رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«مصائب» الفلول عند الإخوان «فوائد»

خالد مخلوف
خالد مخلوف

لم تصل شعبية جماعة الإخوان المسلمين في مصر لمثل هذا التدهور من قبل طوال تاريخ الجماعة وذلك منذ نشأتها، وطوال رحلتها الطويلة التي تباينت مدا وجذرا مع النظم الحاكمة في مصر منذ العصر الملكي حتى عصر المخلوع مبارك وصولا إلى المشهد الحالي.

وجاءت الخطوة التي دفع فيها الفلول بعمر سليمان رئيس المخابرات السابق إلى الترشح لرئاسة الجمهورية والتي تحمل العديد من الأبعاد المختلفة «طوق النجاة» لشعبية الإخوان المسلمين بعد أن تجمع ملايين المعترضين وتكاتفوا حول قضية واحدة وهي منع عمر سليمان من الترشح، بعد أن اعتبروا أن مصيبة عودة أحد أذرع مبارك القوية إلى رأس السلطة ربما يكون أكثر خطورة من تصرفات الإخوان «المرتبكة» وآخرها قضية اللجنة التأسيسية للدستور التي سيطر الإسلاميون على غالبيتها، والتي شهدت الكثير من الشد والجذب بين الجماعة والتيار الإسلامي من جهة، والعديد من ألوان الطيف السياسي في مصر، وأعطى من خلالها الإخوان ذريعة للجميع لمهاجمتهم والنيل منهم بعد أن اتهموهم بالمغالبة ومحاولة السيطرة على كل شيء، وكان من بين الانتقادات اللاذعة للجماعة الدفع بخيرت الشاطر نائب المرشد العام للترشح لمنصب الرئيس أيضا بعد تأكيدات الإخوان عدم الدفع بمرشح رئاسي مرارا.
حالة الارتياح انقلبت إلى «غم» لدى «فلول» مبارك وحزبه البائد وهم كلهم لا يتجاوزون بضع مئات مدعمين ببعض المحسوبين على الإعلام وبعض العناصر الأمنية التي لا تزال تعيث في الأرض فسادا وتختلق الفتن أملا في تقويض أي استقرار، في قناعة منها بأن هذا الاستقرار سيدفع بها بلا شك إلى غياهب السجون وربما إلى حبل المشنقة، فهي تدافع عن بقائها ليس في الحياة السياسية فقط ولكن على قيد الحياة، فالارتياح الذي تحول إلى «غم» بعد الإطاحة بعمر سليمان من الترشح على خلفية عدم استكماله للتوكيلات المطلوبة في محافظة سوهاج، قابلته حالة ارتياح لدى كل التيارات الإسلامية رغم خروج عدد من مرشحيها.
فخروج رئيس المخابرات الأسبق من حفل الرئاسة بمثل هذا المنظر المخزي، بمبرر لا يقع فيه سياسي مبتدأ وليس قياديا لأكبر الأجهزة الاستخباراتية في المنطقة كلها يؤكد السيناريو المعد للدفع بسليمان إلى المشهد للتخفيف من وطأة اعتراض الإسلاميين، بعد النية المبيتة بالإطاحة بحازم صلاح أبوإسماعيل، وكذلك خيرت الشاطر مرشح جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما تم بالفعل حيث جاء الاستبعاد الجماعي والفرحة العارمة بخروج عمر سليمان من المشهد بشكل نهائي ليبعد شبح اعتراض إسلامي جارف على مثل هذه الخطوة لو جاءت منفردة ضد الإسلاميين فقط.
السيناريوهات التي تشهدها الساحة السياسية في مصر ليست بعيدة عن النظام السابق، ومشهد الشرطة العسكرية وهي تحرس سليمان أثناء دخوله إلى لجنة الانتخابات الرئاسية لتقديم أوراقه كان يحمل رسائل كبيرة إلى الشعب وجميع المراقبين في استمرار الفلول في المشهد ليس هذا فقط بل توغلهم بداخله وصناعته والتحكم في العديد من القرارات المتعلقة بالعملية السياسية والانتخابية.
السعادة عمت جميع أطياف القوى السياسية باستبعاد سليمان الذي غطى على حزن استبعاد الشاطر وأبوإسماعيل، الأول على خلفية ادعاءات حمل والدته الراحلة الجنسية الأميركية، والثاني بذريعة عدم رد الاعتبار

إليه بعد حبسه في قضية ميليشيات الأزهر والتي لفقها له مبارك وجهازه الأمني، فالجميع يدرك الأبعاد السياسية لاستبعاد مرشحي التيارات الإسلامية من المشهد الرئاسي وهي كلها تدل على عدم وصول الثورة إلى الحد الأدنى من طموحاتها، وكذلك التدخل الخارجي في الشأن المصري، ولعبة التوازنات التي «يحيكها» القائمون على الأمر لصالحهم وذلك حتى يفلتون من العقاب، فالجميع يدرك أن أي استقرار للوضع السياسي، واستقلال للقضاء سيدفع الكثيرين ممن يتقلدون المشهد السياسي إلى السجون.
إن كل ما حدث يصب من جديد في خانة جماعة الإخوان المسلمين رغم استبعاد مرشحهم الأساسي، ولكن يتبقي لهم المرشح الاحتياطي وهو الدكتور محمد مرسي، ونرجو أن يكون الإخوان قد تعلموا من الدروس التي حصلوا عليها طوال الفترة الماضية، والتي أثبتت ضعف خبرتهم في الحياة السياسية بعد أن أعطوا ظهرهم للثورة، وارتموا في أحضان المجلس العسكري الذي أعطاهم من الدروس ما نرجو أن يكونوا تعلموا منها، على الرغم من حسن نواياهم ورغباتهم الإصلاحية.
إن المواءمات السياسية هي حق للإخوان وللسلفيين بلا شك كما هي حق لأي فصيل سياسي على الساحة يسعى إلى الحكم، ولكن مثل هذه المواءمات كان يجب أن تكون في اتجاه من قام بالثورة وليس من يريدون القفز على ظهرها، فالثورة حدث استثنائي لم يجد الإخوان التعامل معه، بل تفوق عليهم حزب النور السلفي والجماعة الإسلامية في التعامل مع المشهد السياسي الذي لم يحسن الإخوان استغلاله، مما كان له بالغ الأثر على وضعهم في الشارع والذي كان في أفضل مستوياته وقت أن أعطاهم الشعب الأغلبية في البرلمان بعد العديد من الأخطاء التي وقعوا فيها، وللأسف تمادوا في السقوط.
الفرصة ما زالت سانحة لأحفاد وأبناء البنا لإعادة البوصلة إلى الشعب، والرهان عليه وعلى ثورته، بدلا من محاولات «التسييس» التي ما زال الإخوان يتخبطون فيها نظرا لضعف خبرتهم في «الألاعيب السياسية» وما فيها من غش وخداع وتضليل لا يجب أن يلتصق بجماعة تدعو إلى المرجعية الإسلامية في كل توجهاتها.
نقلا عن صحيفة العرب الاماراتية