رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

جمال بنون كيف يكتب : أدهشت السعودية العالم؟

جمال بنون
جمال بنون

 

< سألني="" مرة="" أحد="" الأصدقاء="" الإعلاميين="" من="" أستراليا،="" جمعتني="" به="" جلسة="" ضمت="" بعض="" الأصدقاء="" من="" جنسيات="" أخرى،="" إذ="" كان="" الحديث="" عن="" المناضلين="" والثوار،="" هل="" يعتبر="" الملك="" عبدالعزيز="" مناضلاً="" أم="" من="" الثوار،="" كما="" قال،="" بحسب="" فهمه؟="" ضحكت="" في="" البداية،="" وأعرف="" أن="" معظم="" الغربيين="" لا="" يعرفون="" كثيراً="" من="" الأحداث="" بمنطقة="" الشرق="" الأوسط="" إلا="" ما="" يصل="" إليهم="" من="" بعض="" الكتب="" المترجمة="" أو="" ما="" ينقل="" إليهم.="" فقلت="" لصديقي،="" لا="" يمكن="" أن="" نقارن="" بين="" غاندي="" أو="" نيلسون="" مانديلا="" وغيره="" من="" الثوار="" والمناضلين="" وبين="" الملك="" عبدالعزيز،="" فمثلاً="" غاندي="" كان="" مناضلاً="" ضد="" الاستعمار="" البريطاني="" وثائراً="" ضد="" الاحتلال،="" والشيء="" نفسه="" فعله="" الراحل="" مانديلا؛="" كان="" مناهضاً="" للفصل="" العنصري،="" وهكذا="" هي="" حال="" معظم="" المناضلين="" الذين="" جابهوا="" الاستعمار="" أو="" خاضوا="" حروباً="" ثورية="" من="" أجل="">

أما حالة الملك عبدالعزيز فمختلفة تماماً، إذ إننا عند تتبع سيرته نجد أن عائلته كانت تحكم نجد في القرون الماضية، ونتيجة خلاف قبائلي استعادها في حروب شهدت كثيراً من الأحداث، وقتها لم يكن ملكاً، وجد شبه الجزيرة العربية صحراء قاحلة، وقبائل متناثرة هنا وهناك، والجهل يعم المنطقة إلا من بعض الفقهاء والعلماء في ذاك الوقت، الملك عبدالعزيز لم يأت على ملك جاهز ليغنم به أو يحلم بكرسي الملك والسلطة أو انقلاب سياسي، إنما من مشروع تنموي.

رد صديقي قائلاً: وماذا يريد في مبادرته هذه؟ قلت له كل صاحب مبادرة لديه هدف في النهاية، فهو كان يهدف إلى توحيد هذه القبائل المتناثرة ولم شتات المدن البعيدة، وكانت مهمته الأولى أن يبسط الأمن والأمان لهؤلاء الناس، الذين يعيشون في هذه القرى والمناطق، فوقتها كانت السرقات والنهب في أوجها، وبخاصة نهب الحجاج القادمين لأداء الحج وزيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة، فضلاً عن غياب الأمن وحال عدم الاستقرار، كانت شبه الجزيرة تعمها الفوضى، السلطة القبلية والعشائرية هي التي تسيطر حينها على معظم المناطق، فالقبيلة القوية تفرض سيطرتها وحكمها، لم يكن للإنسان قيمة ولا للمرأة حياة أو مستقبل، مشروع الملك عبدالعزيز توحيد هذه المساحة الشاسعة لأجل استقرار الأمن، وكان أكبر مشروعه هو الاستعانة بالمخزون الثقافي والعلمي والحضاري في منطقة الحجاز، وقتها كان لقب عبدالعزيز ملك نجد والحجاز، فاجتمع نخبة من المواطنين وطلبوا تغيير مسمى الدولة من مملكة نجد والحجاز وملحقاتها إلى مسمى يظهر وحدة هذا الكيان، واتفقوا على اسم المملكة العربية السعودية، وبعد هذا الاجتماع طلبوا من إخوانهم في المناطق الأخرى الموافقة، وهكذا تمت موافقة معظم المناطق، ورفع الطلب إلى الملك عبدالعزيز، وبالفعل، وقتها كانت المملكة العربية لم تكتشف فيها آبار نفط كي نقول إن الملك عبدالعزيز كان يركض خلف ثروة مالية أو منصب أو جاه، فالسعودية مرت بمرحلة فقر شديد قبل اكتشاف النفط، أما الملك عبدالعزيز بعد توحيد البلاد، فكان أمامه مشروع ضخم، وهو بناء هيكل أساسي لبلد تختلف عاداته وتقاليده من قبيلة إلى قبيلة وكل منطقة وجغرافيتها مختلفة، فضلاً عن التنوع الثقافي الممزوج بثقافات عربية وإسلامية من دول مختلفة في منطقة الحجاز، فتشكل نموذج رائع لثقافات وحضارات متنوعة، حال الفقر التي كانت تعيشها السعودية كان يعرفها القاصي والداني، ذات موارد ضعيفة، قائمة على الزراعة والتجارة والصيد، وبعض المهن والحرف وقتها. اليوم، حينما يمر الـ23 من أيلول (سبتمبر) من كل عام على المملكة العربية السعودية، فإن الشعب السعودي يتذكر بفخر رجلاً

عظيماً أنقذ شبه الجزيرة العربية من كارثة كبيرة لو أنها بقيت ممزقة ومتناثرة هنا وهناك والتهمتها قوى الغدر والاستعمار، وحولت المنطقة إلى قاعدة تمزقها قوى فارسية وأخرى طائفية وقبلية، وبالدرجة الأولى أنه أمن طريق الحجاج.

اليوم بفضل برامج التنمية تنعم السعودية، بعد مشوار صعب، بمدن حضارية تضاهي دولاً ومدناً عالمية أخرى، يعرف ذلك من يقف على مدينة الحجاج في جدة والطرق التي يسلكونها وما توفره من رعاية واهتمام تضاهي خدمات عدة. خلال 87 عاماً لم تبن السعودية مكانة في المحافل العالمية فقط، بل أصبحت تقود العالم في كثير من المنصات العالمية، ونموذجاً مشرفاً لدولة إسلامية رائدة أنفقت بسخاء على توسعة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، قدمت نفسها دولة تنموية إلى جانب المدن الحديثة والمتطورة، فهي لديها الآن مشاريع لمدن اقتصادية وصناعية، وهي تتجه إلى أن تتحول إلى دولة صناعية، وتنوع مصادر دخلها بدلاً من اعتمادها على النفط. أعطت الحكومة السعودية والملوك الذين تعاقبوا عليها أهمية كبيرة للإنسان، وجعلته هدف التنمية في كل شيء، وما أدل على ذلك إلا برنامج الرؤية السعودية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 الذي أعطى المواطن الأولوية في كل شيء؛ فرص عمل، وفتح باب الاستثمار في مجالات متعددة، وأيضاً الإسهام مع القطاع الخاص بعمل شراكة في إدارة مؤسساته وبرامجه، هناك أكثر من 4 ملايين وظيفة متوقعة، منها مليون وظيفة في القطاع الخاص، ورفع حصة مشاركة المرأة في سوق العمل من 15 في المئة إلى 30 في المئة، وتقليص البطالة لدى الإناث، الوجه الجديد للسعودية في القرن الـ20، مدن سياحية ومتاحف، وقرى تراثية ومدن ذات كفاءة عالية، وغيرها من برامج التنمية، فمن حق السعوديين أن يفتخروا بالمؤسس، وهم لا يمكن أن يقارنوه مع أية شخصية عالمية، فالملك عبدالعزيز بنى بلداً من شتات وضرب الإرهاب منذ اليوم الأول وبنى نهضة حديثة تعتمد على التطور والحفاظ على القيم الإسلامية. رحم الله الملك عبدالعزيز، وبارك لنا في الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، ورحم الله أبناء الملك عبدالعزيز الذين تولوا حكم هذه البلاد، فحافظوا على أسسه العظيمة، وهي وحدة الوطن والحرص على المواطن في كل برامج التنمية.

 

نقلا عن صحيفة الحياة