رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بِلا خُوَذ وعمائم

خيري منصور
خيري منصور

لم يظهر اللواء عمر سليمان بالخُوَذة، وكذلك الفريق أحمد شفيق رغم انتماء الاثنين إلى العسكرية المصرية، وبالمقابل لم يظهر خيرت الشاطر أو حازم أبو إسماعيل بالعمامة، وكأن انتخابات الرئاسة تؤجل إلى حين الصفات والسمات المعلنة للمتنافسين.

ولأن غياب الخوذة والعمامة لا يعني بالضرورة التحرر منهما، فإن الخيال السياسي خصوصاً في بعده الشعبي يستطيع أن يرى ما بعد الانتخابات وحين تنتهي الحفلة التنكرية التي يتقمص فيها الجنرال والفريق رجل الدين إلى حدّ ما، مثلما يتقمص رجل الدين خطاباً مدنياً إلى حدّ ما أيضاً، لكن الطرفين لا يلتقيان أخيراً في منتصف الطريق، ففي المواسم الانتخابية يجري تعديل بعض الشعارات إذا كان أصحابها من الراديكاليين، وتكون هناك تنازلات تكتيكية تعد الناخبين خصوصاً إذا كانوا متعبين بتدوير الزوايا والالتقاء تحت مظلة الوطن الذي يخص الجميع ولا يحتكره أحد . وفي الحوارات المتلفزة عبر مختلف الفضائيات المصرية كان المصنف ضمن التيار الإسلامي مثل أبو اسماعيل يحاول أن يكون متصالحاً ومتسامحاً، مما اضطر خصومه وأحياناً محاوريه بحثاً عن الإثارة إلى عرض فيديوهات قديمة لم يكن الرجل خلالها كما يبدو الآن وهو يتقدم بأوراقه للترشح للرئاسة، أما الجنرال فرغم أنه كان من صلب النظام الذي أسقطته ثورة يناير، ورئيساً للمخابرات لأكثر من عشرين عاماً فقد أربك المشهد عندما قفز إليه برشاقة رغم تقدمه في السن، وبينما رأى المعترضون عليه أنه قادم من المخابرات التي كان من صميم عملها حماية النظام ورموزه، قال أنصاره إن ما يقال عنه إنه من العيوب هو من المزايا، وضربوا أمثلة تبدأ من بوش الأب الذي جاء إلى الرئاسة من المخابرات وكذلك فلاديمير بوتين الذي تربى سياسياً في حاضنة ال”كي .جي .بي” .

من العسير على رجل مخابرات صارم وذي ملامح حادة كأنها منحوتة من الصخر أن يجيد ابتسامة الدبلوماسي المحترف . حتى لو ردد كلمة “تشيز” الإنجليزية آلاف المرات، وهي الكلمة التي تعني بالعربية الجبنة، ومن يود التدريب على الابتسامات الدبلوماسية يرددها مراراً كي تبدو أسنانه كلها .

هذا النمط من الانتخابات التي تحدث في مناخات محمومة وبعد إرهاق سياسي وعاطفي لشعب لم يعد يحتمل فراغ الدولة والأمن

والرئاسة تصبح الرهانات فيه متعذرة، فالحصان الأسود ليس أسود تماماً، والخيول التي فازت من قبل أصابها شيء من الوهن إضافة إلى أزمة الثقة، وهناك متشائمون في مصر يتوقعون إجهاض الانتخابات الرئاسية، إذا خرج من السباق أربعة من الإقوياء لأسباب متعلقة بشروط الترشيح، ومنها جنسية الأب والأم وما يتعلق بالمحكوميات سواء كانت عسكرية أو قضائية مدنية، ويصب هذا التشاؤم في مصلحة العسكر سواء أدرك ذلك المتشائمون أم لم يدركوه، لأن ملء الفراغ يتطلب بالضرورة تدخلهم، خصوصاً في مصر حيث اضطروا إلى أن ينوبوا عن رجال الأمن والشرطة بعد أن خلت الشوارع والساحات من هؤلاء .

وإذا كانت الخوذة خارج المشهد الآن كما هي الحال مع العمامة، فإن مرحلة ما بعد الفوز إذا قدر للانتخابات أن تمضي حتى الصناديق لن تبقى كذلك، وستشهد حتماً إنهاء الحفلة الانتخابية التنكرية، بحيث تعود الخوذة إلى رأس من تخفف منها وكذلك العمامة أيضاً .

لقد شهدت مصر في النصف الأول من القرن العشرين سجالاً كان أقرب إلى حرب باردة بين ما سمي الطرابيش والعمائم، وكان الطربوش يرمز إلى الأفندية ومعظمهم من الطبقة الوسطى التي تغذى منها “حزب الوفد” أما العمائم فكانت ترمز إلى المحافظين ومنهم من بشروا بنقل الخلافة إلى القاهرة .

كانت انتخابات مجلس الشعب في مصر مفاجأة لمن لا يدري بشعاب الحياة السياسية، وسيفاجأ بالرئيس المقبل من يجهل المزاج المصري الآن .
نقلا عن صحيفة الخليج الاماراتية