رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ميليشيا أميركية في أفغانستان!

عبدالله إسكندر
عبدالله إسكندر

يخرج جندي اميركي من قاعدته في افغانستان مدججاً بالسلاح، ليقتحم منازل مدنيين آمنين في منازلهم، فيقتل من يقتل ويجرح من يجرح، ويعود الى قاعدته لرواية فعلته. قبلها، قام جنود اميركيون بحرق مصاحف في قاعدتهم.

وليكون لهذه الفعلة الوقع المطلوب عرضوها على الانترنت. وقبلها، وقف جنود اميركيون يتبولون على جثث قتلى من «طالبان»، في مشهدية لا تخلو من مشاعر التحقير والازدراء لأفغان قتلوهم في مواجهة مسلحة.
كل ذلك لا تزال القيادة السياسية والعسكرية الاميركية ترى فيه أعمالاً منفردة أقدم عليها جنود سيخضعون للتحقيق والمحاسبة، لا بل تشدد على أنها ليست هي نمط التعامل الأميركي مع الأفغان. لكن هذا الإنكار، الذي يضاف الى الفشل السياسي في اجراء مصالحة، والفشل العسكري في القضاء على معاقل «طالبان»، لا يعفي من التساؤل عن ماهية ما بات الجنود الاميركيون يفعلونه في افغانستان.
صحيح أن جنوداً أفغاناً تدربوا على أيدي القوات الأطلسية ويفترض ان يكونوا إلى جانبها في المعركة مع «طالبان»، فتحوا نيران أسلحتهم على مدربيهم وقتلوا منهم، لكن هذا السلوك يقع في صلب المواجهة المسلحة مع الحركة الافغانية المتشددة، أي أنه جزء فعلي من الحرب ضد القوات الاطلسية التي تتمسك «طالبان» بانسحابها من البلاد من دون قيد او شرط.
لكن ما أقدم عليه الجنود الأميركيون أخيراً، وقبلهم جنود من بلدان أخرى مشاركة في قوات «إيساف»، يخرج عن إطار الحرب والمواجهة العسكرية مع خصم واضح هو «طالبان» وحلفاؤها، الى استهداف رموز مقدسة لدى الشعب الافغاني واستهداف مدنييه.
لنضع جانباً السلوك المفترض لجيش محترف، عليه بموجب كل القوانين الدولية، حماية المدنيين تحت الاحتلال والمعاملة الانسانية لاسرى الخصوم والعناية الطبية بجرحاه واحترام انسانية العدو، خصوصاً بعد قتله في معركة، فمثل هذه الأخلاق تجاوزتها الأوضاع في أفغانستان، ولا تخفي انعدامها أطنان التصريحات عن الاهتمام بالأفغان والتمسك بإستراتيجية مقاتلة «طالبان» وتوفير الدعم للحكم في كابول حتى يتمكن من تولي حماية البلاد بنفسه.
ولنضع جانباً الفشلين السياسي والعسكري للولايات المتحدة، ومعها الحلف الاطلسي، في اعادة تركيب الحكم في افغانستان بما

يحقق اغراض احتلال البلاد وتنظيفها من «طالبان» وحلفائها، وإقامة دولة ديموقراطية. وكذلك المساعي لضمان انسحاب «مشرف» للقوات الاجنبية، وكل التعقيدات التي ينطوي عليها. ولنتأمل قليلاً السلوك الميداني لهؤلاء الجنود.
من المفترض ان تكون مهمة هؤلاء الجنود كسب ثقة الشعب الافغاني ومحاربة «طالبان»، لكن الفشل في المهمتين ارتد على هؤلاء الجنود، وبات ما يظهر منهم أن عداءهم لـ «طالبان» تحول عداء للشعب الأفغاني، فبات الافغان بالنسبة الى هؤلاء الجنود هم الخصم والعدو، اي جرى تعميم العداء من الجزء على الكل، بما ينسف اي اساس سياسي للتعامل مع المسألة. هكذا شاهدنا عمليات استفزاز مباشر للأفغان، وتحقيراً علنياً لمعتقداتهم ومقدساتهم واستهدافاً لمدنييهم، اي بات استهداف الشعب الافغاني، بما هو صاحب معتقدات دينية واجتماعية مغايرة لتلك السائدة في بلدان هؤلاء الجنود، هو الاساس في المواجهة الحالية، بما يلغي الصفة العسكرية المنضبطة لهؤلاء الجنود ويضعهم في خانة الميليشيا التي تقاتل في حرب اهلية، حيث يكون الخصم جماعة كاملة وليس المقاتلين وحدهم.
ما يفعله الجنود الاميركيون في افغانستان، ومعهم الاطلسيون، اكتسب صفة الانخراط في حرب اهلية مع الافغان. وباتوا ميليشيات مسلحة في مواجهة الشعب الافغاني. او هذا على الاقل ما بات الافغان مقتنعين به، وهذا ما ينبغي على اصحاب القرار في دول «ايساف» التوقف عنده والكف عن تبريرات الاعمال الفردية.
نقلا عن صحيفة الحياة