رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر تصنع مستقبلها

أمجد عرار
أمجد عرار

تدخل مصر اليوم ذكراها السنوية الأولى للتغيير الثوري الكبير الذي يضعها على سكّة عصرها الجديد . لكنها منشغلة بلملمة الجراح التي نزفت وقد تنزف ما دام هناك من له مصلحة في استنزافها بالفتن والمؤامرات التي لن تكون آخرها مجزرة

بورسعيد، حتى لو تطوّع البعض لتبرئة أصحاب الفتن . وبالمناسبة، فإن بعض ما رشح من تحقيقات في المجزرة يشير إلى وقوف “الموساد” الصهيوني خلف تلك الجريمة البشعة . التسريبات التي نشرتها وسائل إعلام مصرية تفيد بأن عناصر تابعة لوزارة الداخلية السابقة شاركت في تنفيذ المجزرة بتنسيق مع “الموساد”، والسفارة “الاسرائيلية” في القاهرة ودوائر استخبارية خارجية أخرى تحاول بشتى الوسائل والدسائس والجرائم دفع مصر إلى الوراء، وأن الأدلة باتت في عهدة الأجهزة المصرية التي اعتقلت العديد من المتورطين ووضعت يدها على كثير من الخيوط التي تؤكد أن المخطط أبعد كثيراً مما حاول البعض تصويره، لغايات خبيثة هدفها حرف البوصلة وذر الرماد في العيون، كأحداث شغب رياضي .

في قادم الأيام سيتأكد من يسخّف الكلام عن الفتنة والمؤامرة كم حجم استهدافهما لمصر التي تحاول العودة إلى مقعدها الشاغر في قيادة الأمة العربية . سيكتشف هؤلاء الذين يزعجهم التنبيه لوجود “إسرائيل” أن غربال النفي اللفظي لا يستطيع أن يغطي الشمس، وأن وضع التفسيرات الحقيقية المستندة لسلسلة التجارب الطويلة في قالب من السخرية والتسخيف، لن يخلق رواية تنسجم مع الخيال المريض والمصالح الشخصية الكامنة خلف السفسطة والتضليل .

إبان المجزرة في بورسعيد قال كثيرون إن هذا العدد الكبير من الضحايا يؤكد أن الجريمة تتجاوز منطق الشغف الكروي . لم تكن هناك حاجة لكاتب أن يدخل في دهاليز المسار الجنائي والميداني لأن هذا المجال له مختصوه، لكن إذا كان كل تاريخ مصر الكروي لم يشهد عشرة بالمئة مما حصل، فهل يصبح منطقياً أن يحصل الآن في خضم عملية مضمّخة بالتضحيات لبناء مصر الجديدة على أيدي أبنائها الذين واجهوا كل جبروت النظام الآيل للسقوط، ويواجهون الآن بقايا فلول من المقنّعين والواضحين،

ورفضوا وما زالوا يرفضون أي وصاية على مصر أو تدخّل خارجي في صناعة مستقبلها، فهم صانعو حضارة عمرها سبعة آلاف عام وليسوا أبناء اليوم .

إذا كان للبعض أن يسخّف الحديث عن فتنة ومؤامرة خلف الأحداث الإجرامية والتخريبية في مصر، فكيف يفسّر لنا اعتقال عنصر الموساد الصهيوني الذي تم ضبطه في ميدان التحرير؟ ألم يكن هذا الموسادي مخترقاً النسيج المصري ويستخدم المساجد للتحريض على الفتنة الطائفية؟ وكيف يفسّر اعتقال الشبكة التي اخترقت الاتصالات المصرية ووصلت خيوطها إلى سوريا ولبنان؟

إن وجود أصابع للفتنة والمؤامرة كعامل خارجي، لا ينفي وجود عوامل داخلية مدمّرة للأوطان سواء كانت في أنظمة الاستبداد أو في تخلف شرائح شعبية لأسباب عديدة . وفي الأساس لا يمكن للفتنة أن تنجح إذا لم تعتمد على عوامل محليّة وضعف في الجبهة الداخلية، فالأوطان مثل القلاع لا تقتحم إلا من داخلها . لذلك من نافل القول إن مواجهة هذا الوضع لا تقتصر على المسار الأمني والجنائي، بل تحتاج إلى إصلاح الجبهة الداخلية وسد الثغرات التي يمكن للآخرين أن ينفذوا من خلالها، وتحتاج إلى ورشة كبرى لنشر الوعي القائم على إعداد الإنسان  على أساس المواطنة، وعي يؤسس لربط عضوي بين حرية المواطن وحرية الوطن، لأنه لا قيمة لحرية الإنسان في وطن مستعبد .

نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية