رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اتهام خطير

فهمي هويدي
فهمي هويدي

هل صحيح أن الحكومة المصرية لم تكن جادة في استرداد الأموال المنهوبة المودعة في الخارج؟ هذا الأسبوع سمعنا ردا بالإيجاب، اتهم الحكومة بالتقاعس في هذا الصدد، وشكك في نواياها ومقاصدها. تصدمنا الإجابة وتفتح الباب واسعا لإساءة الظن. خصوصا حين يطلق الاتهام شخصيات محترمة تصدت لعملية استرداد الأموال المنهوبة منذ بداية الثورة، الأمر يتعذر السكوت عليه أو تجاهله.

أغلب الظن أن طرح فكرة التصالح مع رجال الأعمال المحبوسين هذه الأيام هو الذي استدعى ملف الأموال المودعة في الخارج، لأنني لاحظت أن تهمة التقاعس أثيرت أثناء مناقشة مسألة التصالح في برنامجين تليفزيونيين جرى بثهما خلال يومي الأحد والإثنين الماضيين (18 و19 مارس) على قناتي «دريم» و«العربية»، وتحدث فيهما كل من الدكتور حسام عيسى أستاذ القانون المعروف والدكتور محمد محسوب عميد كلية الحقوق بالمنوفية، والاثنان من أعضاء المجموعة المصرية لاسترداد ثروة الشعب، التي تأسست أثناء الثورة، وضمت عددا من القانونيين البارزين، الاثنان وجها الاتهام صراحة وذهبا إلى أن الأمر لم يكن إهمالا أو تراخيا ولكنه كان موقفا واضحا، جرت تغطيته بإرسال خطابات شكلية إلى الجهات المعنية لمجرد ذر الرماد في العيون، رغم تنبيهها إلى أن تلك الخطابات لا تحقق الهدف المطلوب.
ما سمعته كان صادما ومفاجئا. لذلك رجعت إلى الرجلين فأكدا الموقف الذي عبرا عنه. وفي التفاصيل ذكرا ما يلي:
< إن="" حكومة="" الدكتور="" عصام="" شرف="" التي="" عينت="" بعد="" الثورة="" شكلت="" لجنة="" قضائية="" لهذا="" الغرض،="" برئاسة="" المستشار="" عاصم="" الجوهري،="" وقامت="" اللجنة="" بتوجيه="" 129="" خطابا="" إلى="" المؤسسات="" المالية="" والبنوك="" الأجنبية="" طلبت="" تجميد="" أموال="" 19="" شخصا="" من="" أركان="" النظام="">
< هذه="" الخطوة="" اتخذت="" بعد="" تشكيل="" المجموعة="" القانونية="" المصرية="" التي="" تطوع="" خبراؤها="" للنهوض="" بهذه="" المهمة.="" وأسفر="" ذلك="" الجهد="" عن="" تجميد="" 45="" مليون="" جنيه="" إسترليني="" في="" إنجلترا="" و420="" مليون="" فرنك="" في="" سويسرا.="" لكن="" هذه="" المبالغ="" ظلت="" نقطة="" في="" بحر="" البلايين="" المودعة="" في="">
< حين="" مر="" الوقت="" ولم="" تحرك="" بقية="" الدول="" الأجنبية="" ساكنا،="" تحدث="" الدكتور="" حسام="" عيسى="" إلى="" تلفزيون="" الـ«بي="" بي="" سي»="" وانتقد="" موقف="" الحكومة="" البريطانية.="" وفي="" أول="" مناسبة="" دعي="" إلى="" عشاء="" في="" بيت="" السفير="" البريطاني="" بالقاهرة،="" كان="" الضيف="" فيه="" هو="" السيد="" بيرت="" إليستر="" وزير="" الدولة="" البريطاني="" لشؤون="" شمال="" إفريقيا.="" وفي="" اللقاء="" قال="" الوزير="" البريطاني="" إن="" حكومة="" بلاده="" أبلغت="" القاهرة="" بأن="" اتفاقية="" الأمم="" المتحدة="" لمكافحة="" الفساد="" تتطلب="" استيفاء="" إجراءات="" معينة="" لتجميد="" الأموال="" المشتبه="" فيها="" أو="" تتبعها،="" وأن="" الخطابات="" التي="" أرسلتها="" الحكومة="" المصرية="" لا="" تلبي="" الشروط="" التي="" وضعتها="" الاتفاقية.="" وعرضت="" الخارجية="" البريطانية="" إرسال="" وفد="" من="" جانبها="" إلى="" مصر="" لمعاونتها="" في="" استيفاء="" الأوراق="" المطلوبة،="" لكن="">

المصرية ظلت تسوف في استقبال ذلك الوفد، طوال الأشهر التسعة الماضية.
< هذا="" الكلام="" الذي="" قاله="" الوزير="" البريطاني="" أعلن="" في="" بيان="" رسمي="" صدر="" في="" لندن="" يوم="" الإثنين="" الماضي="" (18/3)="" حمل="" الحكومة="" المصرية="" مسؤولية="" التقصير="" في="" استيفاء="" متطلبات="" استرداد="" الأموال.="" وهو="" ما="" اعترف="" به="" المستشار="" عاصم="" الجوهري="" أمام="" مجلس="" الشعب="" أثناء="" مناقشة="" مشروع="" قانون="" قدمه="" النائب="" عصام="" سلطان،="" عضو="" مجموعة="" استرداد="" الأموال="" المنهوبة،="" لتشكيل="" لجنة="" جديدة="" مستقلة="" للنهوض="" بالمهمة="" التي="" تقاعست="" عنها="">
في اتصال هاتفي قال لي عصام سلطان إن هناك تلاعبا في العملية من البداية، وأن مجموعة القانونيين التي تشكلت في 7 فبراير من العام الماضي كانت قد أعلنت حينذاك عبر قناة الجزيرة عن عناوينها الإلكترونية لكي تتلقى أي معلومات عن الأموال المنهوبة، ولكن قراصنة النظام السابق استولوا عليها خلال نصف ساعة فاختفت من شريط الأخبار. مع ذلك فإن النائب العام السويسري تلقى الرسالة وأخبر مسؤولي اللجنة بأن قانونا جديدا صدر في سويسرا لتسهيل استرداد الأموال الناتجة عن عمليات فساد. وهذه هي الخلفية التي أدت إلى تجميد مبلغ الـ420 مليون فرنك في البنوك السويسرية. وبسبب الشك في ذلك التلاعب تم تقديم مشروع قانون تشكيل اللجنة المستقلة التي يرجى أن تتولى العملية بشكل محايد وجاد.
لا أحد يعرف كيف تم التلاعب بمصير الأموال المهربة خلال السنة التي مرت من عمر الثورة. لكن ما ذكر عن تقاعس السلطة في التعامل مع الملف تحتاج إلى تحقيق، يتحرى الوقائع ويحدد المسؤول عنها. لأن الأمر أكبر وأخطر من عملية استرداد تلك الأموال. إذ إنه يمس بصورة مباشرة موقف الثقة في الإرادة السياسية حتى يكاد يجرحها. خصوصا أن تلك الإرادة تتحكم في ملفات أخرى تتعلق بمصير الثورة والوطن.