رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خطوة مصرية أولى

بوابة الوفد الإلكترونية

أسدلت مصر الستار على انتخابات أول مجالس الشعب في عهد الثورة الشعبية، ووضعت أول حجر في بناء نظام جديد،

وبصرف النظر عما أسفرت عنه هذه العملية الديمقراطية الكبرى التي شارك فيها أكثر من 27 مليوناً من المصريين الباحثين عن صدى حقيقي لأصواتهم، يترجم من خلال صعود من يرون فيهم ممثلين حقيقيين لتطلعاتهم إلى البرلمان، فإن المحصلة النهائية لنتائج هذا الاستحقاق تضع المصريين على أول طريق جديد، نحو ترسيخ الممارسة الديمقراطية، ليس بالمفهوم الشعبي لها، المرتكز على صندوق الاقتراع كوسيلة وغاية ونتيجة، كأن الديمقراطية بمفهومها الشمولي تقلصت لتصبح من الصندوق وإليه، بل الديمقراطية بمفهومها الشامل، الذي يضم إلى جانب عملية الاقتراع، جوانب مهمة جداً، مثل التعددية واحترام الحقوق والحريات، والعدالة الاجتماعية والقضائية، والشفافية والنزاهة، وإعمال مبدأي المساءلة والمحاسبة .

الأرقام  كما هي العادة  تحدثت عن نفسها وأفشت الأسرار، ووضعت أمام كل فعالية شعبية أو مطلبية أو حزبية، تحديات جديدة أهمها ضرورة وضع جدول أعمال جديد، والبحث عن مكامن العجز والإخفاق والثغرات، بالنسبة لعدد كبير ممن لم يوفقوا في الظفر بأحد مقاعد المجلس ال ،498 وبالنسبة للعدد الأكبر الذي حاز أغلبية كاسحة تجاوزت 71% من مقاعد هذا المجلس، فإن التحدي الأبرز سيكون “الكرسي”، الذي سعى إليه  بكل ما أوتي من قوة، ووظّف تاريخاً حافلاً بالعمل والحشد الجماهيري، وما يحمله هذا “الكرسي” من إغراءات السلطة والنفوذ، والجشع السياسي والمالي، وما يجرّه ذلك من مخاطر الوقوع في فخ الانسياق للتمسك بالسلطة والقوة، ولو كان ذلك على حساب الحقوق المشروعة للشعب في تقرير مصيره، ورؤية انتقال سلمي دوري للسلطة، ما يعني إعادة انتاج للنظام السابق، الذي تغوّلت فيه الأغلبية على الأقلية، فسلبت كل حقوقها، وصادرت أصوات الأغلبية الصامتة المغلوبة على أمرها .

إغراء “الكرسي” هذا، تحدٍ أساسي، للأغلبية ولكل من وجد كرسياً للجلوس عليه، بتوكيل وتفويض شعبي، أراد ل “س” أو “ص” من الأحزاب والشخصيات أن يمثلوه، والحقيقة الراسخة على الأرض، تتمثل في جملة بسيطة مكونة من كلمتين هما “الشعب يريد” .

الشعب المصري يريد التغيير، والعدالة، ومحاربة الفساد، ومحاكمة الفاسدين والمفسدين، والانتقال الديمقراطي السلمي، وبناء نظام التعددية والحريات والحقوق، على أسس الحكم الرشيد، والشعب يريد أيضاً سلطة لا تتمسك ب “الكرسي” كالغريق المتشبث بقشة، ويريد كذلك ممن يمثلونه ان يرقوا إلى مستوى الآمال والتطلعات، ويعملوا على إصلاح ما أفسده السابقون .

لكل من خاض المعركة الانتخابية، سواء من ظفر بتأييد وتفويض الشعب أو قطاعات منه فوصل إلى “الكرسي”، أو حتى الذين لم يتمكنوا من الوصول، رسالة بسيطة ذات مغزى، ملخصها أن الشعب الذي وضع الثقة فيكم ينتظر ترجمة واقعية، وسياسات تلبي بشكل رئيس مطالبه وتطلعاته واحتياجاته، وتحافظ على وضع الشعب مصدراً للسلطات، بدلاً من أن تحوله إلى “رعية” لا حول لها ولا قوة، عن طريق سياسات التهميش والإقصاء، والتغوّل باسم الأغلبية .

مصر أنهت خطوتها الأولى الديمقراطية، عشية الذكرى السنوية الأولى لاندلاع شرارة ثورة الخامس والعشرين من يناير، ولعل هذا التاريخ، وهذه المصادفة، يحملان رسالة مهمة لساسة مصر الجدد، وإنذاراً وتحذيراً لكل من تسول له نفسه الاستفراد بالسلطة، ومصادرة إرادة الشعب، لأن اليوم ليس شبيهاً قط بالأمس، ومصر الثورة علّت سقف التحدي والواجبات لكل من أراد إمساك زمام الأمور فيها، وعلى الجميع داخل البرلمان الجديد وخارجه، وضع هذه الحقيقة أمام أعينهم، والعمل على احترامها، وصون حقوق الشعب وحرياته .

نقلا عن صحيفة الخليج الاماراتية