رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

«هلوسة» خيال مريض يشوه صورة مصر!

شريف عبدالغني
شريف عبدالغني

عندما تعيش جسدا بلا روح.. وتصبح مثل المرأة قليلة الحيلة التي تبيع لحمها بالكيلو لكلاب السكك ليس بهدف «المتعة» ولكن من أجل «لقمة العيش».. وحينما تكون «دوغري» ولا تعرف اللف والدوران وتبحث عن حياة آمنة لك ولأولادك وتكون النتيجة اتهامك بالجنون والبحث عن المدينة الفاضلة «يبقى أنت أكيد.. أكيد في مصر».

عندما يعاقبونك لأنك نطقت بأجمل كلمة في الوجود «لا.. لا» ضد الظلم وعدم المساواة والكيل بمكيالين «لا» ضد أن تكون «دوبلير» يتلقى الضربات عن «حسين فهمي» الذي يكتفي بتقبيل «سعاد حسني».. «يبقى أنت أكيد.. أكيد في مصر».
عندما تزهو مرة بإنجاز حققته وتفاجئ بمن يسفهه بحجة أنه يحميك من الغرور.. ولما تحاول الخروج من «خطوط العنكبوت» التي تعودت على الحياة فيها برحلة ترفيهية أو تغيير نوعية الملابس تجد من يسخر منك و «يجرح فرحك».. «يبقى أنت أكيد.. أكيد في مصر».
عندما تطلب حقك الطبيعي في شارع نظيف فتجده كل يوم يزداد قذارة.. ونسمة هواء منعشة فتهب عواصف التلوث.. وموظف طاهر اليد فتجد عشرات الأيادي الممدودة والأدراج المفتوحة طلبا لـ «رشوة».. «يبقى أنت أكيد.. أكيد في مصر».
عندما «تطفش» من البلد إلى دولة عربية بحثا عن فرصة لتحسين دخلك وتجد صاحب العمل يستعبدك ولا يقف بجانبك أي من مسؤولي سفارتك، ويطردونك لو ذهبت إليهم.. ولما تهرب إلى بلاد الله الواسعة فتغرق في البحار ليخرج رجال الدين لينفوا عنك لقب شهيد، ويتهمونك بالطمع والجشع.. «يبقى أنت أكيد.. أكيد من مصر».
عندما تذهب إلى قسم شرطة طلبا لاستغاثة من «بلطجي» فتجد سعادة الباشا الضابط يتركك 5 ساعات حتى يتعطف ويستقبلك، ولو رفعت من «الزهق» صوتك يكون نصيبك لو كنت من ذوي المظهر الحسن تلفيق قضية التهجم على الشرطة.. ولو كنت من تعساء الحظ ممن أكل عليهم الدهر وشرب فسوف يلبسونك قضية مخدرات أو يتهمون «مؤخرتك» بمهاجمة «عصا» الأمن.. «يبقى أنت أكيد.. أكيد في مصر». عندما تذهب بابنك إلى المدارس الحكومية فيصعب عليك حال زهور بريئة يكدسونها 80 نفسا بشرية في فصل رديء، فتدخر من هنا وهناك لإلحاق طفلك بمدرسة خاصة تظل تبتزك طول السنة بمصروفات زائدة.. «يبقى أنت أكيد.. أكيد في مصر».
عندما تمرض وتذهب إلى مستشفى حكومي وتتردد قبل تخطيك بوابتها شعار «الداخل مفقود والخارج مولود».. ولما تذهب إلى مستشفى خاص ويجبرونك على توقيع إقرار بعدم تسليم جثتك للورثة إلا بعد دفع المصاريف.. ولو أردت العلاج على نفقة الدولة و «طلعوا عينك» في روتين وقوانين وطوابير تجعلك تندم على عدم وفاتك ورغبتك في الشفاء.. وإذا طلبت أن تسافر إلى الخارج لدخول أكبر مستشفيات أوروبا ووجدت الحكومة ترفض طلبك باعتبارك مواطنا «فرز رابع» ولست مسؤولا أو فنانا أو قوادا أو عاهرة.. «يبقى أنت أكيد.. أكيد في مصر».
عندما تنزل في مشوار ولا تجد وسيلة مواصلات آدمية.. وإذا هبطت تحت الأرض لتركب مترو الأنفاق وتفاجأت بزحام كأنه يوم الحشر وبحرب على الصعود والهبوط من الأبواب في وقت واحد.. وإذا كنت تملك سيارة ووجدت «ميكروباص» طائشا يصدمك ولو عاتبته ووجدته يرد عليك بـ «شومة» على رأسك.. وإذا استدعيت رجال المرور وفوجئت أنهم يقفون في صف من «يدفع» لهم.. «يبقى أنت أكيد.. أكيد في مصر».
عندما تأخذ أسرتك وتسير من «الطريق الدائري» ويوقفك رجال ظرفاء يمسكون بنادق آلية في أياديهم، ويخيرونك بين أن تخلع ساعتك وتفرغ ما في جيوبك من أموال و «موبايل» وتنزل من السيارة بهدوء وتتركها لهم، وإلا اختطفوا

زوجتك وأولادك.. «يبقى أنت أكيد.. أكيد في مصر».
عندما يزداد عدد بناء المساجد ويرتفع عدد المتدينين.. وفي الوقت نفسه تصل نسبة الفساد المالي والأخلاقي إلى رقم قياسي.. وحينما تصبح كلمة «إن شاء الله» هي الرد عليك عند كل عمل تطلبه من صاحب صنعة ثم لا تجده ينجز شيئا أو ينفذ وعدا.. «يبقى أنت أكيد.. أكيد في مصر». عندما تقوم ثورة وتخلع ديكتاتورا.. ثم تفاجأ أن من أمسك السلطة من بعده 19 ديكتاتورا.. ولما تعترض تصبح خائنا وحاملا لأجندات الغرب, ولو سكت تصبح ضمن زمرة «المواطنين الشرفاء».. «يبقى أنت أكيد.. أكيد في مصر».
عندما تجد أن منظمات المجتمع المدني التي تعمل منذ 20 عاما ومصادر أموالها معلومة، متهمة بتلقي تمويل أجنبي لزعزعة استقرار الدولة.. بينما حركات وأحزاب تنهال عليها الأموال من هنا وهناك ولا حس ولا خبر عنها.. «يبقى أنت أكيد.. أكيد في مصر».
عندما تجرى انتخابات برلمانية نزيهة بفضل تضحيات شباب الثورة، ثم لا تجد منهم أعضاء في المجلس.. وحينما يصل إلى مجلس الشعب أعضاء ما كانوا سيجلسون على مقاعده من دون التظاهرات الشعبية العارمة التي خلعت الديكتاتور ثم تجد غالبيتهم يطالبون بقانون «يجرّم المظاهرات».. «يبقى أنت أكيد.. أكيد في مصر».
عندما يكون أغلب المرشحين في انتحابات الرئاسة هم من عملوا مع الرئيس المخلوع وشاركوا في جرائمه وفساده وأشادوا بحكمته وحنكته.. ثم يخرجون الآن ويحلفون بالطلاق أنهم كانوا يعارضونه.. «يبقى أنت أكيد.. أكيد في مصر».
عندما يتم «تطفيش» شخصية ليبرالية ورجل دولة من طراز رفيع مثل الدكتور محمد البرادعي من سباق انتخابات الرئاسة.. وينحصر السباق بين مرشحي العسكر وفلول مبارك بقيادة كبيرهم عمر سليمان.. «يبقى أنت أكيد.. أكيد في مصر».
عندما يخرج نور الشريف ويقول إنه لم يكن يستطيع أن يقول «لا» لما طلبوا منه تجسيد شخصية مبارك في مسلسل إذاعي.. ولما تخرج غادة عبدالرازق بطلة أفلام العري لتنافق التيار الديني المتصدر للساحة بعد خلع الرئيس السابق، وتقول: «أنا إخوانية وحياة عينيا».. «يبقى أنت أكيد.. أكيد في مصر».
أخيرا.. لو خرج واحد أو واحدة وكرروا الاتهام الساذج والأسطوانة المشروخة بأني أختلق هذه الحكايات من خيالي المريض لتشويه صورة مصر، وأنه في «المحروسة» الدنيا ربيع والجو بديع قفلي على كل المواضيع.. يبقى أنت أكيد.. أكيد في مصر!!.
نقلا عن صحيفة العرب الاماراتية