رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هل تغيّـر الإخوان حقاً؟

بشير عيسي
بشير عيسي

بتاريخ 3 /4 /2012 تحدث الناطق باسم جماعة الإخوان السيد زهير سالم، في إطلالة جمعته مع الدكتور هيثم مناع على شاشة بي بي سي، عن ضرورة تسليح المعارضة نزولاً عند رغبة الشعب، الذي يُذبح ولا يجد ما يدافع به عن بيته وعرضه، فالناس بحسب رأيه، تحتاج إلى السلاح كي تمنع قوات النظام وشبيحته من اقتحام البيوت واغتصاب النساء، مطالباً بدفع الصائل ضد نظام متوحش لا أخلاقي.

استطاع السيد سالم بدهاء تمرير فكرة «دفع الصائل» لجمهوره، من دون أن يثير انتباه مقدم الحلقة وحتى الدكتور مناع، رغم رده عليه، من أن التضحيات التي قدمتها الثورة ضد دكتاتورية النظام لا تحتاج إلى المبالغات، قائلاً: «لقد قيل لي إن الجيش ارتكب مئات حالات الاغتصاب، فأجبتهم أعطوني خمسين حالة موثقة بحقائق دامغة! ليس لأن النظام شريف ولكن لأنه يعلم مدى حساسية وخطورة هكذا عمل في مجتمعنا، وإن كان من حالات قد وقعت فهي فردية وليست سياسة ممنهجة».
إلا أن السيد سالم اتهمه بالإنكار والتنكر، فلماذا الإصرار على العرض والاغتصاب؟ ببساطة شديدة هو يريد بهذه اللغة مخاطبة غرائز الناس وليس عقولها حيث يعلم أن المس بالحُرمات، يفرض على الناس دفع الصائل عنها! فقد اتفق الفقهاء المسلمون على أن «دفع الصائل واجب على المدافع في حالة الاعتداء على العرض، وأن تاركه يعتبر آثماً مستحقاً للعقوبة الآخروية». المسألة إذاً ترتبط بمعيارية لاهوتية بدل أن تكون قيّمية إنسانية، والهدف جلي، يراد منه تنشيط وتسويق هذا الفكر، الآخذ بقضم مدنية الحراك.
انتقل إلى ريبورتاج عُرض على شاشة الجزيرة عشية الذكرى السنوية لانطلاق الثورة السورية. المكان ضاحية دوما في ريف دمشق، حيث ترفع لافتة مكتوب عليها «ثورتنا ثورة إسلامية حتى إسقاط الأنظمة الوضعية»! أترك التعليق للقارئ. بعدها تعرض الجزيرة مباشر أغنية زجلية طويلة، تؤديها مجموعة من شباب الثورة، يدور معظمها حول مباركة أمير قطر ووزير خارجيته من ثم مذيعي القناة، مقابل شتائم تتناول حتى شخصيات نسائية من رموز النظام، وقد ذكرني هذا الحدث بمهرجان خطابي للقاعدة في الأردن منذ سنوات: كان الجمهور يُسر عند سماعه كيل الشتائم لوزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس! بالعودة إلى الأغنية التي لم تنس الثناء على مشايخ التنوير كالقرضاوي والعرعور، فإن الخاتمة تأتي صادمة، حيث يتم فيها لعن روح لينين ونعته بكلمة أترفع عن ذكرها.
أتفهم غضب وحنق الثوار من روسيا بوتين، وقد يكون مبرراً بالنسبة الى وعيهم وظروفهم الصعبة، لكن من غير المقبول أن تقوم محطة بمستوى الجزيرة، بالخروج عن المعايير الأخلاقية والمهنية، وتهبط إلى هذا الدرك. إن السخرية من شخصية بما تمثله من رمزية لدى اليسار العالمي والسوري، لا يجوز بكل المعايير الإنسانية والسياسية، لقد كان الأجدر بهم احترام تيار من اليسار يقف معهم! لكن المحزن في الأمر أننا لم نسمع صوتاً من هذا اليسار ولا لومة لائم!
منذ بداية الأحداث حذرنا من عسكرة الحراك وانزلاقه نحو التطييف، والآن كل المؤشرات تصب في هذا الاتجاه، إذ تكفي نظرة سريعة على تسميات الجيش الحر لندرك المآل. والإخوان عن غير قصد هم أول من ساعده، كونهم يتحركون على إرث ثأري.
أما حديث بعض النخب من

أن الشعب السوري يختلف عن الليبي والمصري وحتى اليمني، ففيه شيء من شوفينية مطعمة بنرجسية مريضة. لقد صرح البيانوني بأنهم قد أتوا ببرهان غليون ليكون واجهة لهم، رغم علمهم بتاريخه اليساري! فكيف لنا أن نصدقهم؟
لقد أثنى المعارض ميشيل كيلو على ميثاق الإخوان الجديد، والذي يتحدث باختصار عن تبنيهم لفكرة دولة المواطنة، بكل ما تحمله من قيم حداثية وإنسانية. طبعاً هذا طرح مهم ومتقدم للإخوان، ولكن تبقى العبرة في التطبيق. فهل تبنيهم لدولة المواطنة تعني انسحابهم من فكرة الأمة الإسلامية؟ لأن ذلك يرتب عليهم ألا يكون الحزب عابراً للدولة، فإذا كانوا جادين وصادقين، عليهم أن يعلنوا انفصالهم الحزبي عن تنظيمهم العالمي، فلا يعود المراقب العام في سورية يتبع المرشد العام في مصر، فهل سيقدم الإخوان في سورية على ذلك؟ باعتقادي أن ما يقومون به يدخل في إطار براغماتية التضليل، فقد جاء في المادة 44 من النظام العام للتنظيم العالمي «لكل قطر أن يضع لنفسه لائحة تنظم أمر النشاط، وتتفق مع ظروفه مع مراعاة عدم تعارض أحكامها مع هذه اللائحة، ووجوب اعتمادها على مكتب الإرشاد العام قبل تنفيذها».
من حيث الهدف والمضمون تتفق فروع الإخوان على المبدأ، لكنها قد تختلف في الطريقة، أي في الأسلوب والنهج الذي يجب اتباعه، للوصول إلى إحياء الخلافة وإقامة الشريعة، «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون». لقد أيد الإخوان في أدبياتهم دخول البرلمان لاستخدامه كمنبر للدعوة ومدخل للإصلاح التشريعي، على خلفية شعار «نحو تطبيق الشريعة». وما حدث في ليبيا ويحدث في مصر، خير دليل لما نذهب إليه، عملاً بالآية: «الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور».
أحد منظري الإخوان المؤسسين في سورية سعيد حوى، يعتبر أن المجتمعات الإسلامية «مجتمعات فاسقة محكومة في الغالب بمرتدين أو منافقين أو كافرين»، كما يعتبر أن المسلمين «في مرحلة الردة عن الإسلام بعد الإسلام». فهل من نقد جذري يقوم به الإخوان لموروثهم الثقافي، كي نصدق خطابهم السياسي؟ وأنهم حقاً تغيروا!
نقلا عن صحيفة الحياة