عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نعم علمني مصريون .. ولكن!

بوابة الوفد الإلكترونية

أقولها بملء فيّ .. نعم.. علمني مصريون لنصف قرن مضى .. ولا يزالون يعلمونني، هم وغيرهم من شرفاء الأرض، فنهلت منهم ما إنّ منافعه لتنوء بالعصبة أولي الغلظة من غوغائيي هذا الزمان، ومنفلتي العقال من بعد ضراء مستهم. بلى.. تعلمتُ من نخب مصرية، وأخرى سورية، وفلسطينية، وأردنية، وسودانية، وعراقية، وفرنسية، وأمريكية، وكندية، وسعودية. تعلمت منذ العام 1970م، يوم كنت في المرحلة الابتدائية،

بمدرسة عمر بن الخطاب في مدينة شقراء وسط صحراء نجد المفعمة بالخصوصية والأنا العربية الأصيلة، على يد أساتذة كبار لم يكن من بينهم مصريون حينها، درست على يد الأستاذ السعودي، محمد المهنا، الجغرافيا والتاريخ، وعلى يد الأستاذ الفلسطيني فوزي صافي طه، اللغة العربية. وكم أنا مدين له رحمه الله بكثير مما أملك اليوم من استقامة لساني، وفصاحة قولي. وغيرهما من الأردنيين والسعوديين كثير، علموني الخط، والقرآن، والحديث، والتوحيد، والرسم، والرياضة، وغيرها.
نعم.. درست في المرحلة المتوسطة والثانوية، بمعهد شقراء العلمي، منذ العام 1976م على يد الأستاذ السعودي القدير رحمه الله إبراهيم الحمّود، تفسير القرآن الكريم، وعلى يد الأستاذ السعودي صالح الحسن التاريخ والجغرافيا، وعلى يد الأستاذ المصري مدحت حسن اللغة الإنجليزية، وعلى يد أستاذ أردني اللغة العربية. وكم كانت لحظة تاريخية في تاريخي الدراسي، يوم تجاوز علي الأستاذ بالضرب، ظنا منه أنني من أخطأ بخطأ ارتكبه طالب يجلس بجواري في الفصل، فشكوت الأمر لمعلمي الأول، والدي رحمه الله تعالى، فزار المعهد وطلب لقاء الأستاذ، وسأله ذاك السؤال التاريخي: لقد جئتُ يا أستاذ لأتأكد هل بعثتك وزارة المعارف لتضرب أبناءنا أم لتعلمهم؟ فأُفحم المعلم، واعتذر، وقبلنا عذره، وبات صديقا للعائلة من حينها حتى فرقتنا السنون.
نعم.. تعلمت علم الإعلام بقسم الإعلام في جامعة الإمام بالرياض منذ العام 1982م على أيدي أساتذة أعلام، ونخب علمية وفكرية أفذاذ مصرية وعربية وسعودية. درست على يد الدكتور المصري طه ربيع رحمه الله، والدكتور المصري سمير حسين، والدكتور المصري حمدي حسن، والدكتور السوداني حسن الحسن، والدكتور السوداني عثمان أبو زيد، والدكتور العراقي أحمد العجري، والدكتور السعودي عبد القادر طاش رحمه الله، والدكتور السعودي أحمد سيف الدين، والدكتور السعودي سيد ساداتي، والدكتور السعودي محمد الحمود، وغيرهم كثير.
ولأن الله قد أنعم علينا بنعم كثيرة بمنه وفضله، ورزقنا قيادة رشيدة منحت التعليم عندنا الأولويات التنموية، فقد طفت الآفاق أتعلم من هنا وهناك. فدرست اللغة الإنجليزية في مركز EF للغات في بريطانيا في صيف العام

1984م، على يد معلمين إنجليز تعلمت منهم كثيرا من ثقافة الشعوب، وقيم البشرية النبيلة. وغادرت إلى كندا لأدرس اللغة الفرنسية في جامعة McGill ومن بعدها الدكتوراه في العام 1993م ، بجامعة Québec فعلّمني أساتذة كنديون كبار. درسني René-Jan Ravault، نظريات الاتصال، ودرسنيThérèse-Paquet Sévigny الإعلام وقضايا التنمية، ودرسنى آخرون كثيرون كنديون وأمريكيون. واليوم .. ومنذ عودتي للعمل في الجامعة، أمتلك علاقات كثيرة مع أساتذة كثيرين مصريين وعرب وسعوديين وفرنسيين، وكنديين، وأمريكيين، وغيرهم.
تلك.. ليست قصتي، أيها القارئ الكريم، والقارئة الكريمة، بل هي حكاية أجيال عاشت وتعيش على أرض المملكة العربية السعودية، نهلت العلوم والمعارف من مواطنها اليانعة، وتعلمت من كل الدنيا، ومن كل أحد يملك عِلما يمنحه، أو خبرة يزجيها.. أجيال تعلمت فنون إدارة الحياة، فارتقت في مدارجها، بما قدر الله لها.. أجيال من الرجال والنساء مواطني المملكة، تعلموا خلال رحلة عظيمة من رحلات التنمية المعاصرة في العالم الراهن كثيرا من قيم الوفاء، والحب والعمل والتضحية وبناء الوطن والذات، واحترام الآخر، الآخر القريب، والآخر البعيد.. ونهلت من منابع شتى كيف تكون الحياة الكريمة، وكيف يكون الاعتراف بالجميل لقيادة حكيمة بذلت وأعطت، ولمجتمع وفيّ دعم وساند، ولمعلمين أكفاء أفادوا واستفادوا. فقامت نهضة سعودية مشرفة، وجيل سعودي واع، يقف اليوم موقف القادر على استيعاب كثير من تداعيات الزمان على بعض نفر ممن غرتهم الأماني، فعاثوا في ديارهم فسادا، وعملوا على خلخلة ما ترسخ من علاقات أخوية متينة بين شعبين كريمين. وخلاصة الأمر، إذا كنا تعلمنا هكذا.. فليسأل الذين أساؤوا لعلاقة البلدين من علّمهم؟

د.عبدالله الحمود
أستاذ الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية