عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

السلفيون.. من هنا خرجوا!

حسين الرواشدة
حسين الرواشدة

لم ينخرط التيار السلفي في مصر بالعمل السياسي، لكنه استدرك موقفه فجأة بعد الثورة ودخل على خط ’’الاحزاب’’ ليقدم تجربته من خلال حزب ’’النور’’ واستطاع ان يقتحم صناديق الانتخابات متبوئا المركز الثاني بعد الاخوان المسلمين.

تحتاج ’’التجربة’’ بالطبع الى قراءات عميقة، لكن ما يهمنا هنا الارضية التي خرج منها هذا ’’الفوز’’ وارتداداته على صعيد مصر وخارجها، ثم على صعيد تحولات ’’السلفية’’ في بلادنا، وامكانية دخولها الى ’’ملعب’’ السياسة بعد ان تشتت وتعرضت لامتحانات صعبة سواء لاسباب ذاتية تتعلق ’’بتوجهاتها’’ او اخرى خارجية تعمدت التضييق عليها وحصرها في الزاوية.

من داخل ’’ الشبكات’’ الاجتماعية استطاع السلفيون ان يصلوا الى الناس ، وينتزعوا تعاطفهم وثقتهم، وفي الاحياء الاكثر تهميشا وفقرا تغلغل ’’الدعاة’’ في اوساط المجتمع وتفاعلوا مع قضاياه الحياتية، واثبتوا قدرتهم على تجاوز ’’السياسة’’ وتعقيداتها والمضايقات ’’الامنية’’ واجهزتها لبناء قاعدة شعبية، وقد ساعدهم في ذلك تصاعد حالة ’’التدين’’ التي تعاملوا معها بخطاب ديني شعبي وجد من يستقبله ببساطة وسهوله، وفي موازاة ذلك برز ’’دعاة’’ سلفيون اكتشفوا -مبكرا- اهمية ’’المنابر والاعلام’’ فانطلقوا من خلالهما للوصول الى ’’الشارع’’ واستقطابه.

الصحوة ’’السياسية’’ للسلفية لم تكن مفاجئة لمن كان يتابع ’’التطورات’’ الفكرية لهذا التيار، سواء في مصر او في ’’امبراطورية’’ السلفية الممتدة في بلادنا العربية، فقد سبقها مراجعات عديدة وادبيات وجدت صداها داخل التيار ’’على اختلاف توجهاته’’ لكن الاهم من ذلك هو ’’قوة’’ المال التي مكنت ’’التيار’’ من تأمين شبكاته الاجتماعية والاعلامية وجعلت منه واحدا من اهم الفاعلين في الحقل الديني داخل معظم الاقطار العربية وخارجها ايضا.

تجربة السلفية في بلادنا لم تكن بعيدة عن التجربة المصرية لكنها كانت متواضعة في قدراتها الاجتماعية والاعلامية وكانت -ايضا- اكثر تشتتا واقل قدرة على ’’تنظيم’’ نفسها، كما انها تعرضت لمحاولات مختلفة من الاستيعاب والتوظيف والتضييق ايضا، ومع ان فرصتها في الوصول للناس عبر المساجد و’’المنابر’’ في مراحل متعددة كانت متاحة الا انها لم تستثمرها بالشكل المناسب كما انها لم تنجح في ’’انتاج’’ مراجعات عميقة لافكارها ولم تستفد من تجارب ظل هيمنة ’’الاخوان’’ على المشهد العام وقدرتهم على تلبية طلبات ’’التدين’’ المتصاعد وتحديدا في المجال السياسي.

هذا لا يعني بالطبع ان ’’السلفية’’ غير قادرة على ’’المنافسة’’ اجتماعيا

وسياسيا ولكن ذلك يبقى مرهونا بمدى استفادتهم من ’’شبكاتهم’’ الاجتماعية في المناطق المهمشة واستثمارهم لمنابرهم المتاحة سواء في المساجد ام في الاعلام وامكانياتهم الفكرية لانتاج خطاب ’’سياسي’’ جاذب وخطاب دعوي جيد ومقنع، زد على ذلك ’’المناخات’’ السياسية التي اعتقد انها مناسبة اكثر من اي وقت مضى لتشجيعهم على الخروج من مرحلة المواجهة الى مرحلة الممارسة ومن مرحلة ’’التوظيف’’ الى مرحلة ’’المشاركة’’ ومن دائرة الاستقبال الى دوائر الفعل والارسال.

هل يمكننا ان نقول ان ’’السلفيين’’ قادمون؟ ربما، ولكن هذا يحتاج الى وقت اعتقد انه لن يكون قريبا، وبالتالي لا اتصور ان ما حدث في مصر سيتكرر في بلادنا في المدى المنظور.

مع انني اتمنى ان يتمهل اخواننا في هذا التحول لكي لا يقعوا في محذور ’’السياسة’’ التي لم يجربوها بعد. عن (الدستور) ’’السلفيين’’ في البلاد الاخرى ولا استطاعت ان تؤسس ’’لعلاقات’’ عامة معهم الا في حدود ضيقة استفاد منها البعض لاعتبارات مفهومة.

الان، يبدو ان ثمة توجهات لدى اخواننا السلفية سواء في تيارهم الجهادي او العلمي للخروج من دائرة الدعوة الى السياسة، ومع انه سبق واشرت الى وجود نوايا لدى بعضهم لانشاء حزب تحت اسم حزب ’’المجتمع’’ الا ان هذه النوايا ما تزال في دائرة ’’الرغبة’’ لاسباب مختلفة لكن الجديد هو ما حدث من توافقات لدى التيار الجهادي على استبدال العنف بالدعوة السلمية وهذا تحوّل جيد ومطلوب لكنه لا يكفي للدخول في معترك السياسة .

نقلا عن صحيفة الوطن الاماراتية