عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نداء إلى رعاة الغنم

أسامة غريب
أسامة غريب

لو تأخر المرتب الشهري على الموظف أو الأجر الأسبوعي على الصنايعي أو اليومية على العامل لوجدته على استعداد لأن ينسى الأدب والأخلاق والتحضر والمدنية والدين والتربية، فيمكن أن يخرب العمل ويتلف المستندات ويعطل مصالح الناس، كما أن البعض قد يصل به الشطط في الإعراب عن الغضب الى حد ارتكاب جريمة قتل.

لكن نفس الشخص الذي رفض أن يتأخر المرتب يمكن أن تجده على استعداد بكل طيب نفس وكرم وأريحية ان يشارك في عمل تطوعي بالمجان يأخذ منه الساعات الطويلة التي قد تمتد الى أيام وأسابيع يبذلها راضياً دون أن يشكو أو يتذمر.. ذلك أن هناك فرقا شاسعا بين العمل بأجر الذي يقبل عليه الإنسان بدافع سد الرمق، وبين العمل التطوعي الذي يسعى اليه المرء وقد يتكلف لأدائه مالاً يدفعه من جيبه، فالإنسان لا يتطوع إلا من أجل ما يسعد نفسه ويرضي ضميره. يستوي هنا التطوع من أجل القتال في سبيل الوطن عند تعرضه للعدوان مع الخدمة المجانية في حملة للتبرع بالدم، مع التطوع في معية مرشح رئاسي نثق به ونرغب في دفعه لكرسي الرئاسة. كل عمل تطوعي يتضمن إذن تضحية بالوقت والجهد وربما المال، وفي أغلب الأحوال يكون المتطوعون من المواطنين البسطاء الذين أدمنوا حب الوطن وليس لديهم سواه.. لهذا ينبغي على كل من له أنصار ومتطوعون يثقون به ويظنونه مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ الوطن أن يترفق بهم ويتقي الله فيهم فلا يتعامل معهم باعتبارهم قطعان غنم يحركها من هنا لهناك تحت المطر وفي الصيف اللاهب وفي ذروة العواصف الترابية دون أن يستشعر الخجل من أن يذهب لبيته ليستحم ويتناول الطعام، بينما يترك الأنفار تتضور جوعاً وتعباً ويطلب منهم أن يرابطوا ويبقوا في الشارع حتى يأتيه مزاجه فيفك أسرهم! وأنا هنا لا أقصد أحداً بعينه

وإنما أتوجه بالحديث الى كل الأشخاص والقوى الذين استطاعوا باستخدام الدين والوطنية أن يحصلوا على متطوعين تركوا منازلهم وأهليهم، وربما لا يوجد ببيوتهم طحين أو حليب، وذهبوا وراء الأبطال المزعومين يؤازرونهم ويضعون دماءهم تحت الطلب ورهن الإشارة. ينطبق هذا على العديد من الجماعات والقوى سواء التي شاركت في الثورة أو التي شاهدتها في التلفزيون، وكل من هؤلاء حظي بفضل العاطفة الثورية النبيلة أو الدينية الصادقة على أنصار يمكن أن يكونوا طاقة بناء للوطن لو تحلى القادة بالضمير وترفعوا عن خوض المعارك الشخصية استناداً الى قطعان الأنصار الذين شخرمتهم الأيام ففقدوا الوعي السياسي وإن لم يفقدوا العاطفة. وليت القيادات تعي أن الله سوف يحاسبهم عن آلاف ساعات العمل التي خسرها الوطن، والرزق الذي ضاع على هؤلاء الأشخاص وعائلاتهم عندما فضلوا ترك العمل وإهمال الأبناء واتجهوا للاحتشاد وراء ما ظنوه مشروعاً لخير الوطن ومن ظنوه سيأتي لهم بالعدل في الدنيا وتكون نصرته سبباً في دخولهم الجنة في الآخرة.
وأظنني لست في حاجة للتوضيح ان النزول الى ميادين التحرير لاستكمال أهداف الثورة لا يدخل ضمن الحديث السابق، فهو وحده ما يستحق ترك البيت والولد، والجود بالروح والدم.

نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية