رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

النظارة الكاشفة لخيوط الأقدار

إبراهيم توتونجي
إبراهيم توتونجي

«أحياناً يضع القدر رجلين في مكان ضيّق، معاً، لكي يمزّق أحدهما الآخر»، هذه عبارة الممثل بن افليك، في فيلم (changing lanes 2002).

فيلم مشوّق يروي سيرة رجلين، أبيض يعمل محامياً في شركة مرتبطة بدوائر الفساد في «وول ستريت»، وأسود يحاول أن يتعافى من الإدمان على الكحول، ليستعيد زوجته وابنيه.
يضع القدر الرجلين في مواجهة، بالصدفة، حين تصطدم سيارة الأبيض بالأسود، ذات صباح نيويوركي ماطر. الأول في طريقه إلى المحكمة لكي يتم صفقة تربح شركته ملايين الدولارات والثاني في طريقه إلى محكمة الأحوال الشخصية لكي يثبت للقاضي أنه قادر على استرجاع عائلته. عشرون دقيقة تأخير، تجعل الرجلان يخسران «معركتهما»، وتمضي الأحداث بمحاولات انتقامية مستمرة، بين الاثنين، تشتمل اختراق أنظمة بنكية، تزوير، خيانات، ومحاولات قتل..
مواقف كثيرة تمر بنا كل يوم من هذا القبيل. نعي بعضها ونجهل أكثر. أقدارنا تتشابك. تتقاطع فتتوالف أو تؤذي بعضها البعض. خيوط الأقدار حبال من ضوء غير مرئي. لم يخترع الإنسان بعد الآلة التي يكشف بها عنه. تخيّل أن يصبح هذا الجهاز متوفراً، صغيراً بحجم الكف، كما نظارة ثلاثية الأبعاد. نظارة كاشفة للخيوط التي تربط قدرك بأشخاص تعرفهم، وآخرين لم تلتق بهم بعد..
ثبّتها على أنفك. تأمّل: هذا خيط موصول بالعصفور، على شرفتك، تضع له صحناً مليئاً بالأرز «البائت»، يفرك جناحيه

منتشياً فيسقط صحن الأرز من على حافة الشرفة، يصادف أن شاباً في الطابق الأرضي اخرج رأسه في تلك اللحظة من نافذة غرفته، يدخّن سيجارة، غاضباً من "انتكاسة" عاطفية. تتبادلان الاعتذار ثم السلام، ثم بعد سنوات، ها هو في بيت العائلة الكبير وقد سقط شعر رأسه وتزوّج أختك!
قد تطلّ فتاة جميلة من النافذة، قد تكون زوجتك وأم أبنائك.
قد تتعرف على امرأة في سيارة أجرة تقلك لمدينة الطاغية التي تقصدها بهدف الترفيه، لا أكثر. قد تتحدث عن أفكارك بصراحة مدفوعاً بتجاوبها. قد تقضي شهوراً على بلاط بارد فيما بعد، تبول على نفسك من الخوف، بصحبة زوج السيدة التي في سيارة الأجرة، مسؤول الجهاز الاستخباراتي في مدينة الطاغية.
قد يغيّر لقاء في مصعد، أو غرفة مستشفى، أو على باب صالة سينما حياتك.. فقط تأكد من أن النظارة بحوزتك!
نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية