رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«قَرِفت»

حسام عيتاني
حسام عيتاني

رغم الاشمئزاز الذي تثيره أقوال النواب اللبنانيين في جلساتهم المنقولة تلفزيونياً، يتعين النظر الى مضامينها والى رمزياتها كمؤشرات إلى حالة السياسة والاجتماع في لبنان اليوم.

الاشمئزاز الذي عبّر عنه رئيس المجلس النيابي نبيه برّي محقاً بكلمة «قَرِفت»، ينتقل الى مواطنين تعبوا وبلغوا حدود اليأس من استعراضات تهدف الى غير ما يعلنه المشاركون فيها. ولبّ الجلسات وغايتها والخطابات التي تُلقى فيها ليس غير رسم خطوط الانقسامات والولاءات المحلية والخارجية، وتكرار النواب لأصوات «معلميهم» الذين يمتنع اكثرهم عن المشاركة في النقاشات العامة البرلمانية.
مراقبة الجلسات تفيد في معرفة العمق الذي بلغته الهوة الفاصلة بين اللبنانيين من جهة، وتطور اوضاع كل جماعة سياسية - طائفية من جهة ثانية. ولا جديد في القول ان كل انعقاد للمجلس يكشف ازدياد الفوارق وتغيرات طفيفة في التراتبية القيادية في الكتل البرلمانية ما يعكس توازنات القوى داخل «التيارات» والاحزاب الممثلة في المجلس.
ويمكن إدراج بعض الملاحظات على مداخلات النواب في الايام الثلاثة الماضية، منها أن الثورة السورية تساهم في تكريس الانقسام السني – الشيعي وأن رقعة التكاذب تضيق في كل يوم. وحيال الفضائح المشينة التي ألمّت في الشهور الماضية بـ «حزب الله» والتي باتت على كل شفة ولسان، لم يجد المتحدثون بلسان الحزب سوى الهرب الى الأمام عبر المزيد من العنجهية والصلف والاستعلاء، حيال زملائهم أولاً وحيال باقي اللبنانيين ثانياً، وعبر دروس جديدة في معاني الوطنية والاخلاص للوطن.
عاونهم في السلوك هذا نظراؤهم في «التيار الوطني الحر» الذين يصوغون خطاب «الذمّية الجديدة». فالهجوم الشرس على الطائفة السنية، بالاسم والرموز، لا يعني محاولة للتحرر من الذمّية بحسب ما حاول بشير الجميل او من كتب في السبعينات كراس «لن نعيش ذميين» (الموقع باسم مستعار هو «أمين ناجي») والذي اعتبر واحداً من ادبيات المسيحيين في الحرب الأهلية. بل ان الصيغة الجديدة من الذمّية العونية تسعى الى استبدال الرضوخ للأقوى عددياً وسلطوياً - على غرار ما كانت تدعو الذمّية القديمة اليه في ظل السلطنة العثمانية

وما تبعها - بابتداع موازين جديدة للقوى الطائفية يتواجه فيها السلاح الشيعي بالوزن السني الاقتصادي وبامتداده العربي. وتظن الذمية الجديدة ان في وسع تحالف الأقليات في لبنان والمنطقة توفير الحماية اللازمة من انياب «الوحش الأصولي» الذي يكشر عن أنيابه في مصر وتونس. لذا تبدو معركة سورية قضية حياة او موت بالنسبة الى «التيار الوطني».
تفصيل صغير يمكن الالتفات اليه هو ذاك الهيجان الذي يتبارى النواب العونيون في إطلاقه وكأنهم في مباراة على وراثة زعامة التيار الذي يقترب زعيمه من الثمانين.
في المقابل، التزم نواب «تيار المستقبل» و «القوات اللبنانية» خطاً دفاعياً على العموم، محاولين احباط الهجمات على «التركة» التي خلفتها الحكومات السابقة، وإن لم يخلُ كلام بعض نواب «المستقبل» من عجاج المذهبية وغبارها المقيتين، من دون أن يجرؤ أي من المتكلمين «المستقبليين» على الإعلان ان الفساد الذي يصر التيار العوني على اتهامهم به، كان فساداً برعاية اقليمية وموزعة غنائمه وأسلابه بين كل النافذين في لبنان في فترة التسعينات، من دون استثناء.
يضاف إلى كل ذلك اننا نعثر في الجلسات وتعارك البعض فيها والكلمات التي قيلت، كل ما يميز الاجتماع السياسي اللبناني من ذاكرة انتقائية ومراوغة واستغلال للقضايا الكبرى لأهداف صغيرة ومزايدات عديمة القيمة. المؤسف أن اللبنانيين سيعيدون انتخاب النواب هؤلاء في «عرس الديموقراطية» المقبل.
نقلا عن صحيفة الحياة