رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وتوكول الشبح..المتعاص

شاهدت الفيلم الأخير للنجم توم كروز وهو الجزء الثالث من مجموعة «مهمة مستحيلة» وقد عرض تحت اسم «بروتوكول الشبح».سبق نزول الفيلم دعاية جبارة ليس من الشركة المنتجة فقط ولكن احزر ممن؟ من الصحف والتلفزيونات العربية وخاصة الاماراتية وعلى نحو أخص تلك الراغبة في دعم مدينة دبي واظهارها بالصورة الجميلة التي تستحقها..و يرجع ذلك الى ان جانباً من أحداث الفيلم تدور وقائعه بمدينة دبي وبالتحديد داخل برج خليفة أعلى مبنى في العالم وفي محيط البرج والمنطقة المجاورة له.أفاضت وسائل الاعلام لشهور طويلة في وصف أيام توم كروز بالمدينة العربية، ولياليه التي قضاها يتجول بمعالمها ويتنزه على شواطئها وينعم بمنتزهاتها في أوقات راحته من التصوير، وقد تبدّت في الصحف حالة من الامتنان لصنّاع الفيلم الذين اختاروا مدينة دبي واصطفوها دون غيرها لتكون ساحة لتصوير جزء من الفيلم وبهذا دخلت التاريخ مثلما حدث لمدن أخرى خلدتها السينما الأمريكية فأفلام مثل كازابلانكا وأفلام جيمس بوند وغيرها..ولم لا ومدينة دبي قد قفزت قفزات واسعة في مضمار التحديث والبنية الأساسية وصارت مدينة سياحية من الطراز الأول ينعم زائرها بمستوى ملحوظ من الراحة والرفاهية ويجد في كل مكان بها ما يمتعه ويسليه.

لكن العجيب ان الفيلم قد صدمني، بل أقول أذهلني وجعلني أكره الفيلم وصناعه وأرثي لحال الناس الطيبين الذين استقبلوا صناع الفيلم ورحبوا بهم وأحسنوا وفادتهم وسهلوا لهم التصوير وقدموا ما لا يخطر على البال ليجعلوا اقامة توم كروز ومن معه سهلة وممتعة.بداية أقول ان لنا نحن العرب تراثاً طويلاً من التشويه والاساءة في الأفلام العالمية، ولطالما دأبت هوليود على تقديم العرب في صورة المتخلفين الهمج الذين يعيشون في بيئات قذرة وتحفل مدنهم بالمظاهر البدائية في المباني والشوارع والأسواق، وكذلك في السلوك والتعامل..و ذلك في مواجهة الرقي والتحضر الذي يمثله بطل الفيلم الأمريكي!.كل هذا اعتدناه وشاهدناه في الأفلام التي صورت بالقاهرة وبيروت وبغداد وتونس والمغرب والرياض وغيرها.ومع استيائنا من تلك الأفلام كنا نقول لأنفسنا: نعم..هم سيئوا النية ولا يحبوننا، لكنهم في النهاية لم يصوروا سوى الواقع..صحيح أنهم تجاهلوا الأماكن النظيفة ومظاهر التحضر واهتموا بتصوير الأحياء العشوائية وأكوام القمامة، لكنهم لم يخترعوها، وعلينا ان ننظف مدننا قبل ان نلوم من يسيئون الينا بتصويرها.لهذا كانت صدمتي كبيرة في هذا الفيلم الذي تم تصويره في واحدة من أنظف وأجمل مدن العالم..و كان يكفي للكاميرا ان تتجول بحيادية في أي مكان تشاء من المدينة لتقدم للناس صورة حلوة عنها وعن أهلها، ولكن الزبانية من الصهاينة صناع الفيلم دسوا على المدينة ما ليس بها وقاموا بتشويه جمالها وركزوا على مناظر من اختراعهم أساءت لدبي وقدمتها في صورة رديئة للغاية..فعلـى سبيل المثال اندفعت الكاميرا في عمق الصحراء ورأينا سيارة تسير وعلى جانبيها الرمال من كل جانب، وهذه صورة لا علاقة لها بمدينة دبي..ربما يكونون قد صوروها داخل الصحراء الاماراتية المترامية على

الرغم من ان أحداث الفيلم لا تدور بالصحراء، وانما قُصد زرع وتثبيت الصورة النمطية عن بلادنا..حتى لو قمنا بتشجير الصحراء وبناء المدن الحديثة فوقها فانهم ينأون عن هذا ويصورون الرمال!.ثم انهم وهو الأغرب لم يقوموا طوال ساعة كاملة من أحداث الفيلم بتصوير أي مكان من دبي التي نعرفها ويعرفها السياح الذين يفدون اليها من كل مكان..قاموا بتصوير كروز وهو يتسلق برج خليفة دون ان يقدموا صورة بانورامية للبرج تظهر روعته، وانما قدموا رجلاً يزحف فوق النوافذ والشبابيك في لقطات مقربة مقصودة، ثم انهم قدموا لقطات للميناء لا يعرفها أحد ممن عاش هناك ويعرف شكل الميناء جيداً، وصوروا كذلك مطاردة مفترضة في شوارع دبي لم نر فيها غير أماكن عجيبة بها خيام ورمال!..و فوق كل هذا رأينا سحابة رهيبة من الغبار تابعها الفيلم منذ لحظات تكونها وصورها وهي تقترب من المدينة حتى تغطيها تماماً وتغرقها في الظلام الدامس الخانق.ولقد برهن صناع الفيلم على تعصب مقيت وكراهية ظهرت واضحة عندما انتقلت أحداث الفيلم لتكتمل في مدينة بومباي الهندية..بومباي التي يعرفها كل من زارها كمدينة مزدحمة خانقة تعج بالبشر الهائمين على وجوههم، وتمتلئ بمظاهر العشوائية والقذارة والتسول والسلوك الخشن..هذه المدينة تم تقديمها في أبهى صورة فرأيناها أروع من طوكيو وأجمل من سنغافورة وأكثر أناقة من جنيف..تم اخفاء كل ما يسوء بها وذلك على عكس ما فعلوه بدبي التي طمسوا جمالها وشوهوها.وعلى الرغم من هذا فقد رينا توم كروز يتم استقباله في مهرجان دبي السينمائي استقبالاً اسطورياً كما لو كان الرجل سفيراً للنوايا الحسنة يمثل امارة دبي ويقدمها للعالم في أحلى صورة.يبدو أننا نستحق ما يحدث لنا لأننا لا نجرؤ حتى على اظهار الغضب في وجه من يسيء الينا ولكن نعامله بأريحية وكرم.. وربما تكمن المصيبة الحقيقية في أنهم بدبي قد ظنوا ان الفيلم يحييهم ويقدمهم في صورة طيبة.!.

نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية