رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

في ذكرى ثورة لم تأتِ بعد

د. مغازي البدراوي
د. مغازي البدراوي

في ذكرى مرور عام على ثورة الشعب المصري على الفساد والطغيان، أعترف بأنني كنت مخطئاً عندما رفضت وصف هذه الثورة بالانتفاضة، حيث كنت أعتبر الوصف أقل بكثير من حجم الحدث العظيم، لكنني الآن، أرى بالفعل أن الثورة المصرية الحقيقية لم تأتِ بعد، وأرى أنها آتية لا محالة.

فقد حركت انتفاضة الشعب المصري في 25 يناير، المياه الراكدة التي لم يكن أحد يتوقع أن تتحرك، لكن «الزَبَد» لم يذهب بعد جفاء، وما ينفع الناس لم يظهر بعد، فالفساد الذي تفشى في مصر على مدى ثلاثة عقود مضت لا يمكن استئصاله بسهولة، وسقوط رأس النظام لا يكفي طالما بقي الجسد كما هو، خاصة وأن هذا الرأس كان من الخواء والجهل بالدرجة التي كانت تدار من الجسد ولا تديره.
فالنظام الفاسد هو الذي صنع حسني مبارك وحاشيته، وما زالت أركان هذا النظام قائمة وراسخة، وتملك كل مقومات القوة والقدرة على إعادة نفوذها وسيطرتها على البلاد، وهذا ما نراه يحدث الآن على الساحة في مصر.
انتفاضة 25 يناير، بإجماع كل الآراء، كانت شعبية بحتة، ولم يكن لأي قوى سياسية من الموجودة الآن على الساحة، أي دور في الإعداد لها، بل كانوا جميعا (بلا استثناء) يجلسون في مقاعد المتفرجين يتابعون تطور الأحداث، ويراقبون عن كثب تزايد عدد الثوار في ميدان التحرير، ويراقبون أيضا ردود فعل النظام على الأحداث.
وإذا عدنا قليلا بالذاكرة إلى الأيام الأولى بعد 25 يناير، سنتذكر تصريحات وأفعال كل من يزايدون ويدّعون ويحصدون المكاسب الآن، والذين كانوا يدعون الثوار للتهدئة والحوار مع النظام، وعندما رفض الثوار ذهبوا هم جميعا يجلسون ويتحاورون مع رؤوس النظام، ولكن الشارع الثائر كان قد اتخذ القرار الذي لا رجعة فيه، وهو القرار الذي «أجبر» القوات المسلحة على اتخاذ الموقف الذي اتخذته.
وليتها لم تتخذه، فقد جاء هذا الموقف من القوات المسلحة بمثابة «الدش البارد» على نار الثورة الشعبية والثوار الذين كانوا على وشك أن يفرضوا أنفسهم وقرارهم، ويفرزوا من بينهم قيادتهم الثورية التي تقود الجيش وتحمل لواء الثورة.
لقد فتح موقف القوات المسلحة الباب على مصراعيه لكل من ليس لهم علاقة بالثورة والثوار،

ليتسلقوا ويمتطوا صهوة الثورة ويوجهوها لخدمة مصالحهم وطموحاتهم الخاصة، البعيدة تماما عن أهداف الثورة وواقع مشاكل ومعاناة الشعب المصري. ولو كان القدر أمهل نظام مبارك البقاء في الحكم أياما أخرى إضافية، لكان لدينا الآن العشرات من «قوائم العار».
الآن بعد عام من انطلاق الثورة المصرية نتساءل؛ أين الثورة وأين الثوار؟
كافة القوى السياسية التي تتصارع الآن على السلطة، هي نفس القوى التي كانت موجودة في عهد مبارك، ولم تفعل شيئا، ولم تتخذ أية مواقف فعالة ضد الفساد والطغيان، وادعاؤهم بأن قمع واستبداد النظام حال دون ذلك، هو ادعاء باطل أبطلته ثورة الشعب التي هرولوا لامتطاء صهوتها، وساعدهم على ذلك أن الثورة نفسها لم تكن قد أفرزت قياداتها بعد، مما فتح شهية الجميع للصعود والطموح للسلطة.
ولا يستثنى من ذلك المجلس الأعلى العسكري، ومعه الحق في أن يطمع هو أيضا في السلطة، ولمَ لا؟ وهو الذي ينسب إليه الفضل «جدلاً» في إنجاح الثورة، ويسعى الجميع لتملقه ومدح بطولاته؟
الآن لا نرى على الساحة سوى صراعات على السلطة، بين قوى تخدع الشعب بشعارات سيثبت زيفها آجلا أو عاجلا، وشعب يعاني ولا يشعر أحد بمعاناته، وآخرون كانوا بالأمس ثوارا والآن يصفونهم بالهمجيين والفوضويين ولا يتوانون عن اعتقالهم واتهامهم. ولكن يبقى الفضل لانتفاضة 25 يناير، في أنها أشعلت فوهة البركان الذي بدأ في الغليان، واقتربت لحظة انفجاره التي ستأتي بالثورة الحقيقية.
نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية