رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

عدنان كريمة يكتب : أزمة الاقتصاد التونسي وتدهور سعر الدينار

الحياة
الحياة

بعد مضي نحو سبع سنوات على إطاحة الرئيس السابق زين العابدين بن علي، تمكّنت تونس من استكمال مراحل الانتقال السياسي، وقطعت شوطاً كبيراً في مسيرة تحقيق الديموقراطية. ولكن لا تزال تحتاج إلى الكثير لتمكين الاقتصاد من استرجاع عافيته وتسجيل معدلات نمو مقبولة، في ظل استمرار التهديدات الإرهابية وتفاقم العجز في مالية الدولة، وارتفاع الإنفاق في القطاع العام على الوظائف الحكومية، وانخفاض الإنفاق الاستثماري على تمويل المشاريع التنموية. ولا يُغفل أيضاً إغراق البلاد في الديون وأعبائها، وازدياد نسبة البطالة مع تراجع فرص العمل.

وتُعتبر كل هذه العوامل سلبية، بحيث أصبحت تهدد بتدهور سعر صرف الدينار مع ارتفاع معدلات التضخم، ما يعرقل تحقيق أهداف الحكومة بزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية بنسبة 80 في المئة، في إطار مخطط التنمية للسنوات الخمس 2016- 2020.

ومن الطبيعي أن يزيد قلق التونسيين من تحديات خطيرة، تواجه مسيرة حياة عيشهم في المرحلة المقبلة، خصوصاً بعد فشل المخطط السابق بين عامي 2011- 2015 في تحقيق أهدافه التنموية، على رغم انعقاد سلسلة مؤتمرات استثمارية عربية وإقليمية ودولية لدعم الاقتصاد، وذلك انطلاقاً من أن نجاح البناء الديموقراطي في تونس يخدم مصالح المنطقة، ويساهم في تعزيز أسباب الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.

وفي العام الماضي، تراجع سعر صرف الدينار بنسبة 19 في المئة، متأثراً بالمؤشرات السلبية المتنوعة، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يستمر في التراجع هذه السنة بين 10 و20 في المئة. واعترف محافظ البنك المركزي مروان العباسي، بأن من شأن هذا الانخفاض أن «يغذي التضخم ويهدد بموجة من الاحتجاجات في صفوف الفئات المتضررة». مع العلم أن التضخم السنوي وصل في آذار (مارس) الماضي إلى 7.6 في المئة، وهي نسبة مرتفعة لم تعرفها تونس منذ عقود.

ويبدو أن الصندوق الذي يُخضع تونس لاختبار دوري كل ثلاثة أشهر، لمعرفة مدى تقدم الحكومة في إنجاز الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية المتفق عليها بين الطرفين، يطالب بمزيد من الخفض في قيمة الدينار، لتعزيز الصادرات التي ارتفعت خلال كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) الماضيين بنسبة 43 في المئة. وقد ساهمت في تقليص عجز الميزان التجاري بنحو 25 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2017. لكنه لا يقدم ضمانات لتحصيل مكاسب اقتصادية حقيقية على مستوى القدرة التنافسية، التي تبقى رهينة التطور الصناعي والتكنولوجي وتحسين مناخ الأعمال.

وكشف المعهد التونسي للإحصاء، عن تراجع حدة العجز التجاري في الربع الأول من هذه السنة بنحو 100 مليون دولار ليصل إلى 1.5 بليون دولار، مقارنة بالفترة المماثلة العام الماضي. لكن العجز المسجل على مستوى الميزان الطاقوي لا يزال مرتفعاً، وهو 568 مليون دولار بزيادة 82 مليون دولار. وقدر الفارق بين سعر برميل النفط المعتمد في موازنة 2018 ( 54 دولاراً) والسعر المعتمد في الأسواق الدولية (يصل إلى نحو 70 دولاراً)، يصبح الفارق 16 دولاراً، ما يكبد الاقتصاد التونسي خسائر إضافية بقيمة 121 مليون دينار (نحو 50 مليون دولار) خلال ثلاثة أشهر.

وفي السياق ذاته هبطت صادرات الفوسفات ومشتقاته بنسبة 26.5 في المئة، نتيجة انخفاض صادرات ثاني فوسفات الأمونيوم إلى 16.3 مليون دولار. وعلى رغم سعي السلطات التونسية إلى الحد من الواردات بوقف استيراد 220 منتجاً (لا تزودها البنوك بالتمويل) بضغط من صندوق النقد الدولي، فقد زادت الواردات التونسية بنسبة 21.3 في المئة. ويعود هذا التطور السلبي على مستوى العجز التجاري إلى اختلال المبادلات التجارية مع الصين وإيطاليا وروسيا وتركيا والجزائر، في مقابل مبادلات إيجابية مع فرنسا وليبيا والمغرب.

وكنتيجة طبيعية لاستمرار العجز في الميزان التجاري وتراجع سعر صرف الدينار، تدنّت احتياطات البنك المركزي من العملات الأجنبية منذ العام الماضي إلى 4.6 بليون دولار في آذار الماضي، وأصبحت تغطيته للواردات في حدود 78 يوماً فقط، وهو أضعف مستوى منذ 15 عاماً. في حين يعتبر الخبراء أن هبوط الاحتياطي تحت حدود 90 يوماً، يمثل أخطاراً تنذر بعدم القدرة على تسديد الديون الخارجية من جهة، ويقلل من فرص نجاح طرح السندات الدولية لتغطية العجز المالي في موازنة هذه السنة. مع العلم أن ديون تونس الإجمالية قد تصل إلى نحو 32 بليون دولار مشكلة 71 في المئة من الناتج المحلي. لكن المشكلة الصعبة تكمن في أن تونس مطالَبة بدفع نحو 3.6 بليون دولار سيحل أجل تسديدها هذه السنة. وفي حال عدم القدرة على الإيفاء بتلك التعهدات، ستضطر إلى الاقتطاع من موازنة التنمية، ما يهدد بأخطار اجتماعية أو طلب إعادة جدولة الديون.

صندوق النقد الدولي، متفائل بأن الاستمرار في سياسة نقدية متشددة مع مرونة أكبر لسعر صرف الدينار، سيساعدان في احتواء التضخم وتحسين القدرة التنافسية وإعادة بناء الاحتياطات الدولية.

بدوره، أكد رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد تفاؤله، وعزمه على المضي في تنفيذ إصلاحات اقتصادية تشمل المؤسسات العامة مهما كان «الثمن السياسي». وطالب الأطراف السياسيين والنقابيين، بدعم خطط الحكومة الهادفة إلى استعادة عدد من التوازنات المالية والخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية، وتحقيق الانتعاش الاقتصادي.

نقلا عن صحيفة الحياة