وتوكول الشبح..المتعاص
شاهدت الفيلم الأخير للنجم توم كروز وهو الجزء الثالث من مجموعة «مهمة مستحيلة» وقد عرض تحت اسم «بروتوكول الشبح».سبق نزول الفيلم دعاية جبارة ليس من الشركة المنتجة فقط ولكن احزر ممن؟ من الصحف والتلفزيونات العربية وخاصة الاماراتية وعلى نحو أخص تلك الراغبة في دعم مدينة دبي واظهارها بالصورة الجميلة التي تستحقها..و يرجع ذلك الى ان جانباً من أحداث الفيلم تدور وقائعه بمدينة دبي وبالتحديد داخل برج خليفة أعلى مبنى في العالم وفي محيط البرج والمنطقة المجاورة له.أفاضت وسائل الاعلام لشهور طويلة في وصف أيام توم كروز بالمدينة العربية، ولياليه التي قضاها يتجول بمعالمها ويتنزه على شواطئها وينعم بمنتزهاتها في أوقات راحته من التصوير، وقد تبدّت في الصحف حالة من الامتنان لصنّاع الفيلم الذين اختاروا مدينة دبي واصطفوها دون غيرها لتكون ساحة لتصوير جزء من الفيلم وبهذا دخلت التاريخ مثلما حدث لمدن أخرى خلدتها السينما الأمريكية فأفلام مثل كازابلانكا وأفلام جيمس بوند وغيرها..ولم لا ومدينة دبي قد قفزت قفزات واسعة في مضمار التحديث والبنية الأساسية وصارت مدينة سياحية من الطراز الأول ينعم زائرها بمستوى ملحوظ من الراحة والرفاهية ويجد في كل مكان بها ما يمتعه ويسليه.
لكن العجيب ان الفيلم قد صدمني، بل أقول أذهلني وجعلني أكره الفيلم وصناعه وأرثي لحال الناس الطيبين الذين استقبلوا صناع الفيلم ورحبوا بهم وأحسنوا وفادتهم وسهلوا لهم التصوير وقدموا ما لا يخطر على البال ليجعلوا اقامة توم كروز ومن معه سهلة وممتعة.بداية أقول ان لنا نحن العرب تراثاً طويلاً من التشويه والاساءة في الأفلام العالمية، ولطالما دأبت هوليود على تقديم العرب في صورة المتخلفين الهمج الذين يعيشون في بيئات قذرة وتحفل مدنهم بالمظاهر البدائية في المباني والشوارع والأسواق، وكذلك في السلوك والتعامل..و ذلك في مواجهة الرقي والتحضر الذي يمثله بطل الفيلم الأمريكي!.كل هذا اعتدناه وشاهدناه في الأفلام التي صورت بالقاهرة وبيروت وبغداد وتونس والمغرب والرياض وغيرها.ومع استيائنا من تلك الأفلام كنا نقول لأنفسنا: نعم..هم سيئوا النية ولا يحبوننا، لكنهم في النهاية لم يصوروا سوى الواقع..صحيح أنهم تجاهلوا الأماكن النظيفة ومظاهر التحضر واهتموا بتصوير الأحياء العشوائية وأكوام القمامة، لكنهم لم يخترعوها، وعلينا ان ننظف مدننا قبل ان نلوم من يسيئون الينا بتصويرها.لهذا كانت صدمتي كبيرة في هذا الفيلم الذي تم تصويره في واحدة من أنظف وأجمل مدن العالم..و كان يكفي للكاميرا ان تتجول بحيادية في أي مكان تشاء من المدينة لتقدم للناس صورة حلوة عنها وعن أهلها، ولكن الزبانية من الصهاينة صناع الفيلم دسوا على المدينة ما ليس بها وقاموا بتشويه جمالها وركزوا على مناظر من اختراعهم أساءت لدبي وقدمتها في صورة رديئة للغاية..فعلـى سبيل المثال اندفعت الكاميرا في عمق الصحراء ورأينا سيارة تسير وعلى جانبيها الرمال من كل جانب، وهذه صورة لا علاقة لها بمدينة دبي..ربما يكونون قد صوروها داخل الصحراء الاماراتية المترامية على
نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية