفض الإخلال بالأمن وعودة الحياة الطبيعية، ومهما اختلف الجميع في

مرئياتهم لكن لا يسمحون بالمساس بسيادة الوطن والإضرار به، إن الجميع يتطلع إلى العقلاء لجمع الكلمة وعدم التشنج والغرور بالدنيا وعدم الصراع على السلطة والاستفادة من تجارب الماضي وعدم تكرارها، ولا تستطيع فئة الانفراد بالسلطة ومراعاة الفئات الأخرى ووضعها وتطمينها وعدم السماح لمن يريد أن يخدم أعداء البلاد بإثارة أي فتن طائفية والقبول بسياسة التوافق والتفاهم، وقطع الطريق على أصحاب المشاريع والأجندات التي تريد أن تدمر مصر وتبعدها عن دورها وتجرها إلى صراعات لا نهاية لها وعواقبها ليست في خدمة الجميع والكل خاسر. يجب أن تستمر الانتخابات ويتم القبول بالنتائج بعد ضمانات تسيرها في الطريق الصحيح وفق المعايير والإشراف النزيه. وفي خلال هذه الفترة يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية يتوافق عليها جميع الأطراف والحمد لله إن الجميع يمتاز بالعقل. لذا، لابد من عدم الصراع والمماحكات السياسية.
إن التصريحات الساخنة والمواقف المتصلبة والبيانات والتهديدات والضغوط نتائجها وخيمة، ولن تصب في صالح أية جهة، الكل لا يستطيع تهميش الآخر.
لذا، فإن الكل يجب أن ينظر إلى المستقبل ويتجاوز الماضي بسلبياته ولثم الجراح وعلى الجميع الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، نبي الرحمة، حيث كان العفو والتسامح منهجه، فالعفو والرحمة والاخوة هي القوة التي قام عليها الإسلام، نبينا في فتح مكة كان يعفو ويوحد الصفوف. إن الانتقام والعيش في سجنه لا يمكن أن يساعد على قيام دولة ذات مسؤولية، العرب اليوم يتطلعون إلى مواقف شجاعة وتاريخية من إخواننا في مصر العزيزة على الجميع وأن يبعدوا عن هذه الأمور التي تؤدي إلى نتائج لا يعلمها إلا الله وأن يفوتوا الفرصة على أعداء مصر الذين يتربصون بها ويهمهم ضعفها وإبعادها عن دورها التاريخي، هناك مؤامرات وما يجري جنوب النيل هو جزء منها، وعلى الاخوة ألا يسمحوا بالمهاترات والصراعات، ويكون هدفهم هو بناء البلاد وحل مشاكلها الداخلية والحفاظ على الدور القومي لمصر عربياً وإفريقياً ودولياً.
هناك مستقبل مشرق ينتظر مصر واخوانها العرب لن يتركوها إذا قرر القادة الجدد أن يوحدوا كلمتهم وألا يسجنوا أنفسهم في قضايا الماضي فليتركوه خلفهم وليأخذوا دروسا من العراق وغيرها وأن يضعوا أمامهم منهج نبينا الذي علمنا التسامح والعفو والرحمة وكتب السيرة مليئة بذلك، آمل للجميع أن يحكموا عقولهم بعيداً عن العواطف وعن إغراء الكراسي والمناصب.
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية