رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خطاب مفتوح إلى نجم السلفيين «حازم أبوإسماعيل»

بوابة الوفد الإلكترونية

أثناء انتخابات مجلس الشعب المصري عام 2005، خرجت صحيفة «المساء» القاهرية بمانشيت في الصفحة الأولى عن سقوط عدد من رموز الحزب الوطني «الحاكم» أبرزهم الدكتور مصطفى الفقي أمام القيادي الإخواني الدكتور جمال حشمت، ونجم الكرة والإعلامي الشهير أحمد شوبير أمام شخصية إخوانية أيضا، والدكتورة آمال عثمان أمام المحامي الإسلامي حازم صلاح أبوإسماعيل.

أهمية الخبر ليست فقط في سقوط هؤلاء «الرموز» -لو اعتبرناهم كذلك- ولكن في نشره بالجريدة التي تطبع نسخها في وقت متأخر من الليل وأحيانا حتى الصباح، وبالتالي يتاح لها -أكثر من معظم الصحف المصرية- متابعة آخر الأخبار ونتائج فرز الانتخابات وقتها. لكن في آخر اليوم كانت المفاجأة: «الثلاثة الساقطون تحولوا بقدرة قادر وأصبحوا ناجحين»! كيف..؟ العلم عند ربي ووزارة الداخلية!! فضيحة تعودنا عليها كثيرا من نظام مبارك، وتعايشنا معها حتى هرمنا على هذا «الفُجر».
ما يعنيني هنا هو أنت يا «شيخ حازم» كما يحب محبوك أن ينادونك. شعبيتك واضحة من يومك. جزء منها مستمد من سيرة ومسيرة والدك الشيخ صلاح أبوإسماعيل. «د.آمال» التي هزمتها هي جزء أصيل ومقرر ومكرر علينا في نظام مبارك. تمثل العنصر النسائي الحاضر دائما في أي تشكيلة حكومية. وجودها ضروري لإثبات أن النظام لا يبخس المرأة حقوقها. ظلت نحو 20 عاما وزيرة وعضوة برلمانية. ولما أخرجوها من الحكومة أعطوها مكافأة نهاية الخدمة: «وكيلة مجلس الشعب». وسخروا كل الخدمات لها في دائرتها الانتخابية حتى تنجح دون الحاجة لتزوير. فلما تفوقت عليها أنت لم يسمحوا لك بالجلوس مكانها في البرلمان. كان غيرك أشطر.. مبارك يحمي خدمه الطّيّعين.
ذكّرتك بهذه المقدمة التي ربما نسيتها أنت وأنصارك من السلفيين الذين نصبوك زعيما ونجما شعبيا. القصد أنك تعرضت لظلم بيّن. لكن الله كافأك بهذه المحبة التي حصدتها في قلوب كثيرين بطول الوطن وعرضه. محبة أنت تستحقها وزيادة.. ولم لا.. إنسان نظيف اليد، نقي السريرة، حلو اللسان، بشوش الوجه، وصاحب «كاريزما».
لو طالعت مقالي في «العرب» عدد الجمعة 6 أبريل 2012، ستدرك أنني أعطيتك حقك تماما بشأن حملتك الدعائية الضخمة في انتخابات رئاسة الجمهورية، التي أثارت ضدك التعليقات الساخرة في كل اتجاه. قلت إنها «شطارة» أن تصل إلى كل حارة وزقاق على امتداد المحروسة. تحدثت عن سرعة البديهة وخفة الظل التي تمتلكها، وقدرتك على جذب الأنصار. وأضيف هنا إلى تلك الخصال أنك أعطيت صورة مخالفة لما عهدناه عن التيار الذي تمثله، فلست متجهم الوجه مثلهم، ولا تكفر الآخر كما يفعلون، ولم تقدم فروض الولاء والطاعة لمبارك مثلما قدموا، ولم تنافق المجلس العسكري كما نافقوه.
لكن وقعت الواقعة وأخرجوا لك من «الجراب» حكاية الجنسية الأميركية للسيدة الفاضلة المرحومة والدتك. صراحة كانت الهواجس والشكوك تحاصرني كلما زاد لمعانك وبريقك الإعلامي، وقلت بيني وبين نفسي إن «الأصابع الخفية» التي تدير كواليس الأحداث في مصر ستطلع لك بحكاية لا تخطر على البال هدفها إسقاط مصداقيتك. ليس وحدك بل معك التيار الذي تمثله وكل مريديك ودراويشك.
أؤكد أنني ضد موضوع الجنسية المزدوجة لوالدي المرشحين الرئاسيين، حتى لو وصل الأمر إلى ازدواج جنسية المرشح ذاته. أوباما «الكيني ابن الكيني وصل لكرسي حكم أكبر دول الكون. مصر نفسها بنى نهضتها الحديثة جندي ألباني اسمه «محمد علي». الرئيسان الراحلان محمد نجيب وأنور السادات لهما جذور سودانية. لكنك ما دمت قبلت بقواعد اللعبة فعليك الالتزام بها، خصوصا أنك وأنصارك ممن دعوتم الجماهير للتصويت على التعديلات الدستورية بـ «نعم» التي وفقا لنتيجتها خرج «العسكر» بالإعلان الدستوري وبمادته الشهيرة (28) التي تعطي حصانة مطلقة لقرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية. فلما استبعدوك من السباق الانتخابي وقعت في كمين تلك المادة. ربما لم يدرك أصحاب النوايا الحسنة -وأنت منهم- الذين صوتوا بـ «نعم» لتلك التعديلات أن «العسكر» يريدون السيطرة التامة على

منبع الانتخابات، وأن غرضهم «فليتنافس المتنافسون.. بشرط أن نوافق عليهم مسبقا». ربما استلهموا في ذلك «التجربة الإيرانية».
لم يجد أنصارك وسيلة يرفضون بها قرار استبعادك من السباق سوى الاعتصام، والتلويح بإعادتك للانتخابات بالقوة. هم يصدقونك.. سلموا عقولهم لك. وما دمت أكدت أن السيدة والدتك لم تحصل على جنسية بلد العم سام، إذن «ياللي بتسأل عن الجنسية.. أم الشيخ طلعت مصرية». ما زالت حناجرهم تدوي بهذا الهتاف حتى الآن. مقتنعون أن هناك مؤامرة كونية ضدك.
الكرة الآن في ملعبك يا شيخ حازم.. أن تخرج وتروي كل الحقيقة. أنت أدرى الناس بها. لا أشكك فيما سبق وأقسمت عليه بأن والدتك مصرية. هي فعلا مصرية لكنها حاصلة على جنسية أخرى حسبما تؤكد لجنة الانتخابات. هناك الكثير في جعبتك حتى تحسم هذا الأمر، وتدعو دراويشك إلى العودة لبيوتهم واتباع أصول اللعب التي سبق ووقعوا عليها بـ «نعم» عريضة، ووصفها بعض كبارهم بـ «غزوة الصناديق»، وادّعوا أن كل من يقول «لا» إنما يلعب لصالح الكنيسة.
ظني الشخصي -وبعض الظن ليس إثما- أن أحد «الأصابع الخفية» وضعك في ورطة وورطك في عقدة. جهاز أمن الدولة كما هو حتى وإن غيروا لافتته إلى «جهاز الأمن الوطن». الجهاز متغلغل في كل الأحزاب والقوى السياسية والتيارات من الإسلامية إلى اليسارية ومن غير الملتحين إلى أصحاب «الذقون». قد يكون أحد «أصابع» هذا الجهاز أرسل إليك رسالة «طمأنة» عبر أحد أنصارك بأنهم لن يفتشوا في موضوع جنسية الوالدين خاصة أنهما رحلا عن الدنيا، ولم يعد لهما تأثير في مسارات الأحداث، ولن يسافرا مرة أخرى بجواز سفر مصري أو أجنبي. قد تكون هذه الرسالة -في حالة حدوثها- توافقت مع هوى في نفسك لا يعترف بتأثير ازدواج جنسية والدي المرشح على قراراته، وأن يكون «الجرين كارد» الذي أتاح لوالدتك الإقامة في أميركا كما ذكرت بنفسك لا يعني حصولها على الجنسية. أو أنك وضعت احتمالا لفتح هذا الملف فذكرت في أوراق ترشحك أن والدتك لم تحصل على جنسية أخرى غير المصرية «على حد علمي» بحسب التعبير الذي نسبوه إليك!
الحل عندك لوأد بؤرة عنف قد يستغلها هواة التخريب لدفع أنصارك إلى ما لا يحمد عقباه.. قل الحقيقة يا شيخ حازم، واعتذر بشجاعة لو كنت أخفيت أي معلومات. ووقتها سنرفعك مع محبيك فوق الرؤوس. فكلنا بشر ولسنا ملائكة معصومين.
«الحقيقة» وحدها هي ما يليق بك، وغير ذلك هو ثوب حرام أن يرتديه أمثالك. يكفينا ما عرفناه من الكذابين!
نقلا عن صحيفة العرب القطرية