عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ثورة مصر بين الاختطاف والانتقام

بوابة الوفد الإلكترونية

البداية كانت يوم السبت الموافق للرابع والعشرين من مارس/آذار الفائت وبالتحديد في قاعة المؤتمرات بمدينة نصر بالقاهرة عندما فجر تحالف الأحزاب الإسلامية (حزب الحرية والعدالة وحزب النور أي الإخوان والسلفيين)، قنبلة اختيارهم المنفرد لأعضاء الجمعية التأسيسية للدستور . قبلها كان البرلمان بمجلسيه (الشعب والشورى) قد استقر على قرار يقضي باقتسام المئة عضو الذين سيشكلون الجمعية مناصفة بين البرلمان (50 عضواً)، وباقي مكونات المجتمع المصري المختلفة (50 عضواً) كما استقر على أن يتولى البرلمان مهمة اختيار المئة عضو من بين كل المترشحين من البرلمانيين (كان عددهم نحو 450 مرشحاً) وغير البرلمانيين (كان عددهم نحو 1750 مرشحاً) حيث قدمت الأمانة الفنية قائمة مصنفة تحوي كل أسماء المرشحين .

كان الأمر يجري طبيعياً، حيث أخذ النواب الأمر مأخذ الجد وأخذوا يدققون بضمير وطني في اختيار المئة عضو الأكثر جدارة للقيام بالمهمة التاريخية الكبرى، وكانت صدمة الجميع هائلة بالنسبة إلى من هم داخل القاعة ومن هم يتابعون ما يجري داخلها على مستوى مصر كلها، إذ إنه بعد أن اكتملت عملية الاختيار ووضعت بطاقات الترشيح في الصناديق، ظهرت في أيدي البعض قائمة ترشيح لمئة عضو  جرى اختيارهم بعناية، وعلى قاعدة اقتسام الغنائم بين حزب الإخوان (الحرية والعدالة) وحزب السلفيين (النور) في اجتماع مسبق وعلى قاعدة التوافق، وعندها انفجرت القاعة غضباً وبدأت صيحات الانسحاب تتردد داخلها، ومنها بدأت الأزمة تتصاعد في الخارج خصوصاً بعد أن جاءت نتيجة الاقتراع متطابقة لما تضمنته تلك القائمة من أسماء سبق التوافق عليها بين الحزبين .

كشفت هذه النتيجة أن الحزبين اللذين تزعما قبل ذلك ما سمي وقتها ب”غزوة الصناديق”، تزعما أيضاً دعوة أن تسبق انتخابات البرلمان عملية وضع الدستور، وهي العملية التي شهدت صراعاً وانقساماً وطنياً أخذ أبعاداً دينية وطائفية حول: الدستور أولاً أم الانتخابات أولاً، قد قررا معاً السيطرة بشكل كامل على عملية وضع الدستور، وأن تزعمَهما معاً دعوة الانتخابات أولاً كانت من أجل أن يسيطرا أولاً على البرلمان ثم يتفردا معاً أيضاً بوضع الدستور . كما كشفت النتيجة إصراراً من الحزبين اللذين تنافسا بضراوة في انتخابات مجلس الشعب على وجه الخصوص، أنهما قررا التحالف معاً لاقتسام السلطة، وهذا ما أكده طرح السلفيين للشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل مرشحاً لرئاسة الجمهورية مدعوماً من حزب النور، وعندما ركز الإخوان معركتهم من أجل إسقاط حكومة الدكتور الجنزوري وتشكيل حكومة بديلة، كان واضحاً أن الاتجاه يسير نحو إعطاء الرئاسة (الشرفية) لحزب النور والسلفيين، وإعطاء الحكومة للإخوان مع ميل إلى فرض النظام البرلماني على الدستور بحيث تكون السلطة في يد رئيس الوزراء .

هذا المشهد كان كفيلاً بتأكيد أن هناك عملية سطو على الثورة يجري تدبيرها بين الحزبين، عنوانها معركة السيطرة على الجمعية التأسيسية

لوضع الدستور، ومعركة إسقاط حكوومة الجنزوري، ومن هنا حدث التحول حيث بدأ انفجار المشهد بكامله، فقد تولى المجلس العسكري إفشال مخطط الإخوان إسقاط الحكومة للسيطرة عليها، وتأكد أن مسعى إسقاط الحكومة “خط أحمر”، وتولت القوى السياسية الأخرى مهمة إسقاط أو إفشال مخطط السيطرة على الجمعية التأسيسية
للدستور بتشجيع كل الأعضاء من خارج الحزبين الإسلاميين على الانسحاب، وهنا دخل الأزهر والكنيسة معاً طرفين في معركة نزع الشرعية عن الجمعية التأسيسية للدستور، ومن خلال المعركتين بدأ النيل من نزاهة الإخوان في الشارع السياسي، لينتهي الأمر باجتماع المجلس العسكري مع المجلس الاستشاري، لبحث سبل الخروج من الأزمة وتشكيل جمعية تأسيسية جديدة تتمثل فيها كل فئات وتيارات الشعب المصري .

انسحاب البساط شعبياً من تحت أقدام “الإخوان” أوقعهم في خطيئة الدفع بمرشح رئاسي على غير ما هو متفق عليه مع حلفائهم السلفيين، فقد بادروا بحسابات خاطئة إلى الإسراع بترشيح رجلهم القوي المهندس خيرت الشاطر النائب الأول للمرشد كمرشح رئاسي .

ترشيح خيرت الشاطر بقدر ما أساء إلى تحالف الإخوان مع السلفيين، استفز المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي قرر الرد بقوة عن طريق الدفع بشخص النائب السابق لرئيس الجمهورية عمر سليمان إلى خوض معركة رئاسة الجمهورية، وانسحاب سليمان سريعاً، وسواء كان القرار هو قرار المجلس الأعلى أو قرار سليمان، أو قرار نظام مبارك ورجاله ومؤسساته، فإن النتيجة واحدة وهي أن الثورة باتت أمام أحد خيارين: إما الاختطاف من “الإخوان” في حالة فوز الشاطر، وإما التعرض للتصفية والتنكيل في حالة فوز عمر سليمان .

الثورة الآن بين الاختطاف وبين الانتقام، لكن لحسن الحظ أن كلاً من الشاطر وسليمان مطعون رسمياً في شرعية ترشحهما، ومعرضان للشطب، وإذا لم يحدث ذلك، فإن سليمان ومعه فلول نظام مبارك معرضون لمنع الترشح إذا ما نجح مسعى البرلمان في إصدار تشريع يمنع رموز نظام مبارك من ممارسة حقوقهم السياسية .

وعلى ضوء قرار محكمة القضاء الإداري الصادر يوم الثلاثاء الفائت (10 إبريل/نيسان الجاري) ببطلان تشكيل الجمعية الخاصة بالدستور، يكون الصراع على الدستور قد حسم لغير مصلحة “الإخوان” والسلفيين، ليتحول الصراع في مجمله على معركة انتخابات الرئاسة، إلى أصعب اختبار يواجه الثورة منذ إسقاطها لنظام مبارك، ورغم استبعاد كل من الشاطر وسليمان، فإن عودة أي منهما محتملة بعد نظر لجنة الانتخابات في طعون المستبعدين .

نقلا عن صحيفة الخليج الاماراتية