رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

السيرك المصري والمراهقة السياسية

محمد صلاح
محمد صلاح

تبدأ السياسة في مصر في المحاكم وتنتهي عندها. فالانتخابات الرئاسية المقررة في 23 آيار (مايو) المقبل مهددة بالإلغاء، بسبب قرار اللجنة القضائية المشرفة عليها بإحالة التعديلات التي أدخلت على قانون مباشرة الحقوق السياسية، المعروف باسم «قانون العزل»، على المحكمة الدستورية العليا، وإعادة الفريق أحمد شفيق إلى لائحة المنافسين على المقعد الرئاسي. فإذا ما قضت المحكمة الدستورية بأن التعديلات متوافقة مع الدستور، وصدر قرارها بعد إعلان نتائج الانتخابات وفاز شفيق، فإن مصر سيكون لها رئيس محروم من حقوقه السياسية!

وإذا ما جاء قرار الدستورية قبل الانتخابات برفض الفصل في التعديلات، كما فعلت حين أحالها المجلس العسكري عليها، فإن الانتخابات مهددة بالتوقف لحين الخروج من تلك المعضلة القضائية. البرلمان نفسه مهدد بالحل أيضاً، إذ إن هناك قضية موجودة أيضاً في المحكمة الدستورية تتعلق بمدى شرعيته، أقامها محامون وناشطون رأوا أن النظام الذي جرت عليه الانتخابات البرلمانية غير متوافق مع الإعلان الدستوري، إذ استأثرت الأحزاب السياسية بالمقاعد البرلمانية ونافست عليها، وجاءت على حقوق المستقلين الذين يمثلون النسبة الغالبة بين جموع الشعب المصري.
ومن المقرر أن تبدأ لجنة الطعون في المحكمة الدستورية يوم 6 آيار (مايو) المقبل الإجراءات العملية لنظر الدعوى. ومن قبل قضت محكمة القضاء الإداري ببطلان تشكيل الهيئة التأسيسية للدستور ووضعت كل القوى السياسية خصوصاً حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين» و «النور» السلفي أمام خيار صعب، وهو القبول بأن تكون الجمعية التأسيسية بالكامل من خارج البرلمان، رغم الجهود التي بذلت للتوافق على حل تلك القضية القضائية السياسية إلا أن المشكلة لا تزال قائمة. أمام قاعات المحاكم أيضاً تصنع السياسة كل يوم، فعشرات القضايا المتهم فيها رموز النظام السابق أو المتورطون معه في قضايا مختلفة يحاكمون بينما أهالي الضحايا أو المضارون من أفعال نظام مبارك ينتظرون أحكاماً مشددة لا تصدر عادة.
واستناداً إلى حكم قضائي تم استبعاد المهندس خيرت الشاطر والدكتور أيمن نور من المنافسة على المقعد الرئاسي، وبسبب أحكام قضائية أخرى أعيدت الانتخابات البرلمانية في دوائر عدة. كل ذلك يحدث لأن

القوى الفاعلة على المسرح السياسي في مصر تتنافس على أي شيء ولا تتوافق أو ترضى بالقسمة لأي شيء.
تبدو الصورة وكأن تلك الأطراف تعاني مراهقة سياسية، إذ تتصرف من دون حساب لردود فعل الأطراف الأخرى أو مصالحها أو تأثيرها في الشارع، تتعامل وكأنها وحدها على الساحة أو باعتبار أنها وحدها صانعة الثورة ومن حقها أن تلتهم كعكتها.
صحيح أن خريطة الطريق السياسية نحو تأسيس الدولة المدنية تسير بشكل متعثر، وهو أمر قد يرضي بعضهم طالما أنها تسير، لكن هذا لا يعني أن احتمالات التوقف قائمة، سواء بالنسبة للسلطة التشريعية (البرلمان) أو الانتخابات الرئاسية (الرئيس) ويسود شعور بين المواطنين بأن الساسة أفسدوا الثورة، وأن الشعب الذي دفع ثمن حكم مبارك يدفع ثمن صراع النخب والساسة، وأن الثورة على نظام مبارك كانت تحتاج إلى ثورة أخرى على أساليب الأحزاب والحركات والقوى السياسية التي تمارس الأفعال نفسها، وتسعى إلى الاستئثار والاستحواذ، ولا تتوقف عن إقصاء المنافسين، وهي المفاسد التي ارتكبها الحزب الوطني على مدى 30 عاماً.
تبدو صورة المسرح السياسي في مصر وقد تحولت إلى سيرك كبير، اختلطت فيه الأوراق واللاعبون وأدوات السحر ومحاولات الممارسات الخارقة، بينما الجمهور لا يجد ما يشد انتباهه إلا الإحساس بأن الخطر لا يهدد فقط اللاعبين وإنما هم أيضاً‍، بل قد يصل إلى حد ابتلاع المسرح بمن فيه.
نقلا عن صحيفة الحياة