رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أي رئيس لمصر؟

بوابة الوفد الإلكترونية

تبدلت الأوضاع في خريطة الانتخابات الرئاسية في مصر بين عشية وضحاها، وخلف شهر من سباق تحول في بعض الأحيان إلى “كوميديا ساخرة” بتقدم ما يزيد على الألف من هواة الشهرة ما بين حرفي وسائق سيارة أجرة وربة منزل وماسح أحذية، وأخيراً مطرب شعبي، خلف 23 مرشحاً رسمياً، تقدم منهم 7 في ساعات الترشيح الأخيرة، لتبقى خريطة المنافسة رهن كلمة الفصل الأخيرة باستبعاد مرشحين والإبقاء على آخرين وصولاً إلى أول انتخابات رئاسية بعد الثورة والمقرر إجراؤها يومي 23 و24 من شهر مايو/ أيار المقبل .

في أيام السباق الأخيرة دخل لاعبون جدد، وبدا أن هناك لاعبين على وشك الخروج لأسباب ترتبط بمخالفة شروط الترشيح، وكان في المقدمة منهم المرشح السلفي الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل الذي أراد أن يكون يوم تقديمه لأوراق الترشح استعراضاً للقوة في الشوارع، حيث اصطحب موكباً ضم الآلاف من أنصاره ليوقف المرور في شوارع القاهرة المزدحمة بطبيعتها، حاملاً معه ما يزيد على مئة وخمسين ألف تأييد شعبي، ثم جاءت الرياح بما لا تشتهي سفينة ترشحه، حيث تكشف أن والدته تحمل الجنسية الأمريكية، بما يخالف واحداً من أهم الشروط اللازمة لخوض السباق الرئاسي، ويتمثل في ألا يحمل المرشح أو زوجته أو أحد والديه جنسية أجنبية، فيما حال صدور قرار من محكمة القضاء الإداري بعدم أحقية رئيس حزب “غد الثورة” الدكتور أيمن نور وصيف الرئيس السابق حسني مبارك في انتخابات عام 2005 في خوض الانتخابات المقبلة كونه كان مداناً في قضية يعدها القانون المصري “مخلة بالشرف”، وهي الخاصة بتزوير توكيلات مؤسسي حزبه، حال دون استمراره في قائمة المرشحين للرئاسة، واعتبرت الحملة الداعمة له أن القرار القضائي بحقه يتناقض مع القرار السياسي الصادر من المجلس العسكري بالعفو عنه .

الخروج الوشيك لأبو إسماعيل الذي لم يعلن رسمياً، والخروج ب”قرار قضائي” لأيمن نور، توازى معه دخول المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين السباق الانتخابي على المقعد الرئاسي مرشحاً لجماعة الإخوان المسلمين، وتلاه إعلان نائب الرئيس السابق اللواء عمر سليمان المدير السابق لجهاز المخابرات المصرية ترشيح نفسه للرئاسة، نزولاً على ما وصفه بالرغبة الشعبية في ترشحه، ثم ما لبثت جماعة الإخوان المسلمين أن دفعت برئيس حزبها “الحرية والعدالة” الدكتور محمد مرسي لخوض السباق الرئاسي، تحسباً لما وصفه محاموها بعدم تمكن الشاطر من خوض الانتخابات الرئاسية لأسباب قانونية تتعلق بكونه كان إلى وقت قريب مداناً في قضية أموال عامة في عهد النظام السابق، وحصل على عفو من المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد منذ إطاحة الرئيس السابق حسني مبارك، وهو عفو قال قانونيون إنه لا يتيح له مباشرة شأناً سياسياً كالترشح للرئاسة .

خريطة جديدة

خريطة جديدة، إذاً، للسباق الرئاسي في مصر تشكلت بإغلاق باب الترشح، بدت ملامح المنافسة فيها محصورة بين عدد من المرشحين  على كثرة من هم مرشحون بالفعل للمنصب  وما يثير المخاوف لدى قطاعات واسعة من التيارات والأحزاب والحركات السياسية والائتلافات الثورية أن جزءاً مهماً من اللاعبين الرئيسيين في السباق الآن هم من المنتمين للنظام السابق وعلى رأسهم نائب الرئيس السابق عمر سليمان ورئيس الوزراء السابق الفريق أحمد شفيق ووزير الخارجية السابق عمرو موسى، فيما يتوزع الجزء الباقي بين مرشحي جماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر ومحمد مرسي من جانب، والقيادي الناصري حمدين صباحي، والقيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين عبد المنعم أبو الفتوح، والقانوني، والمفكر الإسلامي محمد سليم العوا، ويبقى التيار الليبرالي من دون مرشح منذ انسحاب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق محمد البرادعي من السباق قبل فتح الباب رسمياً للترشح، كما يبقى التيار السلفي من دون مرشح بعد خروج الشيخ أبو إسماعيل، وهو ما سيعني حيرة الصوت السلفي بين مرشحين يبدون أقرب “ظاهرياً” للسلفيين، وهم مرشحو جماعة الإخوان، وبين طبيعة التوجهات السلفية التي تبدو أقرب للتحالف مع مرشحي السلطة، ويمثلهم في الحالة الراهنة مدير المخابرات السابق عمر سليمان، والطبيعة الأخيرة هي موضع الاتفاق الوحيد بين السلفيين من جانب والأقباط من جانب آخر، حيث عرفت الطبيعة القبطية بتقديم الدعم من دون تردد لمرشحي السلطة في أي انتخابات تشريعية أو رئاسية، ويكرس هذه الطبيعة في الانتخابات الرئاسية المقبلة المخاوف لدى الأقباط من اكتمال سيطرة الإسلاميين على كافة المؤسسات في البلاد، بعد هيمنتهم على السلطة التشريعية ممثلة في البرلمان بمجلسيه الشعب والشورى، وسعيهم لتشكيل حكومة برئاستهم وبأغلبية من ممثليهم، إضافة إلى هيمنتهم على تشكيل الجمعية التأسيسية المنوط بها وضع دستور جديد للبلاد .

شعبية تتراجع

تخوض جماعة المسلمين الانتخابات الرئاسية بمرشحين أحدهما “أصيل”، هو الشاطر، والثاني “احتياطي” هو مرسي، وهي تدرك أنها فقدت الكثير من شعبيتها بسبب أخطائها السياسية المتوالية بدءاً من الهيمنة على إدارة دفة الأمور في البرلمان استناداً إلى الأغلبية التي حازتها في الانتخابات التشريعية، مكررة نفس ممارسات الحزب الوطني المنحل في إقصاء بقية التيارات والقوى السياسية، ومروراً بالاستيلاء على غالبية تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، وانتهاء بمخالفتها تعهدات أطلقتها في وقت سابق بعدم المنافسة على المقعد الرئاسي، فضلاً عن إحساس متنام لدى رجل الشارع بعدم تحقيق الإسلاميين، الذين خرج للتصويت لهم في الانتخابات التشريعية ما كان يأمله منهم في ما يتعلق بحياته المعيشية اليومية، حيث بدت الجماعة أمام ناخبيها منشغلة بالصراعات السياسية وتثبيت مقاعدها في السلطة من دون اهتمام بالأزمات المعيشية اليومية للغالبية العظمى من جماهير الشعب المصري، وهو أمر يحاول قادة الجماعة تبريره بأن أيديهم مغلولة في محاسبة الحكومة، وأنهم لذلك  ولذلك فقط  يسعون إلى انتزاع موافقة من المجلس العسكري على تشكيل حكومة جديدة، ويخوضون معركة إسقاط الحكومة الحالية عبر رفض البيان المقدم منها لنواب الشعب، وتقديم الاستجوابات التي تنتقد أداءها في مختلق المجالات .

انتقادات

وفي المقابل يخوض نائب الرئيس المصري السابق عمر سليمان السباق الرئاسي، متجاهلاً ومتجاوزاً الانتقادات الحادة الموجهة له من كافة القوى والتيارات السياسية والائتلافات الثورية التي وصلت إلى حد التلويح ب”مقاومة مسلحة” ضده وإطلاق موجة ثانية من الثورة حال فوزه بالرئاسة، يخوض سليمان السباق متجاهلاً ذلك وغيره من الانتقادات المتعلقة بكونه كان واحداً من أهم أركان

النظام السابق ومسؤولاً عن ملفات حازت فيها مصر فشلاً واضحاً، كقضية الصراع على مياه النيل والعلاقات بشكل عام مع إفريقيا، إضافة إلى الملف الفلسطيني، فضلاً عما يثيره معارضوه عن علاقاته بالولايات المتحدة والكيان الصهيوني، يتجاهل سليمان كل ذلك وينطلق فقط من إدراكه أن الشارع المصري بات بحاجة ملحة إلى حسم ملف الاستقرار الأمني في البلاد، التي عانت وتعاني انفلاتاً يدفع ثمنه الناخب البسيط، كما يتحدث رجل الشارع العادي، وبعيداً عن تحليلات السياسيين المحنكين عن حاجة البلاد لرجل دولة “جاهز” لإدارة البلاد خلال الفترة المقبلة، وفي المقابل فإن المخاوف تتصاعد في الشارع السياسي من أن فوز سليمان بالمقعد الرئاسي لا يعني سوى أمر واحد هو عودة النظام السابق على أيدي واحد من أخطر رجالاته، وإجهاض الثورة الشعبية، وهو أمر يقول محللون إن جماعة الإخوان المسلمين كان يمكن لها باعتبارها القوة الأكثر تنظيماً على الساحة أن تستفيد منه في الدعاية لمرشحيها في مواجهة سليمان، لولا أنها قدمت هي الأخرى أداء سياسياً مجللاً بالأخطاء، وبدا في كثير من حالاته أنه إعادة إنتاج لممارسات النظام المخلوع، ولكن بمسميات وشعارات جديدة، ليبقى أنه يمكن لطرف ثالث كوزير الخارجية السابق وأمين عام الجامعة العربية السابق عمرو موسى أن يستفيد منه، خاصة في ظل عدم إجماع بقية المرشحين المنتمين لقوى ثورية مثل حمدين صباحي وعبدالمنعم أبو الفتوح والقيادي اليساري أبو العز الحريري والمفكر الإسلامي محمد سليم العوا، والمحامي والناشط الحقوقي خالد علي والقاضي الإصلاحي هشام البسطاويسي على مرشح في ما بينهم لدعمه وتقديمه إلى الشارع كمرشح للقوى الوطنية، وتكوين فريق رئاسي من حوله، خاصة أن الأصوات التي يمكن أن تدعم كل هؤلاء تتقاطع في ما بينهم، ويأخذ كل منهم فيها من نصيب الآخر من دون تأثير في الكتلة التصويتية الداعمة لكل من مرشحي الإخوان وكل من سليمان وموسى وشفيق، سوى من أصوات قليلة تدعم أبو الفتوح من بين شباب جماعة الإخوان المسلمين الرافضين لممارسات  قيادات جماعتهم .

ويرى محللون أن خريطة المنافسة في مصر انتهت  حتى الآن  إلى منافسة بين ثلاثة أطراف أولها مرشحو التيار الإسلامي، وثانيها المرشحون المحسوبون على النظام السابق، وثالثها مرشحو القوى الثورية، وسط توقعات بأن تشهد الفترة المقبلة تحالفات وانسحابات من قبل مرشحين لمصلحة غيرهم، ومن ذلك إعلان الفريق شفيق إمكانية انسحابه لمصلحة اللواء سليمان، إضافة إلى المفاوضات المستمرة لتشكيل فريق رئاسي بين مرشحي القوى الثورية، كما أن هناك توقعات بخروج لاعبين رئيسيين من السباق لأسباب قانونية، وفي مقدمة هؤلاء مرشح الإخوان خيرت الشاطر، إضافة إلى مرشح قالت قيادات بلجنة الانتخابات: إنه يواجه مخالفة التهرب من أداء الخدمة العسكرية من دون أن تعلن عن اسمه، فيما تبذل محاولات مستميتة أخيرة لإبعاد مرشحي النظام السابق من السباق الانتخابي عبر استصدار تشريع يقضي بذلك، وهو ما تبدى في مشروع قانون تقدم به حزب الوسط “ذي الخلفية الإسلامية” لإقراره من البرلمان ويقضي بإقرار تعديل قانوني بمنع من عمل خلال السنوات الخمس السابقة على تنحي الرئيس السابق في 11 فبراير/ شباط 2011 بأي وظيفة سياسية أو استشارية في الوزارة أو مؤسسة الرئاسة، أو في عمل نيابي ممثلاً للحزب الوطني المنحل أو معيناً بقرار من الرئيس المتنحي، أن يرشح نفسه رئيساً للجمهورية أو أن يعمل نائباً للرئيس أو رئيساً للوزراء أو وزيراً لمدة خمس سنوات تحتسب ابتداء من تاريخ التنحي المشار إليه، وفي حالة الترشح قبل صدور هذا القانون تُلغى كافة إجراءات ترشحه وتعتبر كأنها لم تكن .

ويشير “الوسط” إلى أن التشريعات المقارنة في البلاد التي مرت بمراحل ثورية مشابهة للحالة المصرية تؤكد أن هذا الحظر هو مما درج عليه المشرعون، مضيفاً أن التطبيق القانوني في التاريخ المعاصر القريب للدولة المصرية شهد استبعاداً تاماً لرموز المرحلة الملكية من قبل ثورة يوليو المشاركة في العمل السياسي والنيابي لمدد طويلة، لكن هذا التشريع يقول قانونيون إن التقدم به يأتي في “الوقت الضائع” بعد أن انتهت إجراءات الترشح بالفعل، وصار الترقب الآن لنتيجة الطعون ثم لكلمة الصناديق الانتخابية.