عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الثورة ومعركة النفوذ الأمريكي في مصر.. من ينتصر؟

بوابة الوفد الإلكترونية

منذ اندلاع ثورة يناير راحت مواقع النفوذ الأمريكية في مصر تظهر يوما بعد يوم لتكشف عن المستويات العميقة التي وصلت إليها، ليس فقط داخل النخبة السياسية بشقيها الحاكم والمعارض، لكن أيضا داخل فئات واسعة من المجتمع المصري أصبحت مصالحها مرتبطة بهذا النفوذ الذي يكبل حركة الدولة المصرية بشكل لم يسبق له مثيل حتى أثناء الاحتلال العسكري المباشر الذي تعرضت له مصر طوال العصر الحديث.

وظهرت مواقع النفوذ تلك والقوى التي تحميها بشكل أكبر خلال قضية مؤسسات المجتمع المدني التي يحاكم فيها 19 أمريكيا بتهمة استخدام منظمات غير مرخص لها للقيام بأعمال تخريب في المجتمع.. بدءاً من ردود الفعل الأمريكية المتساهلة مع محاكمة مواطنين أمريكيين والتي لم تزد على التهديد بقطع المعونة دون تحويل هذه التهديدات إلى أفعال، مرورا بالهجوم الشرس الذي تعرض له الداعية الإسلامي محمد حسان بعد مبادرة "المعونة المصرية" التي اقترحها للرد على التهديدات الأمريكية بقطع المعونة التي تتلقاها مصر سنويا وتقدر بحوالي 1.3 مليار دولار، وكذلك الحملة التي تتعرض لها الدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي التي وقفت وراء تحويل المتهمين الأمريكيين للقضاء.. وصولا إلى القرار المفاجئ بالسماح لهؤلاء الأمريكيين بالسفر إلى خارج البلاد رغم عدم إسقاط التهم عنهم.
هذا الهجوم الشرس الذي قامت به الشخصيات والجهات التي تحمي النفوذ الأمريكي في مصر يعني أن واشنطن لن تتخلى عن مواقع نفوذها في مصر بسهولة.. لأنها ببساطة تعني القضاء على النفوذ الأمريكي في كل منطقة الشرق الأوسط.. فمصر دائما هي البداية سواء إذا تعلق الأمر بالممانعة والوقوف أمام النفوذ الأجنبي في المنطقة أو إذا تعلق بالانبطاح أمام هذا النفوذ كما هو الحال خلال الثلاثين عاما الماضية التي كانت بمثابة الفرصة الكبرى التي لم تهدرها الولايات المتحدة حيث استطاعت خلالها بناء هذه المنظومة القوية من الجهات والمؤسسات والشخصيات التي تمثل هذا النفوذ.
ويكفي أن نعرف بعضا من مؤشرات هذا النفوذ ومنها القواعد والتسهيلات العسكرية التي تحصل عليها القوات الأمريكية داخل الأراضي والأجواء المصرية. يقول الأستاذ فهمي هويدي، في مقال له عام 2009: إن الدكتور علي الدين هلال، الذي كان أمين الإعلام بالحزب الوطني الحاكم حينها في مؤتمر شباب الجامعات، الذي عقد بالإسكندرية في أغسطس من ذلك العام، تناول بحديثه وجود 3 قواعد عسكرية لطائرات أجنبية على أرض مصر.
وهو يقصد بذلك قاعدة رأس بناس التي عرضها الرئيس الراحل أنور السادات على وزير الدفاع الأمريكي هيرالد براون عام 1979، ومنحها لهم الرئيس المخلوع مبارك عام 1983،

فأنفقوا عليها وعلى مينائها البحري 750 مليون دولار لاستقبال الطائرات الإستراتيجية بعيدة المدى، وحاملات الطائرات. وأيضا قاعدة قنا الجوية، التي عرضها السادات أيضًا، وأتاحها مبارك في عهده ليقوم سلاح الجو الأمريكي من خلالها بدوريات استطلاع في الشرق الأوسط والقرن الإفريقي.
وعن ذلك يقول القائد العسكري الأمريكي ريتشارد سكند نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأدنى وشمال آسيا في اجتماع لمجلس الأمن القومي عام 1983: "إن القوة الجوية الأمريكية أكملت بناء قاعدة سرية يتمركز فيها ما يقارب 100 عسكري، وتم تخزين معدات وأجهزة تنصت ومراقبة مهمة جدًا في هذه القاعدة، ذات الأهمية الكبيرة للعمليات الاستخباراتية والعسكرية السرية جدًا، إضافة لكونها تستعمل للسيطرة ومتابعة عمل الأواكس في الشرق الأوسط.. لقد حافظنا على سرية القاعدة بطلب من الرئيس مبارك".
ويؤكد ذلك ما نقله فهمي هويدي عن وثيقة لمحاضرة "افى ديختر"، وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي السابق في معهد أبحاث الأمن القومي عام 2008، "أن الولايات المتحدة وإسرائيل تنشران نظامًا للرقابة والرصد والإنذار قادر على تحليل الحيثيات، التي يجري جمعها وتقييمها ووضعها تحت تصرف القيادات في واشنطن والقدس والقاهرة.. ومن الركائز أيضًا، الاحتفاظ بقوة تدخل سريع من المارينز في النقاط الحساسة بالقاهرة، ومرابطة قطع بحرية وطائرات أمريكية في قواعد داخل مصر وبجوارها.. في الغردقة والسويس ورأس بناس".
من هنا يمكن أن نفهم أسباب الحرب الشرسة التي تشنها واشنطن وحلفاؤها على الثورة المصرية لوأدها والقضاء على أي محاولة للمساس بنفوذها الكبير في البلاد.
لكن هل تنجح الثورة في الانتصار في هذه الحرب والقضاء على النفوذ الغربي عامة والأمريكي خاصة، وتحويل مصر إلى دولة مستقلة ذات سيادة فعلا وليس قولا؟

نقلا عن صحيفة الشروق القطرية