عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الاتحاد الإماراتية:ماذا يفعل "الإخوان" فى مصر؟

بوابة الوفد الإلكترونية

‫عندما كان يرجع أحدهم من مصر في العهد الماضي، كان السؤال الذي يطرح عليه: ما هي آخر نكات أهل مصر؟ أما اليوم فقد تغير هذا السؤال وأصبح سؤالاً أكثر جدية وهو: ما هي آخر أخبار ومفاجآت "الإخوان المسلمين" في مصر؟ ‬ومن الطبيعي أن تتوجه أنظار جميع العرب إلى مصر، فهناك شكل وفكر جديد يحكم قلب الأمة العربية. ‬

لقد شغل "الإخوان" مصر طوال عقود بسبب الجدل الدائر حولهم كجماعة محظورة، أما خلال الأشهر الأخيرة فقد استقطبوا جميع الأضواء ونالوا كل الاهتمام بعد أن أصبحوا جزءاً من منظومة الحكم في أرض الكنانة، وسر الاهتمام الرسمي والشعبي بأخبارهم يكمن في تغير مواقفهم وتبدل آرائهم بين الشهر والذي سبقه وبين اليوم واليوم الذي يليه. وهذا ليس بالغريب ولا المفاجئ وهذا ما كنا تكلمنا عنه منذ أسابيع، ففوز "الإخوان" والإسلاميين بشكل عام سيجعلهم تحت المجهر ليس من أجل انتقادهم وفضح أخطائهم وإنما من أجل متابعة تجربتهم والتأكد مما إذا كان لديهم مشروع حقيقي للحكم. وهذا ما لم يستوعبه "الإخوان" فارتكبوا أخطاء استراتيجية عديدة في وقت قصير جداً أدى إلى خسارتهم لكثير من رصيدهم السياسي في المجتمع وكذلك رصيدهم الجماهيري لدى الشعب. ‬

وهذا الحال لا ينطبق على مصر فقط وإن كان الوضع فيها هو الأوضح، ففي تونس منذ أيام قامت مجموعة من المتظاهرين بإحراق بعض مقار "حزب النهضة" الإسلامي بسبب العنف الذي استخدمته الشرطة في تفريق متظاهرين ضد الحكومة، وكذلك بسبب تراجع الحزب عن بعض ما كان يعتقد الشارع أنها ثوابت لديه كتطبيق الشريعة التي كان ينادي بها منذ أن ظهر إلى الوجود وتخلى عنها بمجرد الجلوس على كرسي الحكم. ‬
أما في مصر فإن عدم التزام "الإخوان" بتصريحاتهم ومواقفهم أفقدهم الكثير، ومنه ترشيحهم لعضو الجماعة خيرت الشاطر لانتخابات رئاسة الجمهورية على الرغم من تأكيدهم منذ عام أنهم لن يرشحوا أحداً من أعضائهم لمنصب رئيس الجمهورية. في ذلك الوقت شكك الكثير من المتابعين في هذا الإعلان واعتبروه مراوغة سياسية من "الإخوان"، وفي المقابل صدقهم البعض لأنه يرى أنهم "إخوان" وأنهم "مسلمون"، لكن منذ أسابيع نقض "الإخوان" عهدهم وقاموا بترشيح "الشاطر" للمنافسة في انتخابات الرئاسة، في حين لم يكن هذا الإعلان مفاجئاً للبعض إلا أنه كان صادماً للكثيرين ممن يعتقدون أن مواقف "الإخوان" مبدئية لا تتغير بتغير المعطيات والظروف إلا أن الواقع كشف لهم عكس ذلك. ‬
و‫على الصعيدين السياسي والعملي فإن موقف "الإخوان" من اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور والتي أصروا على السيطرة عليها واستبعاد القوى السياسية الأخرى والسماح لها بصورة شكلية في أعمال اللجنة أفقدهم كثيراً من التأييد السياسي وخسروا مؤيدين سياسيين كانوا يتعاطفون معهم سابقاً، الأمر الذي جعلهم بعد هذا الموقف يرون في "الإخوان" نسخة لا تختلف كثيراً عن النظام السابق. "فجشع" الإخوان السياسي انكشف بسرعة وحبهم للسيطرة لم يعد خافياً فهم يريدون أن يتسلموا جميع السلطات، وهم الذين كانوا قبل أشهر ينتقدون "الحزب الوطني" بسبب استئثاره بجميع السلطات!‬
"الإخوان" بحاجة لأن يرتبوا أوراقهم وأن يعيشوا الواقع ويدركوا أن لهم شركاء سياسيين يجب ألا يتجاهلوهم بل عليهم أن يعملوا معاً من أجل مصر جديدة، فمصر الثورة يفترض أنها تختلف كثيراً عن سابقتها و"الإخوان" يجب أن يفصلوا بين أهدافهم الأيديولوجية الضيقة وبين أهداف الدولة الكبيرة، وأن يدركوا أنهم اليوم يديرون بلداً وليس أي بلد، وبالتالي فإن إصرارهم على النظرة الضيقة للأمور من خلال الاعتماد على أفكارهم وإقصاء الأفكار والآراء الأخرى سيجعلهم يصطدمون بجدار الواقع الذي يتجاهلونه. ‬
"الإخوان المسلمون" مندفعون نحو السلطة بشكل أثار استغراب الكثيرين وهم لا يستمعون إلى أحد كما أنهم يسيرون وكأنهم لا يرون أحداً من حولهم إلا أنفسهم وكأن الأغلبية الشعبية التي أعطتهم أصواتها أعمتهم عن رؤية الحقيقة، بل وصلوا إلى مرحلة أنهم لم يعودوا يستمعون حتى لمنظريهم كالكاتب فهمي هويدي الذي انتقد أداءهم وبعض توجهاتهم وطالبهم بتصحيح بعض الأمور، وكذلك فعل الدكتور عبدالله النفيسي عندما نصحهم بعدم التعمق في المسؤوليات السياسية لأنهم غير جاهزين، ولأن جماعات الإسلام السياسي عامة غير "ناضجة سياسياً" وبالتالي يجب أن تكون حذرة وهي تسير نحو الحكم. وغيرهما كثير كتبوا ونصحوا لكن لا أذن تسمع عند "الإخوان"، والاستعجال في قطف ثمار الثورة وفي تثبيت أنفسهم على كرسي الحكم يوحي بأن الجماعة غير واثقة من المستقبل وبأنها تخشى إن لم تقطف أكبر عدد من ثمار الحكم في هذه المرحلة فقد لا تستطيع أن تقطف ولو جزءاً منها في المستقبل. وإن كان هذا التفكير سليماً فهو لا يدل على أسلوب تفكير جماعة كبيرة وقوية وواثقة من نفسها ولا يدل على أداء حزب سياسي يريد أن يكون جزءاً من اللعبة السياسية لوقت طويل، وإنما يريد أن يستفيد من المرحلة ثم يقبل بنتائجها وإن خسر فإنه سيتراجع ويعود إلى الظل ليمارس لعبته القديمة.‬
عندما يرجع المصريون من مصر هذه الأيام ونسألهم عن أخبار الشارع المصري والمواطن المصري، يؤكدون أن "الإخوان" وبشكل يومي وتدريجي يخسرون مؤيديهم وأنهم خيبوا ظن من منحهم صوته‬.