عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر بين شرعيتين.. الميدان والبرلمان

بوابة الوفد الإلكترونية

رغم حرص الكثيرين على تسميته «برلمان الثورة»، إلا أن المؤشرات والأحداث التي وقعت في الجلسة الافتتاحية للبرلمان المصري الجديد وما تلاها، لا تبشر بالخير، بل أثارت قلقا ومخاوف عديدة ومتباينة. فقد بدا المشهد في هذه الجلسة وكأنه صراع أيديولوجيات وعقائد ومرجعيات.

لا صلة لها بالثورة ولا بواقع معاناة الشعب المصري. وعلى ما يبدو فإن نواب التيارين الإسلاميين (الإخوان والسلفيين) لم يستطيعوا الصبر قليلا وتفويت هذه الجلسة الافتتاحية على خير حتى يبددوا شكوك ومخاوف الكثيرين حولهم، خاصة وأن الجلسة شكلية وإجرائية.
فقد اقتصرت على قسم النواب لليمين واختيار رئيس المجلس ونائبيه، ولا مجال فيها لمناقشة أية قضايا، إلا أن عملية قسم اليمين، التي من المفترض أنها شكلية بحتة لا اجتهادات فيها، تحولت إلى مجال لاستعراض القوة والمزايدة والشعاراتية والادعاءات الفارغة.
حيث ان القَسم يتكون من خمسة جمل فقط، مكتوب على ورقة موزعة على جميع النواب، إلا أن البعض من ممثلي التيار الإسلامي آثر المبالغة في إظهار انتمائه العقائدي، بإضافة بعض الكلمات على القسم، الأمر الذي دفع بالبعض الآخر من المسيحيين لإضافة كلمات على القسم تشير لانتمائه الديني.
هذه الظاهرة لا تبشر بأي خير، بل تثير التخوفات والشكوك حول العمل القادم لهذا المجلس، وتعكس في نفس الوقت نية مبيتة لدى البعض للدخول في صراعات ومهاترات تحت قبة البرلمان، لن تعود على الشعب من ورائها أية فائدة تذكر.
كما تتناقض هذه الظاهرة مع روح وجوهر ثورة 25 يناير، باعتبارها ثورة الشعب المصري كله، بكافة طوائفه الدينية والسياسية، وتتناقض أيضا مع ما كان يدعيه البعض في الميدان من وحدة الشعب المصري؛ مسلميه ومسيحييه. ولو كنت مكان رئيس الجلسة لألزمت أي نائب يضيف أية كلمة، بأن يعيد قراءة القسم كما هو بالحرف دون أية إضافة.
ولم يتوقف الأمر عند القسم، بل زادت الخلافات والصراعات عند انتخاب الرئيس ونوابه، ثم اشتعلت عند تشكيل اللجان وانتخاب رؤسائها، حيث ظهرت نوايا الأغلبية لحرمان الآخرين من قيادة أي عمل داخل لجان المجلس، بما فيها لجنة الشباب التي من المفترض أن يزكى لرئاستها أحد ممثلي شباب الثورة من النواب. هكذا كانت البداية لهذا البرلمان الجديد الذي أطلق عليه البعض «برلمان الثورة»،

بينما جلسته الأولى الشكلية والإجرائية ابتعدت تماما عن روح الثورة وأهم شعاراتها، وهو وحدة الشعب المصري، فما بالنا عندما يبدأ هذا المجلس عمله ويتعرض لمناقشة قضايا الشعب وسن القوانين والدستور؟
أخشى أن نرى مهازل ومعارك طاحنة بين النواب، ولهذا أتمنى وأرجو ألا تذاع جلسات المجلس علنا على شاشات التليفزيون للجمهور، حتى لا تتحول مثل محاكمة مبارك إلى استعراضات ومزايدات تتوه معها قضايا الشعب وتزداد معها صورة الثورة المصرية تشوها، ويفقد الشعب الأمل والثقة في كل شيء، فينفجر من جديد ويعود للميدان الذي مازال هو المرجعية الشرعية الوحيدة للثورة.
وحينذاك لن يكون لأحد الحق في أن يطالب بأفضلية شرعية البرلمان على شرعية الميدان، هذه الأفضلية التي سمعناها بالأمس القريب من بعض ممثلي تيار الإخوان المسلمين، الذين قالوا إن البلد لا يحتمل شرعيتين، وان شرعية البرلمان الآن تجُب شرعية الميدان، بل زادوا على ذلك بلغة التهديد، قائلين إن من سيطالب بعد ذلك بشرعية الميدان سيتهم بالفوضى والعبث بمصير الوطن. البرلمان الذي جاء بانتخابات حرة وديمقراطية، وبإرادة الشعب، لا يجوز له أن يلغي إرادة الشعب ويفرض إرادته هو.
والميدان كان ومازال وسيظل هو المرجعية والشرعية الأولى، لأنه يمثل الإرادة المباشرة للشعب، ولغة التخويف والتهديد للثوار باتهامات باطلة، والتي مارستها السلطات كثيرا خلال الأشهر الماضية، لم ولن تفيد، ولن تثني الشعب المصري عن حماية ثورته التاريخية العظيمة، فالبرلمانات تأتي وتذهب ويبقى الشعب للأبد.
نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية