رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من يرغب في تنظيف القاهرة؟

بوابة الوفد الإلكترونية

لقد تغيرت القاهرة بدرجة هائلة، إلى حد أنها أصبحت قاهرة جديدة! في زيارة قمت بها مؤخرا إلى القاهرة، أخبرت سائق السيارة الأجرة التي كانت تقلني أنه يبدو لي أن مدينتك - القاهرة - ليس لها محافظ، إذ إنني أرى في كل مكان قمامة ومواد بلاستيكية عديمة الفائدة وقشر فاكهة، إلخ.. من يجب أن يتولى مهمة تنظيف المدينة. ما الحالة التي كانت عليها شوارعكم قبل الربيع المصري - أو قبل ثورة 25 يناير (كانون الثاني)؟ يمكنني أن أبصر أكواما من القمامة في مناطق خان الخليلي والإمام الشافعي والسيدة زينب، كما كانت هناك أيضا أكوام ضخمة من القمامة بجانب نهر النيل، أمام شارع أحمد راغب.

نظر لي سائق الأجرة في المرآة وقال:
نحن نعيش في حالة الانحلال كأن كل شيء منحل!
كان وجهه يعج بمشاعر الألم، وقال إنه يعمل بكد من الصباح الباكر حتى المساء، بحيث يمكنه كسب القدر الكافي من المال لإطعام أسرته. الأحزاب والساسة يعيشون في أبراج عاجية، ونحن نعيش على الأرض!
إذا كان كل مرشح يفي بنسبة 5 في المائة فقط من الوعود التي يقطعها الآن، فإن حياتنا ستتحول بكل تأكيد إلى الأفضل. إن هذا أحد وجهي العملة، وأرى أنه على الوجه الآخر، تكمن قوة خفية ترغب في خلق مناخ غاية في السلبية في مصر. وهذه القوة الخفية ترغب في مشاهدة الإحباط يرتسم على وجوه جميع البشر، وعلى وجه الخصوص الجيل الجديد.
قمنا بزيارة الكاتدرائية المرقسية بالعباسية. وذهبنا أيضا إلى مزار الأنبا رويس، حيث كان هناك رجل هرم يرتل أجزاء من الإنجيل؛ والذي قال إنه من دون الحكمة، سوف تضل الحكومة والشعب، ويلحق الدمار بالدولة. وذكرني هذا بحكمة البابا شنودة.
التقينا بحسن، أحد أنصار حازم صلاح أبو إسماعيل في وسط الشارع! وتحدثنا معه لمدة نحو نصف ساعة. كان حسن يدعم حازم أبو إسماعيل بوصفه مرشحه المفضل للفوز بمنصب الرئاسة. وأخبرنا بأنه موقن من أن أبو إسماعيل سوف يفوز بالرئاسة. قلت له إنني أرى أن جميع المرشحين يجب أن ينشروا إعلانا، يدعون فيه أنصارهم وأعضاء حزبهم لتنظيف القاهرة!
القاهرة ومصر هما وطنك، كيف يمكنك أن تعيش في وطن مليء بالقاذورات؟ كان هناك كم هائل من القمامة أمام مدرسة ثانوية، وكان على فتيات يرتدين الزي المدرسي رمادي اللون، أن يسرن في ممر مليء بأكوام القمامة في طريقهن إلى المدرسة!
هذا حرام يا حسن. إن مرشحك، صاحب اللحية الفضية والوجنتين الحمراوين والأسنان ناصعة البياض يجب أن يفكر في تنظيف القاهرة. أخبرني حسن أن حازم أبو إسماعيل سوف يلقي كلمة في جامع عمرو بن العاص، وأنه يمكنني الحضور والتحدث إليه.
أعتقد أن الأحزاب الإسلامية، مثل حزب العدالة والتنمية وحزب الحرية والعدالة، لديها فرصة كبيرة للفوز في الانتخابات، حيث رأيت مكاتبها في بعض الأحياء التي تسودها حالة من الفقر المدقع. ومقارنة بوجهة نظر علاء الأسواني، يتراءى لي أن جماعة الإخوان المسلمين، من حيث الأعداد والتأثير، يمكن أن تفوز بالأغلبية في أي انتخابات حرة، تخرج فيها فئات الشعب للتصويت.
لكن هذه ستكون مجرد البداية لقصة طويلة. ففي منطقة المهندسين، شاهدت رجلا مسنا ينظف الشارع، شارعا دمشق وغزة كانا مليئين بالقمامة عن آخرهما، وبدا الرجل في حالة من الإعياء الشديد. سألته: «كيف حالك؟»، فأجابني قائلا: «غاية في السوء، الحياة صعبة جدا وأعتقد أن الموت أفضل من تلك الحياة، ابني في حالة من المرض الشديد، ولا أعلم ماذا يجب أن أفعل؟».
هذا هو الوجه الحقيقي لمصر وأفراد الشعب البسطاء العاديين الذين يعيشون هناك.

يمكنني القول إن أكثر من 80 في المائة من سائقي الأجرة الذين شاهدتهم كانوا يستمعون إلى موجة «إف إم»، وغالبا ما كانوا يستمعون إلى محطة القرآن الكريم. وعند الحديث معهم عن بعض الأمور الثقافية أو السياسية، استشعرت أنهم مسلمون حقيقيون.
أود أن أوجه رسالة إلى المجلس العسكري الذي يتولى إدارة شؤون البلاد في مصر في الوقت الراهن. عزيزي المشير طنطاوي! في كل الشوارع، أرى رجال شرطة، يرتدون زيا أسود جديدا ونظيفا. أرى وجوههم نضرة وترتسم عليها أمارات السعادة. رأيت أيضا مشهدا رائعا، ضابطا يقبل فتى صغيرا، ذلك المشهد الذي جسد فكرة أن الجيش في خدمة الأمة. كيف يمكن لمراقب تفسير هذا التناقض: امتلاء الشوارع بالقمامة ووجود رجال الشرطة في كل مكان؟
لماذا لا تصدر أوامرك للجيش بمساعدة المحافظ في تنظيف المدينة. هل ترغب في إجراء الانتخابات في مدينة تغرق في بحر من القمامة؟ كيف يمكنك أن تدير مدينة من دون محافظ وبلدية؟ شاهدت هذا الشعار في القاهرة:
مصر أولا!
ويقول حازم صلاح:
لا بد أن تكون أمتنا أمة تتكلم بالحق ولا تخرس...
لا تحول أحدا إلى إله..
لو لم يتعود الحاكم أن يسمع كلمة الناس كالرعد لا تدركهم الرجفة وهم ينطقون بالحق..
الحاكم الذي تظن به الخير سيعود ظالما وباطشا وفرعونا..
لا بد أن نربي الحاكم على أن يسمع منا قبل أن يسمعنا
حسنا! هذه كلمات عظيمة مكتوبة بلغة أدبية غاية في الروعة، ولكنني أعتقد أن القمامة في شوارع القاهرة تخاطب الحكومة والأحزاب والمرشحين ويجب أن يسمعوها جميعا! إنها لا تخاطبكم فحسب، بل تصرخ في وجوهكم وتستنجد بكم، لكنكم لا ترون الأطفال الذين يعيشون في مثل تلك الظروف. إنهم أطفالكم، إنهم أطفالكم.
يقول الإمام علي:
كونوا دعاة الناس بغير ألسنتكم.
لقد شاهدنا احتشاد الملايين في ميدان التحرير، ولكن الوقت قد حان الآن لتنظيف القاهرة، يبدو أننا بحاجة إلى هرقل لتنظيف الإسطبلات القذرة. نظف هرقل الإسطبلات القذرة عن طريق إعادة تغيير مجرى الأنهار المؤدية إلى الإسطبلات. شاهدت أنهارا من أجيال جديدة في ميدان التحرير ظهيرة الجمعة. ولسوء الحظ، كانت المشكلة الرئيسية التي تشغل تفكيرهم هي ما إذا كانت والدة حازم أبو إسماعيل أميركية الجنسية أم لا؟ صدقوني القاهرة الآن أهم بكثير من والدة حازم أبو إسماعيل، لقد توفيت قبل أعوام، لكن القاهرة حية تتنفس وسط أكوام من القمامة.
نقلا عم صحيفة الشرق الاوسط